أن أفضل ما في الجنون هو أنك لا تضطر أبدا إلى تبرير تصرفاتك للآخرين، فلتبقوا مجانين ولكن تصرفوا مثل أناس أسوياء خاطروا بأن تكونوا مختلفين ولكن تعلموا أن تفعلوا ذلك دون لفت الانتباه.
هذه العبارات جاءت على لسان أبطال الرواية الجميلة (فيرونيكا تقرر الموت) للأديب الرائع باولو كويلو، الذي يروي لنا جانبا من الحياة في المصحات النفسية عاشه هو شخصيا حين أدخله أهله مصحة للأمراض العقلية وهو في السابعة عشرة من عمره، هو لا يعترف بالجنون كمرض بل يرى أن كونك مختلفا يجعل الجميع ينظرون إليك على أنك مجنون فإذا سايرتهم في جنونهم أصبحت عاقلا.
في هذه الرواية يحدثنا عن مشاعر تلك الفتاة (فيرونيكا) التي تمتلك كل شيء الجمال والمال والأسرة المحبة ولكنها تقرر أن تنهي حياتها ربما بدافع الروتين والملل الذي تسرب إلى حياتها ربما لأنها رأت أنها حصلت على منتهى غايتها من الحياة وأخذت تفكر بأن الأيام ستبدأ في التتابع الملل تتزوج لتنجب وتشيخ ويقل جمالها فلما لا تنهي حياتها الآن قبل أن يحدث لها مزيد من الألم فلتنهيها وهي في قمة جمالها تفكر في وسيلة غير مؤلمة للانتهاء من حياتها فتلجأ إلى الحبوب المنومة، وحين تفتح عينيها تجد نفسها في مصحة للأمراض العقلية، يخبرها طبيبها أنها نجت من الموت إلا أن الحبوب التي تناولتها كان لها تأثير ضار على القلب وأنها لن تتمكن من العيش إلا أياما معدودة خمسة أو سبعة أيام.
تجربة اقترابها من الموت تجعلها تتشبث بالحياة لتترك العنان لنفسها لتحيا مشاعر لم تجربها من قبل تجرب الفضول والضغينة والغضب.
يتسأل كويلو على لسان بطلة روايته فيرونيكا ما هي الأنا الحقيقية.
فتجيب: هي ما أنت عليه وليس ما صنعوه منك.
إنها دعوة رائعة للحياة بدون أقنعة أن نكون نحن أنفسنا لا ما يريده الآخرون منا، ولكن هل نملك هذه الشجاعة حقا؟ أن نكون نحن أنفسنا.
إننا جميعا صنيعة الأهل أو المجتمع، نتحدث بلسانهم ونحقق أحلامهم نصاب بالإحباط حين نشعر بأننا خيبنا ظنهم فينا، هل نملك الشجاعة لنهتف هذه أحلامكم أنتم فأين أحلامنا؟
هل نملك الشجاعة حقا لنكون مختلفين وأن نواجه مجتمعنا بهذا الاختلاف لا أقصد بالاختلاف أن نضرب بقيم المجتمع وعاداته عرض الحائط، بل أن نصر على اختياراتنا إن كانت صحيحة ولا تعارض بينها وبين ما نعتقد ونؤمن به من قيم ديننا الحنيف، فهل ترانا بقادرين؟؟؟؟؟؟؟؟
واقرأ أيضًا:
يا ضمير العالم يا عزيزي / قيمة الحياة / كانت جدتي