ثلاثة أسابيع كاملة قضيتها بمملكة السويد سألني خلالها صديقي إبراهيم. هل بالفعل السويديون باردون كما يشاع عنهم في بلادنا؟ واليوم أستطيع أن أجيب عليه بخبرة أعلى واحتكاك أكبر.هم شعب متواضع فيبدو خجولا. قيمه الأساسية هي الإنسانية. بسيط المظهر، يعتبر التباهي وإظهار الغنى نوعا من الابتذال. الآن يحكمه الحزب اليميني الديمقراطي ولكن الفكر الاشتراكي الذي أرسى قواعده لسنوات بالسويد طبع الكثير من الخصائص على سلوك المجتمع.
ومما أعطى التجربة غنى أكبر هو أن تدرس الصحافة والديمقراطية في هذا المجتمع شديد التحضر مع زملاء صحفيين من عالمك (آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية) تجربة أكدت قناعتي بأن قيمة الإنسان ليست في كونه من عالم أول أو ثالث لكن في صلابته الداخلية وقدرته على الاستمساك بحقه في العيش بكرامة وعدم إهداره لكرامة الآخر. ذلك المعنى الذي كتبه عبد الرحيم منصور وتغنى به الرائع محمد منير "لا يهمني أسمك، لا يهمني عنوانك، يهمني الإنسان ولو مالوش عنوان". تجربة متميزة بإشراف سويدي كان أحد مخرجاتها موقعا على شبكة الإنترنت يمكنكم الإطلاع عليه على العنوان التالي: www2.fo.hik.se/jd07/index.html.
يضم الموقع نصوصا تحمل خبرات شخصية حول المرأة في غرفة الأخبار وموقعها كمصدر في الإعلام ورشوة الصحفيين ورقابة الدولة والرقابة الذاتية للصحفي وكيف تحافط كصحفي على قيمك وأخلاقياتك المهنية في ظل الفساد والظروف المعيشية الصعبة. كما يضم شهادات صعبة لصحفيين وسط الأشلاء والدم المسال في العراق وأفعانستان وإيران. وصورتنا في عيون الإعلام الغربي.
وتبقى إحدى أكثر الخبرات إدهاشا، لقاؤنا مع الصحفي السويدي "إريك لونجرين" الذي سجل حوارات مع رئيس الوزراء السويدي السابق جوران برسون على مدى عشر سنوات كاملة وصدرت في حلقات وثائقية بعد تركه منصبه كما وعده. كان عنوان اللقاء "قريب من القوة..قريب من الشعب". ولكن ما كان مدهشا حقا في اللقاء هو حديثه عن استقلالية التلفزيون السويدي رغم كونه تابعا للدولة.
أما ما لم يكن مدهشا لي على الإطلاق هو عدم وجود خبر رئيسي عن مصر في الصحافة العالمية عندما قمنا بورشة عمل مع صحفيين سويديين وكان من ضمن المهمات عرض الخبر الرئيسي عن منطقة الشرق الأوسط في الصحافة العالمية... أهذا خير أم شر؟ على أي الأحوال مصر بحاجة إلى تضحيات كبيرة حتى تأخذ موقعا لها.
اقرأ أيضاً:
هل نحن ديمقراطيون؟/ الخادمة المصرية