من الوهلة الأولى قد تعتقد (الضحايا) اسم فيلم، أو مأساة أمة، أو معاناة شعب عاش الفقر وتمرمغ في نعيمه.
لأ.. ببساطة جداً (الضحايا) دول موجودين في بيتنا.. مارسنا معهم كافة أساليب التعذيب والوحشية، ولأني طول عمري بكره المقدمات فسأدخل في المفيد وأعرض عليكم هؤلاء الضحايا ضحية ضحية لأوفيهم حقهم وليخلد التاريخ ذكراهم.
تحذير: ممنوع القراءة والاستمتاع بالصور لأصحاب القلوب الرقيقة الضعيفة اللي ما تستحملش
الضحية الأولى، الكاسيت الأحمر
مع إن صاحب الصورة هو كاسيت آخر،،،، ولذلك حكاية.
كان يا مكان.. عندنا ف بيتنا كاسيتان.. واحد أحمر موجود مثله في كل البيوت المصرية ماركة (ناشيونال) والثاني هو الكاسيت صاحب الصورة الـ(باناسونيك) اللي كنا فاكرينه مفيش زيه وطالعين بيه السما وذو بابين وبيسجل شرائط مع إن صوته وحش وبطيء وله مواقف سيئة مع الشرائط ومع آذاننا أيضاً، عاش الكاسيتان (ولا أدري موقف اللغة العربية من هذا المثنى العجيب)، مأساة حقيقية علمتني معاني الإصرار والتمسك بالحق مهما كانت الظروف. رحم الله المناضل مصطفى كامل (الذي أعتبر ماما وبابا امتداداً شرعياً له رغماً عن أي معترض) كأنني به اليوم يصرخ في جموع المتظاهرين أن لا يأس مع الحياة، وبطبيعة الحال يرد عليه ماما وبابا: ولا حياة مع اليأس.
مأساة الكاسيتان تكمن في عدد مرات تصليحهما الذي بلغ إتناشر ألف خمسمية تلاتة وأربعين مرة، ومع ذلك لم يعرف اليأس طريقه للمناضل بابا وشريكته في الكفاح ماما، ولم أرَ ولو لمرة واحدة تعبير يدل على الملل ولا الزهق ولا حاجة من دول خالص، ومع أنني في كل مرة يقرران تصليح أحد الكاسيتين أسمع بابا يقول: أنا هشتري واحد تاني جديد بأه
بأه يا بابا؟؟؟؟؟ (بأه) هذه تدل على اليأس ولكني لا أجد تنفيذاً لهذه الــ بأه، وربما تتساءلون لماذا لم أصور الكاسيت الأحمر بدلا من بديله الذي بهدلناه هو الآخر؟ فأرد عليكم أن الكاسيت الأحمر سألت عليه فكان الرد: ماما ودته يتصلح
وطالما تحدثنا عن مأساة الكاسيت فلابد أن أذكر فوراً الضحية الثانية صاحبة القصة المشابهة لبطلنا الكاسيت.
الضحية الثانية، المكـــــــواة
عندنا حتة مكواه (حمّالة أسية زي ما بيقولوا)، وبالطبع لم يكذب من قال: رب صورة أبلغ من ألف كلمة.. لأن الصورة قايلة كلام كتير عن وسائل التعذيب اللي في بيتنا، هذه المكواه الشهيدة سقطت على الأرض بعدد لا يمكن حصره من المرات.. مكواه ثقيلة وزناً ودماً.. قد تعلن عصيانها أحياناً بلا سقوط على الأرض وإنما نرى هذا العصيان في حرق الملابس وقد نراه في بعض الألعاب النارية الخارجة من الفيشة، مكواه مبدعة، وطبعاً مش محتاجة اقولكو أنه بمجرد وقوع أي حادث لها تظهر على الفور مكواة أخرى شايلينها للأزمات، مكواة عجيبة حصلت عليها كجائزة في مسابقة رسم عجيبة برضه، يمكن عجيبة عشان مش بعرف ارسم؟ يمكن عجيبة عشان كل من كان معي في المسابقة هنود؟ ما علينا
المهم أن (المكواة العجيبة) تحل محل بطلتنا المتمردة الثورية إلى أن تعلن هي الأخرى عصيانها علينا، وفي الحال ماما وبابا يقولوا في صوت واحد: "المكواه التانية اتصلحت حطوها"، فتمر الأيام والشهور ويقع حادث آخر ففي التو واللحظة ماما وبابا يعلنان في انتصار وبنفس الصوت الواحد: "المكواه التانية اتصلحت حطوها"، حتى بت لا أعرف من فيهما الأولى ومن الثانية حتى جاء اليوم المشهود.. في الصباح الباكر كنت بكوي، وبما أني ذكرت الصباح الباكر فلابد أن أذكر في أمانة أنني في مثل هذا الوقت لا أرى لا أسمع لا أتكلم و 90% مني لسه نايم ومتغطي كمان وشغلوا انتو بأه خيالكو وتخيلوني ببقى عامله ازاي، لأ وكمان بكوي، فبطبيعة الحال تعاملت مع المكواه على إنها عارفة مكانها كويس وبدلاً من أن أضعها في مكانها بعد عملية الكوي رميتها على الأرض.............. وسبحان من له الدوام.. يكفي فقط أن تنظروا كويس للصورة وتعرفوا بشاعة ما حدث.
