تساؤلات من مسلمات مقهورات (1)
السؤال الرابع:
(هل تعتبر البنت مرتكبة لحرام بحال السفر رغما عن أهلها؟)
بحال بلوغها كلا، ولكن يفضّل العمل الجاد على كسب رضا العائلة لحفظ التراحم الأسري.
السؤال الخامس:
(متى يحق تمرد البنت على الأهل؟ وما هو رأي الشرع بهذا؟)
لا أعرف لماذا أجد استعمالا لكلمة "تمرد"، ذلك أن التمرّد باللغة العربيّة هو العصيان وتجاوز الطاعة، ولا أعتقد أن هذا الذي تربيه لأن به الكثير من المردود السلبي عليكِ وعلى عائلتكِ. سأستعيض بكلمة استقلال على تمرّد، وأعتقد أن الاستقلال يمكن أن يتم بحال وجوب البلوغ والعقل والرشد والمكانة الاقتصادية التي تهيئ حياتا كريمة للمرأة، فليس من المنطقي أن تعيش بعيدا عن أهلها وهي مدانة، إذ قد يورطها هذا وقد يوقعها بمشاكل كبيرة. أما مقصدي بالرشد فهو مفهوم باللغة العربية، لأن الرُشد هو عندما يكون الإنسان "صالحا في دينه ومصلحا في ماله" وعلى هذا الأساس فإنني اعتبرت التمكن الاقتصادي جزءً من تحقيق الرشد للرجل والمرأة على حد سواء.
السؤال السادس:
(ما حكم من يرفض الأب تزويج من تختاره المرأة؟ وما حكم الأمر بالقضاء السعودي؟)
أولا، المرأة لا تحتاج رأي الولي في أمر الزواج إذا ما استندنا للفقه الإمامي والحنفي والشافعي، وقد أورد المحقق الحلي ذلك بكتابه "شرائع الإسلام" في الجزء الثاني/ باب النكاح/ صفحة 502:
{وتثبت ولاية الأب والجد للأب، على الصغيرة، وإن ذهبت بكارتها بوطء أو غيره (74)، ولا خيار لها بعد بلوغها على أشهر الروايتين. وكذا لو زوج الأب، أو الجد للولد الصغير، لزمه العقد، ولا خيار له مع بلوغه ورشده، على الأشهر. وهل تثبت ولايتهما على البكر الرشيدة (75)، فيه روايات، أظهرها سقوط الولاية عنها، وثبوت الولاية لنفسها في الدائم والمنقطع. ولو زوجها أحدهما (76)، لم يمض عقده إلا برضاها. ومن الأصحاب من أذن لها في الدائم دون المنقطع (77)، ومنهم من عكس، ومنهم من أسقط أمرها معهما فيهما، وفيه رواية أخرى، دالة على شركتهما في الولاية، حتى لا يجوز لهما أن ينفردا عنها بالعقد. أما إذا عضلها الولي، وهو أن لا يزوجها من كفء مع رغبتها، فإنه يجوز لها أن تزوج نفسها، ولو كرها (78) إجماعا. ولا ولاية لهما: على الثيب مع البلوغ والرشد ولا على البالغ الرشيد (79). ويثبت ولايتهما على الجميع (80) مع الجنون. ولا خيار لأحدهم مع الإفاقة، وللمولى أن يزوج مملوكته، صغيرة كانت أو كبيرة، عاقلة أو مجنونة ولا خيار لها معه. وكذا الحكم في العبد. وليس للحاكم: ولاية في النكاح على من لم يبلغ (81)، ولا على بالغ رشيد.}
أي هذا الكلام يعني أن الولي هو الأب أو الجد بحال غياب الأب، والولاية على البنت مشروطة بعدم رشدها، أما ولو كانت دون الرشد وثيّبا، فإنها تملك 50% من القرار بينما يملك الولي نصفه الآخر. أما البالغة الرشيدة فإنها تزوج نفسها لمن تشاء، مادام مسلما بالغا راشدا و به شروط الزوج. أيضا، بالباب ذاته يناقش المحقق الحلي عدم قدرة تدخل الأخ بالقرار إلا ضمن شرط أن يكون الجد والأب والأم متوفين، وأن البنت قاصرا تصغره وهو بالغ رشيد, أي لا يؤخذ برأي صبي بالسادسة عشرة من عمره بأخته القاصر، بل برأي الأقرب لها وهو العم. كما لو أن الأب كافرا أو مشرك فلا ولاية له على القاصر. الأم لها ولاية على ابنتها القاصر بغياب الأب أو الجد، ورغم أن هذا تفسير أكثر مما يجب إلا أنه قليل بالنسبة للفقه الإسلامي الذي بالغ العلماء لأن يكون واضحا كي لا يحدث أي اغتصاب للحقوق. والسبيل للزواج شرعيا هو عقد بين الرجل والمرأة وفق شروط الزواج ويفضل أن يكون بمحكمة لحفظ الحقوق. وبحال استحالة هذا فيجب الانتظار حتى أن تستقل المرأة ماديا وحياتيا لتتزوج ممن تريده بمحكمة إسلامية لا تنحو منحى التعصّب.
