من مصر أرسلت الأستاذة هالة (23 سنة)تقول:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ أنا متابعة دائمة لهذا الموقع وأحيي جميع القائمين عليه. النهارده شاهدت برنامج الحقيقة على قناة دريم وهو برنامج رائع وكان موضوع اليوم ملكة جمال مصر وشاهدت كيف وصلنا إلى هذا المستوى من الفجور والبجاحة أب وأم كل همهم ظهور بنتهم شبه عارية في إحدى المجلات ولا يهمهم شكل المسابقة أصلا إذا كانت تصلح لنا كمسلمين أم لا ولكن هم موافقيْن على ظهورها بهذا الشكل على جميع الحاضرين وليس على صفحات المجلات والمفاجأة بالنسبة لي توقيع الأب بالموافقة على لبس بنته المايوه أصلا.
أين الخوف من الله؟؟؟ أين الإسلام أصلا؟؟ أين المسلمون؟؟
يا رب اهدي
21/5/2007
تنعقد مسابقة (ملكة جمال مصر) ثم تتوقف، ولكنها منذ سنوات أصبحت منتظمة بشكل سنوي دوري!! وخريطة اهتماماتنا وبرامج قضاء الوقت واستثمار الطاقات عندنا تحتاج إلى مراجعات. وما أسهل الإدانة وإطلاق الأحكام، وطبعا المسابقة سخيفة ومهينة ومرفوضة حتى في بلدان أخرى، لأنها نوع من النخاسة، وتشبه بيع وشراء الجواري، ولكن لماذا يقبل والد لابنته ما تقولين؟! وكيف ترضى أم أن تتعرى ابنتها.. الخ؟! ولماذا ينشغل الناس بمتابعة هذه الأحداث شغفا أو لعنا أو تسلية أو حسرة؟!
طبعا هناك تفسير سهل وشائع، وهو وصولنا إلى مستوى من الانحدار والفجور والبجاحة، وغياب الدين، والخوف من الله... وكل هذا مفروغ منه، وإذا كان كذلك تصبح رسالتك مجرد نفثه غيظ يتيحها موقعنا، وأهلا بك، وبكل مغتاظ يريد أن ينفث أو يتنفس أو ينفس!! والأهم أن ندرك ما بين السطور، وما وراء التفاصيل والتصرفات.
فالإيمان لا يرتفع هكذا فجأة أو جملة واحدة، وعرى الإسلام تنتقض واحدة تلو الأخرى، وإذا عرفنا من أين يأتي الانحلال يمكن أن نربط أو تنقذ ما يمكن إنقاذه، ونعالج ما فسد، هذا إذا كان الهدف هو ذاك، وإلا فإن الولولة ولطم الخدود، وشق الجيوب، والبكاء على اللبن المسكوب، والحياء المفقود، هذه كلها طقوس أصبحنا نجيدها بامتياز، ونحترفها ونستمتع بها فيما يبدوـ من قبيل عمل شيء في سبيل الله!!! ولو كان البكاء يصلح الأحوال لقضيت العمر أبكي، وعندنا الكثير مما يستحق ذرف وإفراز الدموع!!
الفتاة التي تشترك في هذه المسابقة تحلم بالعراء وبالشهرة والنجومية، وتعرفين أن أغلبية معتبرة من اللائي يرفضن ممارسة التعري، لا مانع لديهن من الاستماع أو قضاء الوقت الطويل في الإصغاء إلى مطربة تتعرى وأن يحلمن بعالم النجومية والشهرة والمال مثلها، ولا مانع لديهن من متابعة آخر قصة شعر، وأحدث نيولوك ظهرت به، ويظهر هذا في ملبس ومسلك كثيرات ممن يرتدين شبه حجاب!! متأثرة بفستان تلبسه نجمة، أو صورة الغلاف التي ظهرت فلانة عليه، أو الحوار الصريح الذي أدلت به للمجلة أو الصحيفة أو القناة الفضائية، ولا مانع لديهن من دأب المتابعة لما ينشر أو يذاع عن حياة هذه، أو فضائح تلك من مطربات أو راقصات الغناء بالجسد، أو نجمات فنون الإغراء والإثارة فيما هو اليوم أغلب الإنتاج المرئي والمسموع والمتداول على كل محمول وكمبيوتر وشاشة تنظر إليها!!