المفاجأة أنني لم أسمع جملة المكواه التانية اتصلحت حطوها... لأن ماما وبابا يئسوا منها أخيراً واشتروا أخرى جديدة ولكنها............... تقريباً ليست للكي إنما حلت علينا لتسبب لنا شلل الأطفال ونوبات الصرع أنقذوني منهاااااااااااااااا
الضحية الثالثة، الكشاف الأحمر
ذلك المسكين الذي لا يمكث معنا كما يمكث عند السيد الأستاذ الكهربائي وسط غيره من الأجهزة التي رماها أصحابها كما يرمي البعض آباءه في دار العجزة، كشافنا أكل عليه الدهر وشرب ونام ولعب ومات ونحن لازلنا على اعتقادنا أن العيب فيمن يصلحه لا في عمره الافتراضي الذي انتهى، وهنا لابد أن أرسل للكشاف رسالة شكر على ما تحمله منا منذ أن كنا نسمع عليه (إذاعة سوا)، ماهو براديو بأه، إمكانيات يعني.. لا أراكم الله مكروه في عزيز إن شاء الله.
الضحية الرابعة، البلتكانة،، وفي رواية أخرى: ماسورة الستارة
التقطت هذه الصورة والبلتكانة –نحمد الله بخير وفي مكانها- لهذا فأنا أعتبرها لحظة تاريخية، لأن الأمر الطبيعي الذي تعودنا عليه أن تكون البلتكانة واقعة، لا لشيء سوى إن زي ما بابا بيقول: الحيطان عندنا مش كويسة، وبعدها أسمع المقولة الشهيرة لأي مشكلة نواجهها: دي عايزة شنيور.
كل ما في منزلنا أصبح (عايز شنيور)، جملة أسمعها منذ سكنا هذه الشقة اللي بابا اعترفلي من كام يوم أنه كان لابد أن نغير شبكة الكهربا لأنها قديمة.. وسبحان الله لا أدري لماذا لم يخطر بباله تغييرها الصيف الماضي واحنا عقبال عندكو بنبيض.
نعود للبلتكانة بطلة هذه الفقرة صاحبة لقب أم لاموسة، فبمجرد تركيبها لابد أن نقرأ عليها الرقية الشرعية وإلا لن تظل مكانها مدة طويلة.. لاتتحمل الشد والجذب والحرك والفرك على رأي ماما، وإنما كأننا في بيت العروسة باربي، نتعامل معها بكل حنية وآدمية وهذا ما لم نعتده مع ولا حاجة ف حياتنا، بصي احنا نجيب أسمنت أبيض من خالك محسن ونعمل البلتكانة بيها.. الجملة السابقة من أقوال بابا المأثورة التي ظللت أسمعها سنة بحالها في حديثنا عن إحدى البلتكانات ولكن الظاهر انه لا حياة لمن تنادي.
