أبتعد عن القلم، ولكن تظل الأفكار وأحلام الكتابة وهواجسها تطاردني!!
ومن باب المؤانسة تصلني خطابات اليكترونية من معجبات وهميات تحمل كلاما عاطفيا ساخنا تعيش به صاحبته خيال التواصل مع كاتب، ولو بمجرد الخيال!!!
لتوي قرأت: قريبا سيصبح الإنترنت هو الحياة، فهل فقدنا الأمل في عيش البشر؟!، سافرت وعدت لأجد الدموع والهموم والأوضاع كما هي!!
وكنت وما زلت أرى أفريقيا كانت أولى وأقرب!!
غرقى جدد في المتوسط يلحقون بغرقى البحر الأحمر الذين سبقوهم عل متن "السلام" الحزين، ومدرسة إعدادية تكتشف حمل طالبتين فتحاصر قوات الأمن المركزي المدرسة، ويعتزمون إجراء فحص عذرية للتلميذات، والأهالي تعترض، أو ينقلون بناتهم للدراسة من منازلهم!!
وما زال اللغو والهزل في موقع الجد هو سيد المشهد!!
وما زلنا نصم آذاننا، ونضع الرؤوس في الرمال، ونمرر الأيام والأحداث دون أن ننتظر شيئا يمكن أن يتحسن أو يتغير!!
تعودنا على حالنا!! وطالما نضيق بما ينبغي أن نفكر فيه أو نتحاور حوله فإن من يقفزون في غفلة إلى أحضان المجهول، والهاربين من الجحيم إلى النار سيزدادون، والمتمردين عل كل الأصنام والحواجز والثوابت سنراهم ونسمع عنهم، طالما لا يأخذ أحد على يد المخربين من أصحاب الآراء القيمة والصلاحيات المطلقة في إنفاذ الخطأ، أو الحفاظ على التخلف والفوضى والظلم والجمود وكل أنواع المنكرات التي تحكم حياتنا، بينما نحن مشغولون بمنكرات أخرى ساذجة نحسبها الشر!!
ما بين دولة تآكلت قدراتها على الإدارة، وتخلفت أجهزتها عن أبسط وظائفها، وأمة فقدت الروح، روح المبادرة، وإرادة المصارحة والمراجعة والنقد وبناء الجديد الذي يلزم في مواضع كثيرة... بين"حانا ومانا" ضاعت لحانا كما يقول المثل العربي القديم!!
النفاق العام، والذهول القومي، وشيوع الغباء، وغياب التفكير الراشد، والتحريك السليم، والتواصل الإيجابي بين الناس، كلها آفات تنخر ببطء أو سرعة في البنيان لتغرق السفينة بينما ينهمك كل راكب فيها بخرق الموضع الذي يقف عليه، ولا يأخذ على يديه أحد!!
من عدة أيام زار فضيلة مفتي الديار المصرية كلية دار العلوم العريقة، وتحدث أمام الأساتذة والطلاب في موضوعات شتى، ونقلت عنه الصحف أنه وصف الغارقين في المتوسط بالطمع، وبأنهم ليسوا شهداء، وبأنه كان من الأفضل أن يبقوا في بلدهم، ويستثمروا أموال الهروب في مشاريع مفيدة!!
كلام يحتاج إلى نقاش عريض، ويبدو قادما من كوكب آخر لا يتصل بما عاشه هؤلاء الغرقى في وطن يقذف بأبنائه إلى النار، ولا يبالي بحلال ولا حرام، ولا يرق قلبه، لأنه غارق في عجزه عن الفهم، وعن الفعل، ومثله سائر بلدان العرب، وأغلب بلدان المسلمين!!
من الاعتراف بالحضيض يمكن أن ننطلق إلى آفاق أرحب إذا امتلكنا الشجاعة والإرادة، وتوكلنا على الله، وهجرنا تعليق المشاكل على شماعات الآخرين أو الظروف أو الأقدار أو الاكتفاء بلعن الأنظمة، أو الدعاء أو التهكم على الحاكمين!!
يمكننا فعل الكثير إذا تحررنا من نمط تفكير بائس تعودنا عليه، ومن أصنام جاهلية نركع لها ونذبح على النصب قرابين حية، حتى ترضى هذه الآلهة المزيفة الخرقاء!!
نملك الكثير من الإمكانيات، وأمامنا العديد من الفرص والأموال تتدفق من عوائد النفط وغير النفط، شرط التخلي عن البلاهة والجهل وسمات القطعان في اتباع كل ناعق، أو التسليم لمن يسحبنا إلى الهاوية باسم الله أو باسم الطاغوت!!
وحده العقل المؤمن، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتعاون على البر والتقوى، وهي قيم ومعاني غالية وواسعة، وحدها العزيمة، والأخذ بالأسباب على دراسة ووعي، وهدم الأصنام جميعا كما هدم أسلافنا اللات والعزى، وجاء دورنا لهدم أصنامنا من تقليد للآباء، وخشية للناس على حساب الحق، وغير ذلك!!
شهدت من خمس وعشرين عاما معركة متصلة في الجامعة انغمس فيها بعض الزملاء والزميلات، واحتدم حولها نقاش حاد، وكانت تدور حول حكم ارتداء المرأة للبنطلون، ويبدو أن السؤال ما يزال حائرا في الصدور: هل يحل للمرأة ارتداء البنطلون؟!
وأجاب فضيلة المفتي بأنه لا بأس طالما كان لا يشف ولا يصف، بل ربما كان أفضل من غيره في الستر المحمود، ولا أعتقد أن إجابة فضيلته ستحسم الجدل أو تنهي الخلاف، ستغلبنا دائما عادتنا في الاحتفاظ بالمشكلات، ولو كانت تافهة، لأن غير ذلك يحتاج إلى تكوين مختلف، وأرجو أن أكون مبالغا!!
ويتبع >>>>>: على باب الله: عن التغيير والفوضى
اقرأ أيضًا:
حزب ومعتصماه: عندما ترعى الذئاب م / على باب الله: عقول معطلة.... وأوطان تغرق