كان حوارا ممتعا ذلك الذي أجريته عبر محطة إذاعة عنكبوتية أي انترناتوية مع صديقتي المذيعة الأمريكية السوداء أو "الأفرو أمريكان" وهي التسمية التي يطلقونها على الأمريكيين من أصول إفريقية.
"سبيريت"(هذا هو اسم الشهرة لصديقتي ويعني"الروح") تبث برنامجها الإذاعي من مدينة أتلانتا بولاية جورجيا بالولايات المتحدة الأمريكية وتدعو فيه مستمعيها إلى التحدث بحرية عن العلاقات والحب والجنس. جلست مبتسمة وأنا أتابع الحديث من داخل الأستوديو وهي تدعو مستمعيها إلى المشاركة برأيهم حول سؤال لمستمع ورد للبرنامج عبر البريد الإلكتروني عن (لا أدري كيف أصيغ السؤال فالأمر جد محرج ولكن ذلك ليس ببرنامجي على أية حال) السؤال هو هل من غير المفضل ممارسة الجنس الفمي في أول مواعدة أو لقاء عاطفي؟ فانفجرت ضاحكة واشمعني الجنس الفمي يعني فردت علي سبيريت إذن لنصيغ السؤال بالشكل التالي هل الجنس الفمي هو الأكثر حميمية؟
ثم تطرقت مكالمات المستمعين وكان معظمهم من الرجال حول علاقة طليقاتهن ببوي فردهن أي أصدقائهن. وكان أذكى تعليق قد جاء من إحدى المستمعات ردا على تعليقي المستغرب لحديث الرجال عن علاقة زوجاتهن السابقات ببوي فردهن ببساطة دون أن أتلمس مشاعر غيرة... فسألتني المستمعة عن أي غيرة تتحدثين وأنتم النساء المسلمات تقبلن أن يتزوج رجالكن عليكن...
أعجبني السؤال... فجاء صوت أمريكي أفريقي مسلم ليدافع عن تعدد الزوجات وكانت إجابتي إن الآية القرآنية تبيح زواج الرجل بأربعة نساء كما تسمح له باقتناء الجواري لكننا كمجتمع إسلامي نرفض الرق والاستعباد قد أبطلنا ممارسة ذلك الحق فهل آن الأوان كي نعيد النظر فيما يتعلق بتعدد الزوجات؟ وقد أحيا في ذهني تلك قضية العبودية حديث دار بيني وبين سبيريت في الصباح عندما اصطحبتني لزيارة "الأندر جراوند" وهو سوق شعبي تحت الأرض به محال صغيرة لبيع العطور محلية الصنع ومصوغات ذات طابع إفريقي وأكشاك لبيع بعض المنتجات الإثنية والطعام.
وهذا المكان كان يستخدم قديما كسوق لتجميع العبيد المجلوبين من إفريقيا حيث يعرضون وهم مقيدون من الرسغ والأقدام ليمر المشترون القادمون من كافة أنحاء الولايات الأمريكية لينتقون ما يريدون من عبيد .إنها صفحة مظلمة في تاريخ البشرية تمثل إحدى جرائم الجنس الأبيض حولوها إلى مكان للهو والتسوق. في البداية لم أتفهم أسباب كراهية "سبيريت" لهذا المكان فأعطتني مثالا واضحا ماذا لو حولوا أحد المعتقلات النازية التي مارس فيها رجال هتلر جرائمهم ضد الإنسانية إلى مكان للهو...... إن مكانا كهذا يمثل تاريخيا مكان ألم وذل وعار على البشرية من اللائق أن نحوله إلى متحف حول تاريخ مقاومة الاستعباد لكن الرجل الأبيض لا يريد من يذكره بجرائمه لذا تظل النفوس غير متطهرة... فأين الخلاص بدون فهم ووعي ومحاسبة...
اقرأ أيضاً:
سلطة بلدي جرئ نادية كامل/ بين موما ويو موما ساعتان بالقطار