سرني وأسعدني الأخ الداعية عمرو خالد في حملته الحالية عن محاربة الإدمان، ودعوته المدمنين إلى الإقلاع عن المخدرات، وتغيير نمط حياتهم، المهم أن عمرو خالد يقود هذه الحملة الخيرية في وقت يحصل الناس فيه على رغيف الخبز بشق الأنفس، ووصل الناس إلى مرحلة يقتل فيها بعضهم البعض من أجل خمسة أرغفة في طابور الخبز، وبدلا من أن يصطاد الصيادون السمك من البحر ليطعموا الأطفال المصابين بسوء التغذية يقومون ببيع السولار المدعوم للسفن في عرض البحر!!؛
وبدلا من أن يجني الفلاحون القمح من السنابل الذهبية يقومون ببيع تلك السنابل وهي خضراء فجة ليحولها بعض أصحاب المصالح من المغرضين إلى وقود حيوي!!!، وليذهب الجوعى من أبناء بلدنا إلى الجحيم!!!؛
وهذا الهم المركب في بلدنا يجعل من مهمة غراس الخير وزراع الأمل من أمثال الداعية عمرو خالد صعبة ومنهكة بل ومحبطة أحيانا، فالإحباط يحيط بالشباب من كل جانب، وأصحاب العيال يعانون يوميا أشد المعاناة، والطلاب في المدارس والجامعات لا يتوقعون إلا مستقبلا مظلما حالك الظلمة، وهذا ما يجعلني أرفع القبعة وأنحني احتراما وتقديراً لكل من لديه أمل في مثل هذه الظروف القاسية، وما أجمل الحكمة القائلة: "لأن تشعل شمعة واحدة خيرا من أن تجلس وتلعن الظلمات"، هذا هو الدرس الجميل الذي يجب أن نتعلمه ونستوعبه من مجموعات المتفائلين من أبناء أمتنا الواحدة.
المدمن والمدمنين من أبناء أي مجتمع هم فئة صعبة في التعامل معهم، وهم يكلفون المجتمع الذي يعيشون فيه الكثير والكثير، هم غالبا من أصحاب اضطرابات الشخصية، كالشخصية المستهينة بالمجتمع أو الشخصية البينية أو الشخصية النرجسية أو الشخصية الكئيبة أو الشخصية المتقلبة بين الاكتئاب والهوس، وبعضهم من أصحاب الاضطرابات النفسية الأخرى مثل الاكتئاب أو الاضطراب الوجداني الثناقطبي أو الفصام أو بعض المرضى العصابيين وغيرهم، وكما قيل عنهم: الناس منهم في عناء، وهم أحيانا من الناس في راحة، المدمن غالبا ما يكذب وكثيرا ما يخدع الآخرين، قد يؤنبه ضميره على إيذائه لأهله وللناس، ولكنه كثيرا ما يؤذي نفسه والآخرين دون أن تهتز له شعرة واحدة؛
المدمن قد يحطم حياته ولا مانع من تحطيمه لحياة الآخرين إن وقفوا في طريق إدمانه، كثيرا ما نجد المدمن على خلاف مع والده، وبعد ذلك يأتي خلافه مع إخوانه وأخواته والقريبين منه ثم ينتهي الصراع به إلى خلافه حتى مع أمه، كل تلك المشاكل في شخصية المدمن تجعلني أزداد إعجابا بكل من يحاول علاجه والسعي والكد من أجل شفائه من الإدمان، ورغم كل ما قلته وما يقال عن المدمن والمدمنين إلا أن هناك بادرة أمل في تكاتف بعض فئات من مجتمعات أمتنا لعلاج المدمنين؛ وهذا يستوجب من كل مدمن بذل الغالي والرخيص كي يربأ بنفسه عن الإدمان، وأن ينال شرف محاولة العلاج مما هو فيه من أذى لنفسه أولا ثم لأسرته ومجتمعه بعد ذلك؛ ولن يكون علاج المدمنين في بلاد أمتنا الواحدة أشد صعوبة من إقلاع الشعب الصيني بأكمله عن إدمان الأفيون في منتصف القرن العشرين بزعامة القائد الصيني الشيوعي "ما وتسي تونج"، وهي تجربة قريبة منا زمنيا ومناخيا؛ فهل من مدكر؟!، وخصوصا وأن الصين اليوم تقف منافسة للولايات المتحدة الأمريكية في الزعامة على العالم بأسره؛ "فاعتبروا يا أولي الأبصار".
تحية من صميم قلبي "لبائع الورد" عمرو خالد، ولمساعديه من صناع الحياة، ولكل من يشارك أو يساهم ولو بكلمة طيبة ومد يد معونة لإنقاذ مدمن غريق في دوامات بحور الإدمان.
واقرأ أيضاً:
الدعاء للوالدين يوسع الرزق / والله يهدي من يشاء