أرسلت أسمى (39 سنة، باحثة طبية) من السعودية تقول:
على باب الله: صاحبي يسأل، وأنا أتساءل
كل مواضيعك أسئلة يا دكتور.
إذا كنت أنت بكل هذه الحرية التي تعيشها والحركية التي تتمتع بها وتتساءل.. ماذا نقول نحن اللواتي نرفل في الأصفاد ونتململ في الأغلال؟
ألم يئن لكم أن تعملوا أي حاجة ولو بالنوايا لكي نجد الأجوبة؟ هل من مجيب؟
ذهب زمان المعتصم وكل الgo getters
24/7/2007
فوا أسفاه!
أهلا بك... في ثقافتنا وممارساتنا المعاصرة أسباب ودواعي كثيرة للندب والولولة، ولدينا "العديد" (وهو فن منقرض لإنشاد المراثي الشعبية)، وكذلك عند إخواننا الشيعة طقوس متواترة في اجترار الألم والحزن على ما فات، والشعور بالفقد للراحلين العظماء، والماضي الذي ذهب، ولا نرى إمكانية تعويضه، وتجميع السلبيات ونقاط السواد في الواقع والبيئة المحيطة، وهي كثيرة أصلا، ما في هذا شك!!
الخطورة في هذه المنظومة من المكونات هي تشويه كامل لنظام التفكير، ومن ثم الأداء، وإحباط كامل على مستوى الشعور، وإدراك مختل ومضطرب للواقع ثم تكريس للعجز عند أسباب القصور، وعدم تجاوزها إلى فعل شيء إيجابي!!
ونغرق في الأحزان بكاء عل ما فات، وربما نفلت منه أحيانا، ولكن إلى انتظار بارد لما أو لمن لا يجيء، وبين اليأس وخيبات الأمل نعيش الحسرة والضياع!!
تعالي نحاول أن نرى أصدق:
ما هي الحرية والحركية التي أتمتع بها، بينما أنت محرومة منها؟!
حرية وحركية القول، وربما التأثير في قطاع من الناس يدخلون إلى شبكة الإنترنت، أو يشاهدونني على الفضائيات من آن لآخر؟!
ألا ترين أن هذا يمكن أن يضيع، أو بالأحرى يتوه وسط صخب وفوضى عارمة نعيشها في المفاهيم والممارسات؟!
حركية وحرية إصدار الأصوات، ورص الكلمات، وأنا هنا لا أقلل من قيمة الكلمة في التأثير والتغيير، ولكن تأملي معي: ما الذي يمكن أن تكوني محرومة منه من هذه الحرية والحركية؟!
أنت أيضا تكتبين، ولك أسلوبك اللغوي المتميز، كما هو واضح من رسالتك، ثم أنت تختارين تماما في اتجاه تكتبين، وتقودين قارئك، أو تثيرين أفكاره أو مشاعره!!
أنت أيضا يمكن أن تتحركي بين صديقاتك، لأن تتحركي بين الإنترنت والواقع بهامش لا بأس به، فأنت امرأة تعمل وتخرج من البيت، ويمكن أن يكون لخروجك هذا منافع كثيرة، ويمكنك أن تكوني مؤثرة جدا في قطاع لا يستهان به، ولكن هذا مشروط برغبتك وقدرتك وإرادتك في فعل هذا.
كلنا نملك أفعالا كثيرة جدا، وآفاق الحرية والحركية صارت الآن أكبر بكثير مما سبق، ولكن هذا مرتبط بكيفية تفكيرنا وإدراكنا وتقييمنا لما هو نحن، ولما هو واقعنا، وإمكانيات الحرية والحركة الممكنة، والباب مفتوح على مصراعيه للاجتهاد والابتكار والإبداع، وأنا أعجب لأن القيود والأغلال قد صارت جزءا من التكوين النفسي لنا من طول القهر وخيبات الأمل، وهذا كله ليس قدرا نهائيا، ولكن تلزم مبادرات نفسية نعيد فيها التفكير بكثير من المسلمات الخاطئة التي تراكمت بداخلنا عن أنفسنا، وعن العالم، حتى صرنا لا نرى العالم كله إلا من خلال قوالب لفظية فارغة، أو أكليشيهات سابقة التجهيز، ولا تساعد على الفعل والانعتاق، من قبيل "زمن المعتصم"، وأخواتها!!
اسمحي لي أن أقول أن هذا الأسلوب في التفكير ليس إيجابيا، وليس علميا، ولا نافعا، ولا واقعيا في الحقيقة، لأن واقعك أنت ـوليس أناـ ممتلئ بإمكانيات ظاهرة وخفية يمكن تفعيلها واستثمارها، بينما أنت مستسلمة ـومثلك كثيرونـ لإدراك مشوه، وإحباط مسيطر، ومرارة تحرق دمك، وتأكل عقلك ومشاعرك!!
تبقى نقطة وهي قولك: ألم يئن لكم أن تعملوا حاجة؟!
ولا أدري لمن توجهين هذا التساؤل، ومن تقصدين بمن ينبغي ـطبقا لتصوركـ أن يعملوا حاجة؟!
هل يحتكر أحد الفعل دون آخرين؟!
هل هي إشارة إلى أن الرجال ـغير المعتصمـ يمكن أن يفعلوا شيئا بعد ذهب زمانه، وأسفاه!!
وإذا كان هذا الزمان قد صار بلا رجال، طبقا للبعض، فمن ننتظر أن يعمل حاجة؟!
الرجال برضه؟! أم أننا ينبغي أن نتوقف عن هذه التقسيمات النمطية والنوعية والفاشلة، وأن يبذل كل منا وسعه، ويستثمر إمكاناته، ويخوض معاركه، بدلا من أن ينتظر غيره يخوضها بالوكالة عنه!!
ليس معقولا ولا متوقعا أن تجدي أحدا عاقلا يقبل بمواجهة أسرتك أو البيئة التي وضعتك في الأغلال ليكسرها ويحررك، إنما الأكثر واقعية طبقا لمنطقك ولأي منطق سليم أن تخوضي معاركك ونساعدك نحن بلا مرارة ولا بكاء ولا انتظار معتصم.
ويتبع >>>>>: حزب ومعتصماه: عندما ترعى الذئاب م
اقرأ أيضًا:
على باب الله: عسر ويسر، وبيبسي وفقر: مشاركات/ على باب الله: الله يا مولانا، أصداء وردود