طبعا ما أقوله هو فقه الأماميين الشيعة ويشترك به معنا الشوافع والأحناف والقادريين والتيجانيين وغيرهم، عدى بعض المذاهب كالوهابيّة أو ما يسمى بالسلفية. وبما أن القضاء السعودي يعتمد على السلفية، فإن ما كتب أعلاه هو "كفر" من أناس مهدوري الدم (الشيعة) وبالتالي فإن للقضاء السعودي ما يريده كيفما يريده ولا نقاش لنا بذلك لأنه باب مسدود وحلقة مفرغة.
السؤال السابع:
(جرائك الشرف والعذرية، ما هي الحدود؟)
طبعا، جرائم الشرف هو مصطلح غير عادل، فلا يوجد شرف يبرر الجريمة، لأن الجريمة من الإجرام والإجرام هو التعدي على حقوق الغير أو حقوق الذات بلا حق. يا سيدتي، من تزني أو يزني أو يشذ أو تشذ، فإن لهذا مفاهيم بالمحكمة الإسلامية أو القانونية المعاصرة (المستندة للإسلام) بأغلب دولنا العربية، ولا يوجد معنى للجرم بحال ثقتنا بالقانون. لا أريد النقاش بآلية عمل القانون بشكل عام والقانون الإسلامي بشكل خاص لأن هذا سيستغرق الكثير من الوقت، في حين أن المقال أصبح طويلا دون هذا الشرح.
أما العذريّة فهي قضية تتعلق بعدم الممارسة الجنسية قبل الزواج بكل ما لهذا من مفاهيم مادية وأخلاقية. أغلب النساء العربيات اليوم بتن متأثرات بالنموذج النسوي التحرري للمرأة، حيث تكون مستقلة جنسيا وتضاجع ما تشاء من رجال و نساء كحيوانات. لا تفهمي أنني ألمز لحضرتك، أبدا فأنتِ أكرم من هذا، ولكن ما أقوله هو أن قضية البكارة صارت هاجسا كبيرا للكل، ناسين بأن البكارة والعذرية مسألة جزئية من مسألة أهم وهي أخلاق البنت وتصرفاتها بشكل عام. لا أدعو هنا لتجاهل واحتقار العذرية، فبعد كل شيء، العذراء لها طعم فريد للرجل، ولكني أدعو لعدم المغالاة والهلوسة بأمر العذرية، وأحيي أن مستشاري مجانين قد كتبوا الكثير عن الأمر حتى قطُرت الصحف بحبرهم.
السؤال الثامن:
(هناك كثير من العلم مغيّب لا نسمعه ولا نقرأه ولا أحد يتحدث عنه فلماذا؟)
لم أفهم أي من العلوم تقصدين، ولكن أيّا كان العلم فإنه تقريبا ممنوع في دول ذات النظام الشمولي دينيا كان أو لا دينيا أو يساريا أو يمينيّا على حد سواء. إن تسيس والتحكم بالإعلام ومصادر المعلومات ليس جديدا على الدول الشمولية، فالإتحاد السوفييتي مارس ذات السياسة وكذلك العراق بزمن صدام حسين أو ألمانيا النازيّة. لكن، من حسن الحظ أن الإنترنت تساعد كثيرا بتبديد هذه السُحب ويمكنك تحديد نوع العلم الذي تطلبينه لأزودك بما يكفي من المواقع والمراجع.
السؤال التاسع:
(ما هي حدود سلطة الوالدين والذكور في العائلة وهل كلهم أولياء أمرها؟)
لا سلطة للذكور عليكِ بوجود والديكِ، ولا سلطة لوالديكِ عليكِ بحال بلوغك ورشدك وتمكنكِ المادي، ولكن طاعة الوالدين واجبة بما هو خير للإنسان وهذه الوجوبية تقديرية وليست فرضا. أي على الإنسان أن يعمل لرضا والديه ولكن ليس للدرجة التي تضر به أو ترغمه على الوقوع بالخطأ أو الخطر.
أنا أحاول جاهدا أن أغيّب صورة هذه الخطوط الصارمة عنكِ، فلا يمكنك أيضا أن تتصوري بأن تعاملك مع أهلك مشروط بحقوقهم وحقوقك لا غير، فكثير من الأمور بحاجة لمنطقة رمادية وبحاجة لمزج المشاعر الأسرية بها لتحقيق راحتهم وراحتك.
السؤال العاشر:
لا ترغم ويمكنها العيش مستقلة بحال كونها بالغة ورشيدة و قادرة على أن تستقل اقتصاديا. لكن دعيني أسألك، أتعتقدين أن بعدك عن أهلك يحل المشكلة؟ على النقيض. إن مشاكلك (إن وجدت) بحاجة لحل جذري مع أسرتك، من خلال خلق منظومة تعامل جديدة ويتم هذا بشكل بطيء نوعا ما فلا تستبقي النتائج.
أما الكيف، فهذا أمر يحتاج لجلسة جديدة. أشكر لكِ وقتكِ وثقتكِ وشكرا لمن قرأ واستفاد.
مع فائق الاحترام
*اقرأ أيضاً:
وضع شبابي أن تكون شابا عام 2005 / رأي بشأن حلاقة الشوارب / لماذا أنا قومي؟