(من وحي شروقٍ لاح كالغروب، ثم أشرق..)
ما لاح فجر الأمس إلا وهو ينعي أنه: قد ماتت الأحلام من خوفٍ عليها من سياط القهر أو ذل السؤال. الفجر يكذب حين يعلن أنه يوم جديدْ. بلا جديدْ.
الشمس واحدةٌ، والسُّحْبُ واحدةٌ: هل مشرقٌ؟ أم مغربٌ؟ أم أنّ نبض الكون ماتْ؟ لم تبقى إلا صورة الأفق المجمَّـدِ في ضبابٍ أسنٍ، وبلا حراك؟ يترنح الغسـقُ الجريح بنزْفه يسري خفيا بين ثنيات الضباب المُستباح. تتلاحق الخطوات حول المعبد الخالي من الشيخ المقدس والحقيقة.
أضحى الزمان بلا زمن. ما عاد رسم الوجه يحكي ما يريد، ما عاد نبض الوحي يدفع نحو أفقٍ واعدٍ. ما عاد أحدٌ يستطيع.
من ذا يصدق أنني لم أعنِي حرفا من نعيق البوم هذا؟ من ذا يصدق أن شيطان القريض الأخبث النعّـاب جرّ اللفظ مني دون إذني؟ هذى القصيدة كــِـذبةٌ حمقاءْ،.. ليستْ أنٍَا. هي أبعد الأشياء عني، فأنا أعيش برغم ما زعَـمَتْ.
إني هنا أحيا برغم الظلم والآلام واليأس المغلّـفِ بالسكون وبالكسل ْ. إني أعيش برغم كل رطانهم وغبائهم ومواتهم: أهلي أنا. أمضي كمثل بعوضة فقدت جناحيها إذا أنا لم أكن منهم/بهم. من قال إنا لا نساوي أن "نكون" وأن "نصير"؟!
أنا لست إلا ما أريدُ بما أفيدْ، أنتم كذلكَ بل وأكثر، وأريدكم نحيا "معا"، ولماذا لا؟؟!! مهما بدا أن الذي نحكيه شعرا ليس إلا منتهى عين الصواب! فالحق أصدق وهو يعلن، إذْ تعالى، أننا نسعى بكل جهاد فطرتنا الفتيةْ، تزهو بنبض الوعي والوجدان فاتنة غريبةْ: نحو الجمال وأن "نكون كما تكون"،
نسعى بها فنعمّـر الأرض الخراب.
نسعى كما تسعى الأفاعي والنمور وابن آوى والسحالي.
نسعى كما تسعى الحمائم والأسود وسرب نمل لا يحيد عن الطريق.
نسعى كما تسعى النوارس إذ تحلق في سماء الوعد ذي الأفق البعيد.
نسعى كما سعت الحياة طوال أزمانٍ مضت: فتخلـّقِ الخلقُ البديع
(هذا الكيان النابض الوعي الجميل: نحن البشر)
***
فلماذا ننعي حظنا شعرا كأنا لا نرى في أفقنا غير السواد؟
***
هل تكتم السر العجيب؟
هاكَ الجواب:
"ذا النظم يُطفئُ حقد نار الحاسدين".
- فيم الحسد!!!!؟؟
- أنــَّـا تربعنا على هرم الحياة بوعي مَـنْ حمل الأمانة وهو يسهم خالقا : مَن ذا سيأتي بعدهُ.
(هذا القصيد الأسود الباكي: ليبطل سحر عين الحاقدين!!)
نشرت في الأهرام بتاريخ: 4/10/2004
اقرأ أيضا:
حكومة ذكية أم دولة منتجة؟ / قـراءات أخرى للنجاح والفشل / هذا القتل... ورائحة الغدر!