الضحية الخامسة، حنفية المطبخ.. المأسوف على شبابها
حنفية شافت الويل وعذاب الليل، حنفية ضيعت شبابها وعمرها معانا.. حنفية باظت واتركبت بعدد مرات أخجل من ذكرها لدرجة ان جدو آخر ما زهق وضع لنا تلك الحنفية المعدلة جينيا كما هو موضح جداً في الصورة
حنفية عجيبة الشكل والمنظر وليس لنا أن نفتح بؤنا زي ماما ما بتقول، ومش عايزة اقول انها ابتدت اليومين دول تتحرك وعايزة تربيطة تظبيطة تشريطة ولكن خوفاً على جدو اللي شايل همنا كبار وصغيرين من إنه يحرمنا م الميراث فققرت أن أقفل بؤي.. هـه.. بس.
ضحايا مالك أخويا، أو كما يحب أن يناديه الناس كوكي لوكي
البنطلونات
هي بنطلونات كل مشكلتها في الحياة إنها تخص طفل وديع لطيف خفيف مثل مالك اخويا الذي لم يتعدى الثانية عشر من عمره مع إن حجمه يفصح عن سن أصغر من ذلك بكثير، ومالك لمن لا يعرفه طفل رومانسي أوي والله واجتماعي وخفيف الظل صدقوني ولكن قدرنا أن اخونا صار معدل استهلاكه للبنطلونات يزيد عن معدلات استهلاك الأسر المصرية للزيت والسكر.
لا أدري إن كان كل الأطفال في سنه تعاني أسرهم مما نعانيه نحن؟! فالبنطلون ما أن يفكر مالك مجرد تفكير عابر بريء أن يلعب ماتش كورة مع أصحابه أو ذلك الدوري الذي لا ينتهي، حتى يصاب بنطلونه بقطع لا مثيل له في منطقة الركبة، ولن أتكلم عن إبداعاتنا في التفكير لحل هذه المشكلة وقد ينتهي بنا الحال لأن نحول البنطلون إلى شورت وهذا معناه أنه وصل لمرحلة الهوب ليس كيس أي حالة ميؤس منهاااااااااا
الكوتشي
مشهد أراه كل عام مرات ومرات.. يذهب بابا مصطحباً مالك ومحسن (إخواتي الأعزاء الهاديين الكوييسن) لشراء (كوتشي جديد وفي رواية أخرى: حذاء الرياضة)، فنقول لهم ونحن نودعهم على باب الشقة: الله يخليك عايزين حاجة تستحمل، فنحن نعلم ما نقصده وبابا أيضاً يعلم، فينظر لنا نظرة أسى وألم وكأنه يقول: انتو هتقولولي!! هو أنا مش عارف مالك، لكن هيهات، إنه سوبر مالك.. يالها من لحظة هي تلك التي يدخل علينا مالك بحذائه بعد ماتش سخن ويجعلنا ننظر لضحيته الكوتشي ولكن صار رد فعلنا الضحك ليس إلا ولسان حالنا يقول: اللهم لا اعتراض، في الوقت الذي نرى محسن (أخويا وآخر العنقود) طفل طبيعي جداً يتعامل مع أشيائه بشكل طبيعي ولكنه بات من الطبيعي أن نرى ضحايا مالك ذات العمر القصير ونعمل حساباً لها وإن كنا نخاف على مستقبله لو صار لديه سيارة أو زوجة أو شقة أو أطفال أن يتعامل معهم بنفس الطريقة ويدينا ويديكو طولة العمر.
ضحايا مرام أختي، ميرو الدلوعة الرقيقة أحياناً فقط
الدولاب
مرام اختي واللهم لا اعتراض رقة ودلع وبسم الله تتحول في ثواني إلى قطة شرسة تعض من يضايقها.. بس جدعة أوي على رأي واحد صاحبنا.
الصورة أمامكم بتقول كلام كتير، أولها لمن لم يسعفه تخيله في معرفة ما تشير إليه الصورة.. أن الصورة أخذتها لدولاب الآنسة مرام، والجميل في المنظر أنه المنظر الطبيعي العادي جداً عندها الذي لا تجد مشكلة منه، ولن أحصي لكم كم مرة جاء بابا في لحظة غضب وجري على الغرفة التي لسوء حظي وقدري اللي حلفت فوق أنه اللهم لا اعتراض عليه أتقاسمها معها وثم يفتح الدولاب ويدلق كل هدومها ع الأرض.
