كنت أشاهد إحدى حلقات برنامج القاهرة اليوم، الذي كان يعرض موضوع عن المصريين المقيمين في إسرائيل، وقد أجرى البرنامج لقاء مع أربعة من المصريين المقيمين في إسرائيل الذين زعموا أن رغبتهم في السفر كانت بسبب بحثهم عن لقمة العيش، وأنه لماذا لا نستفيد بالسلام بعد أن وقعنا اتفاقيته؟!
هالني ما سمعت، فبرغم كل المبررات التي ساقوها لم أقتنع بكلمة واحدة مما قالوا، فلقد كان الأكرم لهم أن يجوعوا أو يتسولوا في أوطانهم بدلا من أن تمتد أيديهم إلى إسرائيلي أمواله مغموسة بدماء إخواننا الفلسطينيين ويديه ما زالت ملوثة بدماء أطفال مذبحة قانا، ووجدتني أهتف ألم تكن أرض الله واسعة فإن ضاقت عليك الأرض في وطنك فالعالم الرحب لم يكن ليضيق بك؟!
في الحلقة التالية أجرى البرنامج لقاء مع المفكر الإسلامي الدكتور محمد سليم العوا وحين سأله مقدم البرنامج الأستاذ عمرو أديب عن رأيه في عمل بعض المصريين في إسرائيل، رد قائلا: يا أخي لقد كان لأحد أئمة المذهب الشيعي مقولة رائعة "للحكومات سياساتها وللشعوب خياراتها"، وقد اختارت الشعوب العربية جميعا خيار المقاومة، فكيف بالله عليك أنشئ علاقة مع إسرائيلي مغتصب هذا الإسرائيلي يقيم في أرض هي ليست ملكا له، ولكنه اغتصبها من أصحابها؟!
إن مجرد مصافحتي لإسرائيلي يعطيه شرعية هو يسعى لها، فكيف أذهب إلى هناك لأعمل، كيف ألقي السلام وتطيب نفسي للعمل مع من يحفر تحت أساسات المسجد الأقصى أولى القبلتين لينهار على رؤوس المصلين؟!
وحين سئل عن أن البعض يقول أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد تعامل مع اليهود وباع واشترى منهم رد قائلا: لقد تعامل النبي الكريم معهم باعتباره رئيس الدولة حينئذ وصاحب الكلمة العليا، وليس من منطلق الضعف أو من موقع الضعيف المغلوب على أمره الذاهب إلى هناك من أجل حفنة من الجنيهات، ثم تطرق إلى اتفاقية الكويز، فقال: حدثني أحد أصدقائي فقال لي أن أحد رجال الأعمال الذي يشتري نوعا معينا من البدل الرجالي من إسرائيل يستطيع أن يبيعها بربع الثمن مقارنة بإذا ما اشتراها من أي دولة أوروبية.
فقال له دكتور محمد سليم: ولماذا لا نصنعها في مصر؟ فرد عليه محدثه قائلا: أنت تتحدث عن تصنيع البدل، إن أزرار البدل التي ترتديها مستوردة؛ ليس لدينا مصنع واحد لصناعة أزرار البدل فهل يعقل ذلك؟!!!!
أشار دكتور محمد سليم إلى أن كل الأغنياء والقادرين في هذا الوطن يعتبرون آثمين لأنهم لم يبذلوا من أموالهم ما يساهم في عمل مشروعات صغيرة وعمل مصانع -على الأقل- لنحقق الاكتفاء الذاتي من المأكل والملبس، ثم حين سئل: هل ترى أنه يمكن أن تصفو النفوس في يوم من الأيام ما بين العرب وإسرائيل ويعود الود؟
فرد عليه دكتور محمد سليم بأن الود هذا في العلاقات الشخصية والإنسانية أنا حين أرفع قضية على أحد ليس معنى ذلك أنني أكرهه ولكن لأن لي حق عنده حق اغتصب مني وأنا أسعى لأسترده، واختتم حديثه الرائع بمقولة (لإسماعيل هنية) "بأننا لو ظللنا نحارب إسرائيل ألف عام فلن نكل أو نمل حتى يعود الحق إلى أصحابه"، ثم قال أن بيت المقدس اغتصب ثمانية وتسعين عاما حتى حرره (صلاح الدين) فسنظل نجاهد لن يصيبنا اليأس ولن تفتر عزيمتنا أو نرضى بضياع الحق، وحين أخبره الأستاذ عمرو أديب عن أن إسرائيل قائمة وأن زوالها الآن شيء صعب.
ردا عليه، من قال هذا يا أخي كيف تفتت الاتحاد السوفيتي؟ كيف زالت الإمبراطورية الرومانية وزال الفرس؟ لقد سقط حكم الشاه في إيران على يد نساء كنت أراهن يحفرن الخنادق بأغطية أواني الطبخ، تخيل يا أخي الذي أزال كل هذا ..قادر على أن يفتت إسرائيل فقط فلتكن هذه قضيتنا جميعا عرب ومسلمين.
حقا ما أجمل كلماتك التي تبث فينا روح الأمل من جديد نفخر بك مفكرا إسلاميا نسعد بآرائه ونثق في حكمه، سدد الله خطاك وأعانك ومن مثلك من المهمومين بقضايا الوطن .
واقرأ أيضًا:
كان واحد من الناس مشاركة2 / شروق وغروب / حينما التقيته أول مرة