كان البرد شديد القسوة هذا العيد الأمطار سيول لا تتوقف طوال الليل وأنا أسمع صوت الماء على الإسفلت البارد لا أعرف لماذا قفزت في رأسي فجأة قصة (بائعة الكبريت) كنت قد قرأتها في إحدى الصحف منذ سنوات وجدتني أتذكرها تلك الفتاة الصغيرة تجلس على الأرض الباردة وقد وضعت أمامها بعض علب أعواد الثقاب.
تنظر إلى الأطفال بحسرة تتمنى أن تمتد إليها يدٌ رحيمة ببضع قروش ستذهب إلى البيت بالطعام ليعيد إليها الدفء، عيون الأطفال تنظر إليها بإشفاق ولكن لم تمتد إليها يد يفضلون أن يعطوا قروشهم لبائع الحلوى عند طرف الشارع، لا أحد من المارة يشعر بها، الليل يقترب تخف الحركة في الشارع الكبير تنظر إلى أعواد الثقاب تمتد يدها الباردة إلى علبة...... تشعل عود الثقاب ليمدها ببعض الدفء على ضوئه تشاهد أحلامها الصغيرة..... رغيف خبز.... سرير دافئ.... النوم حتى الصباح...... ينطفئ العود لتشعل غيره وترى أحلامها الصغيرة على ضوئه الخافت.
في الصباح يجد الناس جثة لفتاة صغيرة وبجوارها بقايا أعواد ثقاب...... وجدتني أفكر هل قتلها البرد حقا أم قتلتها قسوة القلوب، تلك الفتاة الصغيرة التي تعيش على هامش الحياة مثلها ملايين لا يشعر بهم أحد حتى أحلامهم الصغيرة هي أحلام مؤجلة.
رضوا من الحياة بالحد الأدنى ولكن الحياة استكثرت عليهم حتى ما يسد رمقهم ومع ذلك ما زال في القلب مكان للأحلام وما زالت العيون تلمع ببريق الأمل رغم قسوة الحياة.
واقرأ أيضًا:
هذا الشعور بالخوف المبهم / رسالة من خلف الأسوار / يوميات طالبة في كلية الهندسة / أعمق خوف لدينا