على أعتاب الرسول وشهره نقف، وربما توقظنا عملية إعادة نشر الرسوم المسيئة فنتعرف على أهمية ما نتكاسل عن القيام به!!
أين نقف وسط عالم اليوم؟!
طبيعة التحديات التي تواجهنا!!
كيف يكيد لنا الأعداء والكارهون؟!
وكيف نؤدي أنفسنا، ونخرب بيوتنا بأيدينا؟!
هشاشة تكوين وتشوه عقلية ونفسية المسلم المعاصر، وبخاصة في عالم العروبة السعيد، وضعف العلاقات والروابط والأواصر بين من يفترض أنهم الدعم والسند لبعضهم!!
تآكل الإسلام الأخلاقي والعملي والحضاري والفعال مقابل انتشار الإسلام الهروبي الخلاصي الشكلي الانغلاقي التعصبي!!
اضمحلال الأنظمة وتخبط الشعوب ولهو الأبالسة الذين يسرحون ويمرحون في أحشاء أوطاننا ونحن غافلون أو مغفلون، ومنشغلون بتسعير نيران العداوة بين أهلنا الموزعين في القبائل المذهبية أو السياسية أو العرقية أو حتى الرياضية!!!
كيف وبأي وجه نقابل الرسول صلى الله عليه وسلم في ذكرى مولده الشريف؟!
وهل نحن فعلا أمته؟!
وهل انتسابنا إليه لا يتجلى إلا في لافتات وعبارات مثل "نحن فداؤك"؟!
وماذا "نحن" تلك التي نقول أنها فداء النبي صلى الله عليه وسلم؟!
"نحن" هذه تحتاج إلى نظر وتقييم وقياس وتقدير، وربما نكتشف بعد ذلك أنها غير ذات وزن، أو غير ذات وجود حقيقي مؤثر!!!
وقد نجد أننا مثل كل الخلق لدينا ما يحتاج إلى بناء، وما يحتاج إلى علاج، وما يستحق بعض الفخر!!
نخسر إن وصلَنا من الإيذاء مجرد رسالة أننا على الحق، ومظلومون مضطهدون مهانون لأننا الأقوى أو الأهم والأخطر حاضرا أو مستقبلا!! نخسر إن لم يبلغنا من الدرس غير عنصرية البعض هناك، وفشل الأنظمة هنا، وغلبة العاطفة على عقولنا، فهذه كلها ليست بشيء جديد، ولا تفيد كثيرا بالتالي!!
نخسر إن لم تحركنا تلك الأفعال إلى أفعال بناءة نقابل بها الرسول في ذكرى مولده قبل أن نقابله في الآخرة وقد قصرنا في حمل رسالته، وما كنا أمناء في تمثيلٍ مُشَرِّفٍ للدين الذي لاقى الشدائد هو وأصحابه ليصل إلينا صافيا عزيزا ومتألقا!!!
إذا كنا في شهر رمضان نقدم كشف حساب لله سبحانه وتعالى عن أعمال العام فيكون مثل الجرد السنوي، ومراجعة لميزانية العام بمكاسبه وخسائره، فلماذا لا يكون شهر "ربيع الأول" مناسبة لتقديم كشف حساب للرسول صلى الله عليه وسلم، وأعمالنا تعرض عليه كما ذكر، فلماذا لا نراجع في شهر ربيع من كل عام موقفنا فيما يخص الرسول من حيث علاقتنا به، وصورة محبتنا، وحسن اتباعنا، وعمق فهمنا، ومتانة أخلاقنا على ما كان منه صلى الله عليه وسلم، وبما كان هو، وما يريده لنا منا.
شهر كامل ندرس فيه شخصيته وسيرته، ونعيش معه في صمته وكلامه، في حزمه وعزمه، وفي رقته وحنانه، وفي شفافية روحه، وصلابة ثباته على الحق، في ذوقه ورقي أخلاقه، وفي حكمته وحسن إدارته، في تدفق مشاعره، وروعة صلته بالله سبحانه، وحسن تواصله مع الناس برهم وفاجرهم!!
أعجب من المسلمين حين أرى فيهم من يقول بقصر الحجية والالتزام والتسريع على القرآن!!
وأعجب من آخرين يقولون أنهم أهل السنة، وهي في تطبيقهم مجرد أحاديث الرسول، أو هيئة لباسه، أو لحيته أو طول ثوبه!!
هل يكتمل إيمان أو إسلام مسلم دون اتباع للرسول صلى الله عليه وسلم؟!
وهل الاتباع هو ترديد كلماته، وتقليد هيئاته، والصراخ "نحن فداؤك"؟!!
أعجب من ملايين المسلمين وعيوننا تدمع إذا ما ذكرنا سيرته العطرة، أو كيف كان عظيما في كل لحظة وخطوة!!
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو التجسيد الحي للقرآن ورسالته، وبوفاته صلى الله عليه وسلم انتقل هذا الدور برمته إلى كل مسلم ومسلمة بحيث يصبح كلنا رسول صلى الله عليه وسلم من حيث تمثيل الدين، وحمل الرسالة، دون استقبال الوحي بالطبع فهو آخر الرسل بأبي هو وأمي، فهل يفقه المسلمون هذا؟!!
هل نفقه بأن كلنا رسول الله في المسئولية عن الدين، وفي عبء تقديمه لأنفسنا يوميا ولغيرنا مسلمين، وأن هذا هو سر تميز هذه الأمة، وبدونه تصبح أمة بلا هوية ولا طعم ولا وزن ولا رسالة!!
هل يكون شهر ربيع مناسبة لنتذكر ونتذاكر الإعداد المفقود والمطلوب بشدة، والذي ينقص كل واحد فينا حتى يكون رسولا، أو مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أنه لا يوحى إليه، لأن الوحي انقطع، ولكن بقيت الرسالة نحيا عليها وبها، ونحملها إلى العالمين هادين، راجين الرحمة لكل الخلق، لا دعاة تسلط أو تخريب، ولا مشعلي حرائق وفتن، ولا أمة صار بأسها بينها شديد تحسبها جميعا، وقلوبهم شتى، فهل نحن على وعي بمعنى انتماء، وواجبات انتساب، وشروط عضوية، وثمن جوار وصحبة، وغيرها من معاني نزعم ونرجو أنها تربطنا بالنبي الخاتم أفضل الخلق صلى الله عليه وسلم، وتجعلنا ضمن أمته!!!
لست خائفا على منزلة أَنْزَلَها الله رسولَه فلن يزحزحه عنها تافه أو حاسد أو كائد، ربه يعرف قدره، ولا وزن لنقد أو شتم يأتي من جاهل أو موتور!!
إنما أخشى على المسلمين مرتين، مرة حين لم يحسنوا استقبال هدى السماء، وإقامة حياتهم على رسالتها، ومرة حين لم يحسنوا تقديمها للعالمين فضَلَّ البعض وأضلوا، وراح البعض يصطاد في الماء العكر.. أهلا بشهر ربيع.
واقرأ أيضاً:
على باب الله: كلام في الحب/ على باب الله: أم المشاكل