(1)
قالت البنت لأخيها: ما هو الفرق بين الحياء العام والحياء الخاص؟ قال أخوها: ماذا؟ ماذا جرى لك؟ ماذا تقولين؟ قالت: لقد عاكسني واحد قليل الأدب في الشارع ليس عنده حياء، وفجأة قفز إلى ذهني هذا السؤال؟ قال أخوها: أي سؤال؟ قالت: ما إذا كان ما ينقصه هو الحياء العام، لأنه عاكسني في شارع عام، أم أن ما ينقصه هو حياء خاص، لأنه خصني بالمعاكسة دون سواي؟ قال أخوها: يا خبرك أسود، لقد جرى لعقلك شيء والله العظيم، اسمعي: دعك من هذا الكلام الفارغ، أريد منك خمسة جنيهات سلفا، قالت: حين ترد لي العشرة جنيهات القديمة، قال: يصبحون خمسة عشر، وسوف أردهم لك عشرينا بالتمام والكمال. قالت: اسم الله عليك، هذا ربا فاحش، قال: خلاص، خلّها حلال، زلال، قالت: ما دمت لن ترد لا هذا، ولا ذاك، فهو ليس ربا لا فاحش ولا غير فاحش، قال الشاب: عليك نور، فتوة بالمقاس حسب الطلب، توصيل للمنازل، هل عرفت كيف أنني ألتزم تماما بشرع الله، قالت أستغفر الله العظيم.
(2)
قالت البنت لأمها: لقد حلمت حلما أخشى أن أحكيه لأحد، قالت الأم: أحسن، قالت البنت: أهكذا يا أمي؟ قالت الأم: هكذا ماذا؟ أنت تضحكين علىّ، كلما أردت إبلاغي شيئا ملتويا ألّفت حلما بالمقاس، قولي لي ما تريدين مباشرة بلا لف ولا دوران، قالت: أريد أن أكون حرة، قالت الأم: ماذا تقولين!! هذه قلة أدب، قوليها حلما أحسن، قالت البنت: حلمت أنني أسبح بين أمواج السماء بنعومة منسابة، حتى وصلت إلى السماء الخامسة، فتلقفتني الملائكة بحنان لا يطاق، فانقلبت إلى كرة طائرة، وأخذت الملائكة يتقاذفونني كأطفال من باب الشعرية، قفزوا داخل نادي الجولف بالقطامية من فوق السور، وبعد ظهر يوم الجمعة اليتيمة، فتحولتُ إلى عصفورة، وهربتُ من بين أيديهم، فواصلوا اللعب دون كرة، دوني، فرحت أتفرج عليهم وأعجب كيف أنهم ما زالوا يلعبون دون كرة.
قالت الأم: اللهم طوّلك يا روح، متى تكفين عن التخريف لم يبقى على الامتحان سوى أسابيع، انتبهي لدروسك، ثم بعد الامتحان خرفي كما تشائين والصقي تخاريفك بأي حلم كما تشتهين، قالت البنت: أنت جميلة يا أمي، تقرئين داخل داخلي، لكن قولي لي يا أمي: هل أنت حرة؟ قالت الأم: بطلي قلة أدب، حرة؟ قال حرة قال، كله إلا هذا. قالت البنت: الحرية قلة أدب؟ قالت الأم: طبعا، تريدين أن تمشي على حل شعرك، وتقولين حرة!! قالت البنت: أنت تعرفينني يا أمي، قالت الأم: طبعا أحفظك عن ظهر قلب، لهذا أقول لك: خلّ عندك حياء ولا تقولي حرة ثانية، قالت البنت: حياء عام أم حياء خاص؟ قالت الأم: ماذا؟ قالت البنت: سمعت أنهم سوف يخصخصون الحياء العام مثلما فعلوا في القطاع العام، قالت الأم: ربنا يكملك بعقلك.
(3)
قال الشاب لأبيه: وأنت يا أبي ألا تفكر أحيانا أنه،.. يعني،.. يا ليت أنه "كذا أو كذا"؟ قال الرجل منزعجا: "كذا" ماذا يا قليل الأدب؟ قال الشاب: وهل أنا قلت شيئا، ماذا تحرك بداخلك يا أبي بمجرد أنني قلت كذا أو كذا؟ قال الرجل: داخلي؟ مالك أنت بداخلي؟ اصطبح وقل يا صبح، قال الشاب: ما هذا يا أبي، نحن بعد العشاء، قال الرجل: لقد أربكتني الله يخيبك، قال الشاب: صباح الفل، يا سيد الكل. قال الرجل: تسخر مني يا ولد!!؟ قال الشاب: أنا؟ هل أنا الذي قلت "اصطبح" ونحن قرب منتصف الليل، لعله مفعول القمح المسرطن، قال الرجل: قمح ماذا؟!! قال الشاب: القمح الليلة، الليلة، ليلة عيده، قال الرجل: هل وَصَلتْ إلى هذه الدرجة؟!! هكذا؟ قال الشاب: يا أبي أنت الذي بدأت، شيءٌ ما تحرك بداخلك بمجرد أن سألتك إن كنت تفكر أحيانا أنه "كذا أو كذا"، قال الرجل: أنا المخطئ أنني رفعت الكلفة بيني وبينك، لم يعد عندكم حياء من أصله، قال الشاب: حياء خاص أم حياء عام؟ قال الرجل: هل ستدخل لي قافية؟!! قال الشاب: أنا أحبك يا أبي، قال الرجل: يا ليت، وهل تركوا لنا فرصة أن نصدق حتى أن أبناءنا يحبوننا، قال الشاب: ولا يهمك، سوف ننتزع الفرصة من بين أنيابهم، وسوف نفعلها، قال الرجل: يا ليت. قال الشاب: قلت لك سوف نفعلها. قال الرجل: على البركة.
نشرت في الدستور
23- 5 – 2007
اقرأ أيضا:
تعتعة سياسية: الحب يخلـّق الوطن، وبالعكس! / تعتعة سياسية: أنت معنا أم مع الحكومة؟!!! / عن الموت والفقد والقتل والحياة!!