أصحو كل يوم فأنظر في مفكرتي لأطالع ارتباطاتي اليومية. يوم تصوير. يوم مشاوير. ويوم راحة. وأيا كان اليوم وأيا كانت مسئولياته فأنا أرتدي دائما مشبكا مكتوبا عليه "ضد الفساد". ولو خرجت يوما ونسيت ارتداءه أحس بأني لست على ما يرام. ولكن هل هذا يعني أني لا أقترف فسادا على الإطلاق؟.
للأمانة وبكل ثقة أجيب بالنفي فقد ضبطت نفسي الأسبوع الماضي أقترف فسادا، فعندما كنت عائدة من مقابلة تلفزيونية وأستقل سيارة تتبع هذه المحطة التلفزيونية مع سائق لا أعرفه وفي تقاطع 26يوليو الجلاء أوقفت حملة مرورية السيارة لأن زجاجها "فوميه" وهذا مخالف.
كان من الممكن جدا أن أنزل من السيارة وأقطع المسافة المتبقية إلى منزلي في الإسعاف على قدمي، لكني انبريت باندفاعي المعهود لإظهار شخصيتي للبلوك أمين وأخبرته بأني أعلم تماما أن ما أفعله يعد فسادا ومع ذلك فأنا أتوسط للسائق الذي واقعيا لا أعرفه وربما لن أراه ثانية في حياتي كي يدعه يمر. وبالفعل نمر ولكن سلوكي لا يمر علي بسهولة فمن أول لحظة فطّ حواري الداخلي وسألت نفسي: "لم تحمين مخطئا؟"، وكانت الإجابة العفوية الداخلية أيضا "أصله غلبان وأكيد مرتبه ما يحصلش ثمن المخالفة" ووالله لو تكرر الموقف مرة ثانية لتصرفت بذات الطريقة من باب الإشفاق والتعاطف أو حتى من باب الغرور والاستنفاع بوجهي أو اسمي المعروف.
ثم تساءلت, "ولماذا هذه القسوة مع نفسي؟" ببساطة, لأني قد آليت على نفسي مهمة محاربة الفساد في بلدي وقبل أن يحاسبني أحد علي أن أحاسب نفسي أولا حفاظا على صحتي وسوائي النفسي من ناحية ولكي لا أجد نفسي متحولة عن هدف عظيم أعطى معنى لوجودي في هذه الدنيا... بأمانة أيضا ليس هذا هو فسادي الوحيد ولكن هذا ما قررت الاعتراف به لأنه يخصني وحدي ولن أورط فيه أطرافا أخرى لكني أعترف أيضا أن هذه الحكومة تدفعنا دفعا للفساد وحسابها عند الله.... أما نحن فأولى بنا أن نحاسب أنفسنا.
اقرأ أيضاً:
دخل الربيع/ تهديد بالخلع!!