قل "لا" لنفسك..قبل أن يقولها لك الآخرون!
أن تقول نعم، أن تقول لا، أن تجرؤ على القيام بعمل ما دون عنف دون عدوانية،ربما يكشف عن شكل جديد من الشجاعة، في عصرنا الحالي. إن إظهارنا للشجاعة لا يتوقف على لحظات الأزمة التي قد نُثبت فيها بطولة بل هو أيضاً معرفة كيفية إثبات ذواتنا في أصغر المناسبات.
كانت الشجاعة في معناها البدائي، الفضيلة القتالية. وفي أيامنا هذه فإن الشجاعة هي الجرأة على قول لا بدون غضب، والقدرة على إثبات الرأي بدون عنف. إنهما يرسمان بحق الشكل الجديد للشجاعة التي تسمى "الثبات".
إنها "الشجاعة الترابطية"، التي يمدحها على الأخص أطباء علم النفس والتي تتخلص من كل فكرة للعدوانية. إننا نمارسها في حياتنا اليومية، في وسط عائلاتنا، مع أساتذتنا، ورؤسائنا.... وهذا لا يقلل من قيمة الأشكال الأخرى للشجاعة -البسالة وبطولة المنقذ- والتي تدوم (والتي وُضعت في المقام الأول وقت حريق بني سويف والعبارة الغارقة) لكنني أبحث الآن عن شجاعة أن نكون أنفسنا... إنها شجاعة كل يوم أن نقول لا لمجموعة تضايقنا، أن نعبر عن رأى مختلف عن رأي من نحبهم،أن نقاوم بمهارة... كلها أصبحت تصرفات بطولية في مجتمع إعلامي تتضاعف فيه المعلومات ويتعرض فيه كل منا لضغوط أكبر وأكبر.
فمثلاً الجرأة على رفض السكوت تبدو الصفة الأولى التي ننتظرها من رجل السياسة... أما في العائلة، في المدرسة، مع الأب أو المعلم فيجب أن يخترعوا طريقة جديدة لقول لا. لم نعد نستطيع اللجوء إلى السلطة العمياء للسنوات الماضية في تاريخنا، سلطة تكتفي بفرض الأوامر عن طريق عدم السماح بالنقاش.
بالنسبة لي، الشجاعة الآن هي تجربة عادية جداً لأي أب أو أم يتمنون تجنب الصراع مع الطفل وأن يظلوا حنونين عليه، ولكنهم يختارون إرساء السلطة. سواء أردنا أم لم نرد، لو قلت "ستوب" لطفلي في لحظة معينة، يجب أن تكون لدي شجاعة لأني سأتسبب في اضطراب العلاقة بيننا وتوترها....
يجب تأكيد ذاتنا ليس فقط في علاقتنا بالغير ولكن أيضاً مع نفسنا. إن الشجاعة تفرض دائماً معركة نفسية ضد الذات، صراع داخلي: حتى أثبت ذاتي يجب أن أصارع مخاوفي، خجلي، العودة إلى قدر من ضبط النفس... يجب أن نكون قادرين مثلاً على قول لا لتدخين البانجو، لكل ما يمنعنا من التقدم، لعاداتنا السيئة...
إن الاعتراف بالطابع غير المناسب للحياة الخاصة، والعلاقات السيئة مع الزوج أو الاختيارات الخاطئة التي قمنا بها تفترض الصدق مع النفس التي تبدو لي لا تنفصل عن شجاعة اليوم.عموماً هذا ما نسميه "الجهاد مع النفس".
دون أن نغفل الجرأة على قول نعم لانفعالاتنا فهذه فضيلة. إن علاقة الحنان مثلاً، أو علاقة الصداقة تفرض علينا أن نخاطر ونصبح أكثر قابلية للجرح...
واقرأ أيضًا:
بثينة عادل وسيد عبد العال بطل الكاراتيه/لو كنت محبوبا بين الناس؟ مش مهم