على إيقاع موسيقي الراب أكتب اعترافاتي تلك الموسيقى التي لا أنتمي إليها لا عمرا ولا مزاجا ومع ذلك أحسها بشدة في تلك اللحظة التي تحتشد جواك مشاعر ليس من السهل تصنيفها. أتكلم مع الناس عن الفرح بالانجازات الصغيرة وأفرح أكثر عندما أنفذ ما نصحت به مشاهدي أتعلم معهم ومنهم.
اليوم الخميس كتمت عن زوجي أني سأذهب للمشاركة في وقفة الشموع أمام قسم العمرانية مع أهل القتيل أحمد. ذهبت أبكر إلى الكوافير وانتهيت في الخامسة. موعد الوقفة، السادسة. اتصلت بزوجي متغنجة. هل أستطيع أن آتي كي أشرب معك فنجان قهوة. رد برقة ولكن موعد محاضرتي بالجامعة هو السادسة. وماله أنا كمان عندي ميعاد الساعة ستة. وصلت وكانت قهوتي معدة. قهوة عم سيد التي أحتسيها على فترات متباعدة فإني لا أحبذ انقضاض الزوجات علي أماكن عمل أزواجهن عمال على بطال.
حكينا بعض الأخبار ثم سرسبت في السياق أني ذاهبة إلى قسم العمرانية ومعي الشمعة أم الريحة التي أحضرتها لنا يا حبيبي. تقطيبة زوجي لا تنم عن غضب ولكنها أصبحت علامة مميزة على جبهته يؤكدها حاجباه المتصلان. ما حبكتش وأنت عندك برنامج ع الهوا الساعة عشرة ونص يعني ماجتش عليك. لأ جت علي يا جميل ووجودي أنا بالذات وسط الشباب مهم وبيقوي. هكذا دائما أرى في نفسي ليس غرورا ولكنها وسيلة أدفع بها نفسي للفعل. الطريق زحمة..عادي، لكنه عند كلية الهندسة قد توقف تماما.
نزلت من السيارة سيرا على الأقدام وطلبت من السائق أن يستمر في المسير حتى قسم العمرانية. الرسائل من الناشطين "روّحي دلوقتي حالا" أجري بعض الاتصالات فأجد كاميرات الفضائيات قد غادرت المكان لإنه مفيش حاجة والأمن بيمنع المصورين والمارة.
ومع ذلك أستمر في المسير وفي ذهني خاطر واحد "صحيح مفيش وقفة ولا شموع بس عايزة أشوف المنظر بعيني" فكرة تبدو بسيطة لكنها كانت دافعا لي للاستمرار. في نفق الهرم سمعت اسمي "أستاذة بثينة مش فاكراني أنا أكلت من البامية اللي عملتيهلنا في السجن وقت التضامن مع القضاة" بثينة بامية وماله تلك إحدى مفاخري.
وأكمل النصيحة ارجعي بياخدوا بطايق الناس ومفيش أمل في أي وقفة. أريد أن أرى بنفسي. في الطريق النشطاء يأتون من الطريق المعاكس لا أمل. وأسير حتى أبلغ قسم العمرانية قوات الأمن كثيفة وكم من الرتب المرتفعة وناشطات شابات يظهرن لا أدري من أين. أخرج شمعتي وأشعلها ينتبه رجال الأمن بالزي الرسمي ثم يأتي ضابط أمن دولة حاملا اللاسلكي يهشني أردد لا تلمسني ليست لي بلد آخر ومصممة على العيش فيها بكرامة وأن يعيش فيها أهلي وناسي بكرامة.
ويظهر شباب فرق الكاراتيه في صف يحاوطني أفكر وهم يتقدمون على شكل كماشة بوجوهم البلاط في أنهم قد يغتصبونني في وسط شارع الهرم فأتوجه بحديثي إليهم جئت لأجل مصري قتل في هذا القسم من التعذيب ولو مسكم ضر لفعلت نفس شيء إنها مجرد شمعة ما خطئي؟. يحاولون عدم إظهار تأثر.
أفكر في أن لدي عمل وبرنامج على الهواء وأناس تنتظرني. يفتحون لي سكة فأعبر الطريق وخلفي قوات الأمن ماذا تريدون إنها مجرد شمعة المرة القادمة سنأتي بحمام سلام. تشكيلات الأمن المركزي جيوش في قلب الوطن فأهتف يا أمي هل نحن في إسرائيل. يخاطبني ضابط من الأمن المركزي "زوجك رجل مهم؟ كان الله في عونه" أسأله إذا كان قد سمع عن ضباط القسم بكفر الشيخ الذين أجبروا شبابا علي ممارسة الجنس أمام زملائهم بالتخشيبة فيرد نافيا فأطلب منه أن يقرأها بالجرائد.
أرى سيارتي فأقفز بداخلها وأطلب من السائق تشغيل التكييف "مش عايزة شعري يبوظ.عندي هوا". أذهب إلى الأستوديو مكتملة الزينة تشكو لي ضيفتي من حال الجامعة وشهاداتها التي أصبحت لا تساوي. وتأتيني بعض المكالمات فتردد كويس إن جوزك مش بيمنعك فأرد بثقة "هذا غير وارد أسلوب الجبر لا نمارسه حتى مع ابنتنا ذات السبع عشرة ربيعا" فترد "هذا نادر لهذا لم أتزوج حتى الآن" فأجيب عندك حق فالحقوق والحريات تبدأ من الداخل من البيت. لنبدأ حلقتنا عن غلطة العمر فتأتي مكالمات الزوجات "غلطة عمري أني تزوجت" فأمنع نفسي عن التساؤل "هل زوجك ظابط؟".
اقرأ أيضاً:
لو كنت محبوبا بين الناس؟ مش مهم/ روح أكتوبر رحلت أم طفشت؟