اليوم وأنا في طريقي في كفاحي اليومي وأنا في طريقي من بيتي إلى جريدة الوفد للإعداد لرسالة الدكتوراه، اليوم وأنا في المواصلات العامة، كنت أشعر أنني احتضن السماء، وأرقص بين السحب في رشاقة وحب وانتعاش وانطلاق ومرح... ما أجمل السماء في هذا الوقت من العام.
فها هو الشتاء قادم بكل جماله ودفئه.... نعم دفئه.... ففي الشتاء أشعر بالدفء، والناس كلها "بردانه"... أتدثر بدفئي الداخلي، وأسعد بهذا وأطير فرحاً بل وأرقص مرتعشة في نشوة.
ها هو الشتاء قادم بكل روعته وبكل لياليه.... الطويلة.... الحزينة.... الكئيبة، بالنسبة لبقية البشر، ولكنها بالنسبة لي أجمل الليالي و(أحلى الأوقات).
إن من أفضل ما فعلت أمي في حياتها هو أن أنجبتني في الشتاء، في شدة البرد القارص، في 20 ديسمبر، وها هو عيد ميلادي على الأبواب...بقي أمامه شهر واحد فقط...30 يوماً تفصلني عنه، وعن أحلى سنوات العمر: عن الثلاثين عاماً...!
نعم... ثلاثون عاماً هي عمري بعد شهر من الآن، وأنا حقاً سعيدة بعد ما كنت متفائلة، وبعدها بحثت عن السعادة، وطبعا لا زلت أبحث إلا أني وجدتها... في الطبيعة الساحرة... في لحظات الفجر... الصامتة.... الشافية.... المنيرة.... لكل القلوب والعقول...
وجدتها في ابتسامة طفل صغير جميل.... وجدتها في إيمان مريض بالشفاء... وجدتها في دعوة المظلوم على ظالمه التي ليس بينها وبين السماء حجاب كما قال عز وجل... وجدتها في سعادة أمي بأنها أنجبتني وفخرها بي.
ووجدت السعادة في صلة الرحم، وفي الصلاة والقرب من الله عز وجل والتذلل بين يديه، فمن لنا سواه نرجوه، وندعوه؟!
إنه الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، وكل المخلوقات تنام حتى لو واقفة كالحصان إلا أنها في النهاية تنام، الكل ينام إلا الله، وحده لا ينام.
هو الله القيوم العظيم الحنان المنان ذو الجلال والإكرام، مالك الملك والملكوت..... المسيطر المهيمن على كل مقاليد الأمور بيده الخير وهو على كل شيء قدير. هذا هو الله الذي أحبه وأذوب عشقاً فيه.
وأدعوه وأرجوه أن يجعلني جنداً من جنوده المخلصين، أدعوه أن أكون هادية مهدية ممن يُرزق بهم العباد ويهتدون.
أدعوه أن يسعدني ويثبتني ويهديني سواء السبيل... هذه هي السعادة التي أبحث عنها والتي مضى ثلاثون عاماً من عمري في رحلة البحث عنها.
ولكن في عيد ميلادي هذا العام سيوافق أول أيام عيد الأضحى المبارك، فالعالم الإسلامي كله سيكون سعيداً فرحاً، وهذا شيء رائع للغاية يزيد سعادتي وتفاؤلي، وهذا العام ثبت لي بما لا يدع مجالاً للشك أنه فعلاً (العمر لحظة)، وأن العمر يجري بأسرع مما كنت أتخيل، بسرعة البرق، واشعر انه كما مرت الثلاثون عاماً فإنه لو شاء الله أن يمد في عمري فالثلاثون عاماً القادمة ستمر بأسرع مما مرت به الثلاثون الماضية.
يا الله... إن الحياة كلها لا تساوي شيئاً، الدنيا كلها بما فيها لا تعدل عند الله جناح بعوضة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث شريف صحيح.
ولكن.... في الجنة وحدها الحياة الحقيقية التي انتظرها وأدعو الله أن يرزقني الفردوس الأعلى مع الأنبياء والصديقين والشهداء، وأدعوه أن أموت في سبيله بل وأن أعيش في سبيله وأن تكون كل لحظة في حياتي له وحده لله عز وجل
يا رب...
قولوا آميـــــــن.
واقرأ أيضًا:
حاجة وتلاتين! / لسه جوانا شيء يعشق الحياة! مشاركة / يوميات ولاء: حتى مسح الجزمة