تاراباتاتوووه (10) شائعات
جولة في دبي !
كثيرا ما سمعت ممن سافر بالخارج أن هناك احتراما للمواطن وأن له قيمة!
وكنت أستقبل تلك الكلمات بالقليل من الحزن والكثير من السخرية رافعة شعار "تعيش مصر حرة مستقلة" وأدندن بصوت عميق يخرج من داخلي ممزوجا بصوت شادية ما شافش الرجال السمر الشداد وصبايا البلد ولا شاف النيل ولا سمع مواويل، وكنت بداخلي أخرج لساني لهم ضاربة بما يقولون عرض الحائط، وتمر السنين وأسافر أنا!!
وتكون اللطمة الأولى على وجهي في المدينة العالمية والتي استحقت بجدارة قيمتها الدولية ألا وهي "دبي" وكنت مسافرة وأنا أحمل نفس طريقة التفكير محتفظة بإحساس أكثر إصرارا وعمقا نحو حب تراب الوطن، فكنت حين أدخل الفندق أشعر أنه قد دخل من ورائي لتوه شخص عظيم أتصوره أمير الإمارة! فأنظر خلفي متوجسة خجلى إلا أنني لم أره أبدا يأتي ورائي وفهمت بعدها أن هذا الشخص المهم الذي ينتفض له كل من في بهو الفندق وتبتسم له الموظفة النشطة المقبلة على الحياة هو شخصي الضعيف!
وأن من يوصلني للمصعد أو من ينظف لي الحجرة مرتين يوميا لا يبتسم ولا يتملق من أجل "بقشيش" وإنما هو ذوق وأدب واحترام وعمل، فسائق التاكسي لن يتشاجر معك إطلاقا فهو يعمل بناء على العداد الذي يعمل أوتوماتيكيا وإذا حدث أي ظرف فمشوارك بدون مقابل!
وتمر أيامي هناك فأجدني أستقبل شعورا غريبا بالخجل فلا أعلم أأخجل من ذوقهم؟ أم أخجل من خدمتهم المستميته لي بشكل مستفز؟ أم أخجل من كوني اكتشفت أنني لا أعرف أن لي في الأصل قيمة؟!!!
وسألت نفسي مرارا وتكرارا ألهذا الحد نحن محرومون؟ ألهذا الحد لا نعرف ما هي حقوقنا؟ هل للحق معنى لدينا نعرف اسمه؟ هل نعرف تفاصيله؟ هل نعرف كيف نحصل عليه؟ هل نعرف ممن نحصل عليه؟ أهناك بحق وطنا عربيا أخيرا يتمتع برضاه عن حاكمه؟ شعب مليء بطنه وعينه وفكره وثقافته فبات كبيرا؟ فسيارة "ابن راشد" تسير في الطريق دون "زفة" فلماذا يخاف؟
دوامات وأسئلة لا تنتهي، وأصبحت أرى العربي الذي يزور بلدي الحبيب ليس في الحقيقة متكبرا أو يرانا "حثالة" وإنما هو مواطن تربى على أن له قيمة في حد ذاته وله حقوق وعليه واجبات فحين يأتي هنا يجد تلك القيمة مهدرة أو مقرونة بحفنة النقود التي سيلقيها على الأرض ليحصل على آدميته قيتصرف في حدود المطروح فنقرأه نحن تغطرسا وصلافة!
وكما رأيت كل هذا الجمال هناك وكنت أختبئ في داخل نفسي حزينة إلا أنني وجدت الكثير مما لا أرضاه وسأكتب عنه في وقت لاحق ولكن واجب لوطن عربي حقق أمنا وأمانا لمواطنيه حين نتحدث عنه للمرة الأولى ألا نتكلم عن سلبياته الآن وأجدني أسمع من داخلي صوت شادية تقول ما شافش الرجال... السمر الشداد... وصبايا البلد أصلوا معداش على مصر وأشعر بحبي الشديد لتراب مصر ولكن تلك المرة بالقليل من السخرية والكثييييييييييييير من الحزن.
ويتبع >>>>: تاراباتاتووووووه (12)
واقرأ أيضًا:
يوميات مجنونة صايمة مقدمة / من أنت؟