ـ1ـ
قالت البنت لأخيها: صاحبتي...!! قال أخوها: من؟ قالت: أنت تعرفها، تلك التي دعتك معي لعقد قرانها، قال: مالها؟ قالت: جنت. قال: يا خبر أسود!! ماذا تقولين؟ قالت الذي حدث، قال: تمزحين، أليست هي التي كانت أولى دفعتها؟ قالت: هي بعينها. قال: فكيف تقولين أنها جنت؟ قالت: وهل يجن إلا هؤلاء الأوائل؟ قال: لا تتمادى في المزاح، تكلمي جدا، حدث؟ قالت: بعد عقد القران، لم تعد تتصل بي، ثم أخذت تتجنبني، وسمعت أنها تهيم حبا به طوال الوقت، فدعوت لها، وانسحبت، ثم أمس: جاءتني بغير موعد، وقالت لي إنها لم تعد تعرف كيف تستمر في الحياة بعد ما لحقها منه من إهانات، وحين استفسرت منها حكت لي كيف أن زوجها/ خطيبها راح يتمادى في الإهانة كلما تمادت في الهيام والتعلق به، وحين أنذرته أنها سوف ترد الإهانة بالإهانة، هجرها باستعلاء، فهددته بالمعاملة بالمثل، فقلبها غما وتمادى، فرعبت واعتذرت، فزاد وتغطرس، فانسحبت وعاودها عناد المتفوقين، فركب رأسه ولجأ إلى القانون حتى حصل على حكم المحكمة بالطاعة، وحين تسلمت الحكم، تظاهرت لنفسها بالغضب، لأنها في أعماق فرحت ورحبت، وعليه ذهبت إلى قسم البوليس وهي تتمنى لقاءه "بأمر الحكومة"، قال أخوها: يا خبر أسود، وهل يمكن أن تحكم المحكمة بمثل ذلك؟ وأي فرحة هذه بحكم كهذا؟ قالت: فرحة بلقاء الحبيب!! أي والله، هذه هي المصيبة. قال: كله إلا هذا. قالت انتظر: البقية ألعن، قال: وهل يوجد ما هو ألعن، قالت: اتصل به البوليس فامتنع عن استلامها، وبعد انصرافها ذليلة مكسورة، حضر جنابة للقسم وأتم إجراءات طلاقها بمحضر رسمي!! قال: تستاهل، مع أنني أكاد لا أصدق، قالت: وأنا كذلك.
ـ2ـ
قال الشاب لأخته: هل قرأت المكتوب في الصحف اليوم؟ قالت: أنت تعرف أنني لا أقرأ الصحف، ولا أستمع للأخبار، قال: إنه خبر الصفحة الأولى في كل الصحف، قالت: أولى!، أخيرة! أنا مالي، قال: إنه خبر مختلف، ليس عن الفساد وألعاب الحواة لتغطية هذا "المحسوب المدلل"، أو كشف ذاك "المغضوب عليه"، إنه خبر في السياسة الخارجية، قالت: مالي أنا بلعبة الكلمات المتقاطعة هذه التي تقتلون بها الوقت وتسمونها "سياسة"، قال: هل تذكرين كيف لم نصدق أنا وأنت ما لحق بكرامة صاحبتك؟ قالت: طبعا، ولكن ما علاقة هذا بذاك، قال: الأخبار التي أشير عليك بقراءتها تفسر موقفها، قالت: يا دي المصيبة، هل نشرت الصحف حكاية صاحبتي؟ لابد أنك أنت الذي أبلغتهم!! قال: أقول لك أخبار سياسية، تقولي صاحبتي؟ قالت: وما علاقة السياسة بكرامة صاحبتي؟ قال: حين قرأت هذه الأخبار شعرت بالإهانة بنفس الدرجة التي شعرت بها صاحبتك فيما حكيت، قالت: والله العظيم أنت الذي جننت وليست صاحبتي المسكينة، قال: المسألة ليست في جنوني أو جنون صاحبتك، المسألة إنني تبينت أن هذا هو الخط العام الذي نعيشه، هي لم تفعل إلا ما تفعله حكومتنا السنية، الفرق الوحيد أن حكومتنا السنية لم تشعر بالإهانة مثل صاحبتك.
ـ3ـ
قالت الأم للأب: أنا مشغولة على بنتنا هذه الأيام، قال الرجل: أنت مشغولة عليها باستمرار، وليس فقط هذه الأيام، قالت: هناك شيء جديد، هي لا تأكل، ولا تكاد تغادر حجرتها، قال: لا عليك، أزمة وستمر، قالت: ثم إنها تسألني عن تنازلي عن كرامتي، هل أنا صحيح تنازلت عن كرامتي؟ قال: اسألي نفسك، قالت؟ وأنت؟ قال: البركة فيك، قالت: والحكومة؟ قال: البركة فيهم.
ـ4ـ
قالت البنت لأبيها:... خلاص،... سحبت أوراقي من الكلية، قال أوها: إياك. قالت: لقد أشرت لحضرتك من قبل باحتمال ذلك، قال: وقد نهيتك عن تفسيرك الغريب لبلادة ما تدرسون، قال: يا ليتها بلادة إنها استهانة إن ما يحشرونه في عقولنا قسرا، وما يسطحون به وعينا غباء، لا يمكن الصبر عله من إنسان يحترم نفسه، نحن لم نعد في الجامعة نعامل كبشر، خلقنا لله وكرمنا، بعقولنا ووعينا. قال أبوها: وما الغريب في ذلك! ؟ كلنا هكذا، فهل نسحب أوراقنا جميعا من الوطن، أم من الحياة؟ قالت: من الاثنين، هذا أحسن نمن أن ننتظر حتى يحدث لنا ما حدث لصاحبتي؟ قال: وماذا حدث لصاحبتك؟ قالت: هو هو ما حدث لحكومتنا السنية في الجامعة وغير الجامعة؟ قال: وماذا حدث لحكومتنا السني، قالت: هو هو ما تفعله بنا حكومتنا السنية، قال: لا، لقد زودتها بجد، ما علاقة كل هذا ببعضه، وبالكرامة أصلا؟
قالت: اسأل أخي.
اقرأ أيضا:
تعتعة سياسية: التصوف الإسلامي بالألماني... والقاتِل العِـنّين! / تعتعة سياسية: العِطْر والكُفْر!!! / تعتعة الكبار بأناشيد الصغار (1)