تعتعة الكبار بأناشيد الصغار (1)
الحق في الغضب!
قالت البنت لأخيها: أبي!!! قال أخوها: ماله؟ قالت: لماذا أصبح هكذا؟ قال: هكذا ماذا؟ قال: انْكَتَم وهَدَأَ وسَكَتْ، قال: ما حكايتك؟ لم يكن يعجبكِ حين كان يشخط وينطر ويصيح، وهو لا يعجبك الآن لمّا هدأ وسكت. قالت: أنا لا أتكلم عن أي من ذلك، أنا أتكلم عن الغضب، أبي لا يغضب لشيء، ولا يغضب من شيء، قال: ما هذا!!؟ كأنك تدافعين عن الغضب، قالت: أليس الغضب تصرفا طبيعيا، لعلنا أحوج ما نكون إليه الآن، قال: نحن لم نشاهد أهالينا وهم يمارسون غضبا حقيقيا طبيعيا حتى يمكننا أن نتعرف عليه، وحين كنا نغضب خلقة ربنا تعاملوا معه على أنه "قلة أدب"، فتوارى حتى نسيناه قالت: يظهر أنهم خَصْخصُوا الغضب ليصبح قاصرا على بعض رجال الأعمال إذا ما عارضتهم لوائح أو قوانين تعطل سُعار الجمْع،
أو تصادمت مصالحهم مع بعضهم البعض، قال: لكنه لاح لي مؤخرا في غضب العمال والمدرسين، والأطباء، والعطشى، قالت: بصراحة: أنا لست متأكدة أن هذا الذي لاح هو غضب مِن الذي أعنيه، لعله أقرب إلى الصراخ أو الاستغاثة، قال: وهل للغضب أنواع؟ قالت: نعم، عرفت ذلك –أيضا- من أحد أناشيد أختنا الصغيرة، قال: ماذا؟!!! قالت: كما عرفت أن "حق الغضب" هو من حقوق الإنسان، قال أخوها: حقوق ماذا؟ أخشى أن يدخلوه ضمن تلك الحقوق المشبوهة التي تستعمل من الظاهر، قالت: بصراحة، أنا محتارة في حكاية حقوق الإنسان هذه وجماعاتها، هل هي لعبة مرتزقة، أم "سبوبة" أذكياء، أم حكايات جادة؟ هل لها فاعلية أصلا؟ قال: هي شيء أحسن من "لا شيء"، قالت: حين أتابع ما يجري عندنا وفي كل دنيا المظاليم عبر العالم، أتصور أن "اللاشيء" أحسن، فهو أدْعى للغضب، تصور أنني حين سمّعت تلك الأغنية من أختي، أو لعله نشيد، رحت أردده معها، ثم شعرت أنني أريد أن أعيده مرارا بدونها حتى حفظته؟ قال: تتكلمين جدا، لكن ألستِ معي أن هذا التلويح للأطفال بما ليس عندنا نحن الكبار، يمكن أن يكون كذبا بشكل ما، قالت: معك حق، ما أبأسها أختنا حين تكبر وتتبين أن "حق الغضب" هو من الحقوق الممنوعة أيضا.
قال أسمعيني الأغنية الله يخليك ما دمت قد حفظتها، قالت: اسمع يا سيدي، لكن لابد حين ترددها أن تغنيها بموسيقاها، وبصوت عال، لقد فرقت معي حين سمعتها بصوت مؤلفها في موقعه www.rakhawy.orgقال: سأحاول، قالت: اسمع يا سيدي:
الغضب من حقي برضُهْ،
الغضبْ مِشْ كلُّه يعن ز بعضُهْ.
ما هو لازم إني أغضبْ،
لما يحصل اللي يِِـِغـْضِبْ.
الغضبْ للحق واجبْ
الغضب مع بعض ضدّ المفتري،
يبقى ثورة ضد ظالمْ، ضد غاصبْ.
بس يعني،
لو غَضَبْ كده والسلامْ
زي كورة فرقعتْ، لما شاطها الجون قوامْ
بعد ما دخلت شبكـْتُـهْ
راح عاملها يداري خيبتـُهْ
يبقى مش هوّا اللي أنا قصدي عليه،
نعمل إيه؟!!!!
لمَّا نغضب ننتبه : إمتى، وإيه،
ضد مين؟ ولْحدّ فينْ؟ وبكامْ، وليهْ؟
لما تغضبْ وأنت مش قادر تحس،
باللي جنبك.
يعني تتفجر وبسْ،
باللي عندك,
تبقى باظت حسبتكْ، مهما حاولت
يبقى طاش سهمك يا ريتك ما غضبت
لمّا أزعّق أوي خلاص دا مش غضبْ
دا ساعات يمكن يكون قلّـة أدبْ
لما بأغضب وأنفجرْ، مش بأجمّع يا خسارة،
يفلت المعيار كأني وحش كاسر لسه طالع من مغارة
بأنسَى نفسي.... بالـْغِـي حسي
يجروا منّي............ ألقى إنّي :
مرمى منبوذ غَصْب عني
إنما غضبى اللي هوَا.. لسّه جوّهْ،
ده يا خويا حاجة تانية، بس "هوّه".
آه دا لو وجّهنا طاقته ناحية اللي اللي يستاهلها
راح تكون ثورة بصحيح... بس يورثها الْلي عـــامِلْها
مش تروح ثمرتها للي كان بيتفرّج علينا
وإحنا نتسوح ونرضى مرة تانية باللي فينا
نشرت في الدستور 25-7-2007
ويتبع >>>>>: تعتعة الكبار بأغاني العيال (3)
اقرأ أيضا:
تعتعة سياسية: العِطْر والكُفْر!!! / تعتعة سياسية: كرامة الناس.. وكرامة الحكومة! / تعتعة سياسية: اختبار الأحزاب بالرنين السياسي