ألا يكون هذا نوعا من التناقض المذموم، ويستحق النقض والملاحقة لأن كل من تتابع وتتكلم وتحلم بنجمة من هؤلاء إنما تضيف دعما وسببا وتشارك في الضغط على أخرى لكي تحلم وتتطلع في نفس الاتجاه، والفارق أن البعض يكتفين بالحلم وحفظ وسماع الأغاني، وشرود الذهن صباحا أو مساءا، بينما أخريات يمتلكن "الجراءة" على التنفيذ، ويذهبن إلى مدى أبعد بالمشاركة في مثل هذه المسابقات التي هي باب ونافذة لاختيار "الجميلات" في عصر الصورة، وهذا بعض ما تفعله الصورة والشاشات بنا فأين أنت وصديقاتك وقريباتك؟!
وسامحيني إذا قلت أنني أحترم من تحاول الاتساق مع نفسها، فهي تريد أن تكون نجمة ومشهورة، وذات طلة ساحرة، وحولها الأضواء والإعجاب والآهات، ثم هي تسلك الطريق إلى هذا، وأنا معترضٌ على الأمر برمته، لكن هذه عندي هي أكثر انسجاما من الأخرى التي تلاحق آخر أغنية، وتحفظ الفيديو كليب الأحدث لفلانة على جهازها النقال لتريه لصديقتها، أو تجعل رناتها أغنية لهذه أو تلك من أية نجمة شبه عارية!! تحلم ومعجبة وتتابع وتهتم بهن، ثم عندما تقلد من فتاة جديدة نلعنها!!! ونشتم أهلها!!! ولو توقفنا، أو توقفت أغلبية منا عن هذا الكذب والنفاق والتناقض والازدواجية، وبالتالي قاطعنا بأغلبية ساحقة هذا القطاع من الحياة، أو هذا العالم كله بصحفه وأخباره ونجومه، ونشرنا نحن للجمال والتميز والنجومية أساليب وصور وأشكال أخرى، وأنشطة أنفع وأمتع من مجرد متابعة أخبار هؤلاء، فنصنع نحن حياتنا ورموزنا، وكل واحد حر!!
لو أسكتنا ومنعنا –بأغلبية ساحقة- كل شاشة نملكها، وكل هاتف نحمله، وكل حاسوب نعمل عليه، وكل فضائية أن نشاهدها طالما هذه هي مادتها المفضلة!! ولو كففنا عن إطلاق التهم والتلاوم، وانتبهنا للأهم فكففنا عن تقديس الجسد، أو التمحور حول الجسد: تغطية أو تعرية، حيث قرار الحجاب هو أهم قرار في حياة الفتاة، لأن جسدها هو أهم ما فيها، كما تتصور، أو كما يراد لها أن تتصور، إنما إذا أفسحنا المجال لعقل الفتاة فيتألق، ونحتفي به حين يتألق، أو بذوقها في الأدب والشعر، وكل نواحي الإبداع غير الجسدي، لو أننا احترمنا وشجعنا كل تفوق يكاد أن يظهر، أو يبادر فيظهر فعلاً، من هذه البنت أو تلك، لو أننا صفقنا للعقل الجميل حين يبرز من امرأة، وانتبهنا للنفس الإنسانية المجتهدة فيها في معامل العلم، ودروب العيش الشريف، كما نتحلق حول جسد عاري، وكما ننتبه إلى نهد تبرزه صاحبته، أو مؤخرة تشد عليها الثياب، أو تنحسر عنها فيسيل اللعاب، أو تنصب اللعنات!!
لو أننا جميعاً فهمنا واحترمنا واحتفينا بالمرأة/الإنسان المتكامل كما خلقها الله، وليس مجرد اختصارها إلى المرأة/ الفتنة/العورة/ الجسد!! أقول "لو" وأرجو أن تفتح هذه المرة بابا مختلفا لمستقبل أفضل، وأهلا بك.
واقرأ أيضًا:
على باب الله: الإعلام الذي نحتاجه/ على باب الله: عزف منفرد