والسؤال هنا، لماذا يصر بابا في كل مرة تنتهي مرام من امتحاناتها وتستأذنه في الخروج مع صديقاتها على أن يتسبب في وقوع حادث الدولاب ذلك ويصر أن تبدأ عطلتها بتوضيب الدولاب، وكانت المسكينة كل عام تنفذ فرمان الدولاب بكل أدب وطاعة ومسكنة وذل، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي استيقظت فيها القطة الشرسة المختبأة بداخلها وقالت بكل ثقة: أنا نفسي أعرف إيه اللي بيدايقك يا بابا من دولابي؟؟ بصراحة........... أنا كمان نفسي أعرف.
المهم أن هذا الدولاب على منظره ذلك، أقسم أنها تستطيع أن تجد ما تريده منه بكل سهولة،، حتى أنني حينما أسألها عن شيء بداخله تقول ببساطة شديدة: تاني درفه على إيدك اليمين، وبالفعل أجد ما أبحث عنه، يعلو هذا الدولاب درفة أخرى تخص مرام أيضاً ودائماً ما تتركها مفتوحة ولكم أصابتني تلك الدرفة بحوادث في رأسي وكل مرة أصرخ: حرام عليكي يا شيخة منك لله ما تقفليها،،،،، ولكن كما يقولون: بأذّن في مالطا.
الحيطة،، وفي رواية أخرى الحائط
سرير مرام، تعلوه حيطه واخده ناصية كده، اعتقدت مرام والله أعلم أن الحيطة ملك لها، ففعلت فيها الأفاعيل، مرام بتحب الرسم، لكن على نفسها احنا مالنا؟ عندها كراسات رسم ملأتها ولكنها أصرت وحلفت ميت يمين إلا أن تسعدنا برسوماتها، فاستيقظت في يوم فوجدتها قد نقشت أسامينا على جدران كل الغرف.
لا أدري من أعطاها ذلك الحق ولكنها فعلته ورسمت ونقشت لأ وفرحت كمان، ثم جاء اليوم الذي قرر بابا وماما الانصياع لرغباتنا بعد طول انتظار و: هنبيض يا ولاد هييييييييييييييييييييه، وحين جاء الدور على غرفتنا أنا والفنانة التشكيلية مرام دافينشي هددها وتوعدها النقاش (اللي بيبيض ويدهن الغرف ولا أعرف من الذي أطلق عليه ذاك الاسم)، وهو في الحقيقة عمي شقيق بابا وقال لها وهو يلوح بفرشته السحرية: مش عايزين الحاجات دي تاني يا شاطرة وهو يشير لرسومات مرام على الحائط.
وفي يوم دخلت الغرفة فوجدت ما لم تحتمل عيناي رؤيته. مرام رسمت تاني على الحيطة ولكن هذه المرة قررت أن تلون أيضاً ولكنها لم تفعل بعد، ولا أقول لها إلا حسبي الله ونعم الوكيل، مع حبي وأشواقي
وصلنا للنهاية لذا أقول: أ. هـ ومعناها انتهى،، علمهاني واحد الله يمسيه بالخير، أنا بالفعل انتهيت من ذكر ضحايانا في البيت التي أخاف أن ينطق الله تلك الضحايا فتهب في ثورة ضدنا وشكاوي وتقارير لهيومن رايتس ووتش والماذارز (الأمم) المتحدة على رأي محمد صبحي ومسيراااااااات ومؤتمراااااااات وسينتهي الحال بنا في سجن أو معتقل، جعل الله كلامنا خفيفاً.
طبعا أنا عارفة إن منكم من سيعتقد أننا نعيش في مساكن المتضررين من الزلزال أو في الإيواء ولكننا فقط نحتاج لبعض الرقة والحذر في التعامل مع أشياء ألقاها حظها العاثر في أيدينا،، كما نحتاج لبعض النجارين والسباكين والكهربائيين ذوي الضمائر الصاحية،، وأشكر ماما وبابا اللي علموني الصبر والأمل وعدم اليأس،، وشكر خاص لمرام على الجو اللي عملاهولي في أوضتنا،، واحب أسلم على جيراني مالك ومحسن في الأوضة المجاورة،، وألفين سلام وتحية لمن تحملني وقرأ هذا البوست من أوله لآخره سواء مرة واحدة أو على جرعات.. وكل سنة وانتو طيبين.
واقرأ أيضاً:
كبسة / خيبة أمل