-1-
قالت البنت لأبيها: يا أبي ماذا كنت تتمنى أن تكون لو لم يخلقك الله إنسانا؟ قال: نعم! نعم،!!!؟ قالت: لقد سمعتني، قال: لكنني مستغرب، من أين لك هذا السؤال؟ قالت: من ربنا، قال: كيف؟ قالت: حين كنت أشاهد قناة الحيوانات، أقصد القناة الجغرافية، ثم حولت حضرتك القناة إلى الأخبار، ورأيت شلالات الدم تتدفق من ضحايا ذلك الغول الغامض، تمنيت أن أنتمي إلى القناة الأولى، قال الأب: لكن دنيا البشر ليست هي هذه الدماء والأشلاء فقط. قالت: وهل نحن البشر نحافظ على نوعنا، مثل سائر الأحياء؟ يخيل إلي أن قيادة النوع البشري آلت إلى يد روبوت أسطوري بلا عقل، ولا قلب: ركبه غرور جبان، فطاح فينا قتلا، ثم راح يقتلنا بنا في بعضنا، ناسيا أن لعبته الشيطانية سوف تنقلب عليه بكل ما عليها من قتلة وضحايا، فتسحقه. لا يمكن أن تكون هذه خلقة ربنا. لو استسلمنا له فنحن أدنى من أي حيوان، قال : ألهذا سألتيني سؤالك الغريب هذا؟ قالت: ربما.
- 2 -
قالت الأم للبنت: هل تصرين على الإجابة؟ قالت البنت: نعم، قالت الأم: أنا، أنا شخصيا كنت أتمنى أن أكون ضفدعة، أتقافز بين الماء واليابسة، قالت البنت: يا خبر! أتعرفين بم أجاب أبي؟ قالت: اسم الله عليه لابد أنه قال أنه يتمنى أن يكون أسدّا. قالت البنت: حرام عليك يا أمي، لقد قال إنه كان يتمنى أن يكون قردا يقفز بين أفرع الشجر؟ فما هذا الذي فعلتماه بي أنا وأخي، لماذا أنجبتمونا بشرا؟ قالت الأم: نحن نمزح يا شيخه، أنت تلحين في السؤال ونحن نسايرك، قالت البنت: لا أظن، أن الذي أراه في التليفزيون لا هزل فيه. قالت الأم: ماذا ترين في التليفزيون؟ قالت: هو هو ما ترينه أنت وأبي، وكأنكما لا تريانه، الآن فهمت لماذا. قالت الأم: فهمت ماذا؟ قالت البنت: فهمت أنه إذا تزوج قرد ظريف ضفدعة رقيقة، لا ينجبان بشرا يقتلون بعضهم البعض إلا بعد أن يلغوا عقولهم، ويكبّرون أولادهم كارهين عميانا، يتقاتلون بأمر الروبوت المجرم الغامض، لتجري الدماء برِكاً وأنهارا كما نراها هكذا. قالت الأم: أنت تخرفين، قلت لك لقد كنا نمزح، لقد أخذناك على قدر عقلك، فلا تتمادي. قالت البنت: حتى النمور داخلنا كان يمكن أن تروضوها لصالح ما خُلِقْنا له، لبعضنا البعض، قالت الأم: نمور ماذا يا بنت انت وأنا أخاف من قطة سوداء على السلم، قالت البنت: النمور بداخلنا. علينا أن نستوعبها، حتى لا تنطلق منا أبشع من أجدادنا النمور الأخرى، قالت الأم: والله ما أنا فاهمة حاجة، قالت البنت: أحسن.
-3-
قال الشاب لأخته: هما لا يمزحان ولا هما يقولان الجد، قالت: فماذا إذن؟ قال: لا أعرف، أنت التي طرحت أسئلة غريبة لم تخطر على بال أي منهما، قالت: هذا ليس صحيحا، نحن الذين نهرب من البديهيات داخلنا. قال: ومن قال لك أن لهما علاقة بداخلنا؟ قالت: أليسا هما اللذان أنجبانا؟ وهات يا تصنيف، كيف نسيا ثم أنسيانا طبيعتنا، قال: وما هي طبيعتنا، قالت: طبيعتنا هي تاريخنا، إما أن نتحمل مسئوليتها أو يقتل بعضنا بعضا هكذا، قال: لست فاهما..، المهم أنني أتعجب أكثر حين تسيل الدماء على الناحيتين باسم ربنا، قالت: ولا يخجلون!!
-4-
قال الشاب لأخته: أنتِ هرّابة، لمْ تقولي بعد كل هذا، ماذا كنت تريدين أن تكوني أنت إذا لم تأخذي هذا المقلب وتولدين إنسانة، نتاج مؤسسة جمعت بالصدفة بين قرد وضفدعة؟ قالت: كنت أود أن أكون عصفورة، وأنت؟ قال: لا.. أنا متمسك بنوعي بشرا، قالت البنت: يا خبر!! بعد كل هذا الذي نرى ونسمع، قال: لا أريد أن أكون بشرا من الذين يُدْخِلُون بعضهم بعضا النار، فهم هم القتلة أصحاب بحور الدماء الجارية بلا حساب، أرُيدني إنساناً كما قلتِ أنتِ، قالت: وهل أنا قلت شيئا، قال: ألم تقولي علينا أن نحمل تاريخنا كله لنكون بشرا إليه، قالت: أنا قلت ذلك؟ قال: هذا ما سمعته منك، قالت: هل يمكن أن أقول ما أنا لست فاهمة إياه؟ قال: يمكن.
-5-
قال الولد لأخته : طيب، وهذا الدبليو البوش قائد مجازر القتل وبرك الدماء، ماذا هو؟ أي حيوان بداخله؟ قالت: اخص عليك، حيوان ماذا؟ إنه لا ينتمي إلى أي كائن حي، هو لا يرقى أن يكون حيواناً، هو مسخ آلي شاءه مثل الروبوت الأعمى.
قال أخوها: أنا أحبك.
نشرت في الدستور 13-6-2007
اقرأ أيضا:
تعتعة سياسية: هذا الكسل العقلي، وما حدث للمصريين!! / تعتعة سياسية: العِطْر والكُفْر!!!