ليست هي بالتأكيد، تغيرت كثيراً، ليست المرأة التي عرفتها في البداية، وليست تلك التي كتبت لها يوماً، حين حدثت معي مشاكل متعبة، أثناء مروري في الأردن.. حيث عدت إلى عمان في ليلة باردة رغم أنها كانت ربيعاً ولكن الليل كان بارداً.. وبعد أن شبعت دفئاً ونوماً في بيت صديقي الفلسطيني.. حينها أرسلت لها في صباح ذلك اليوم من هاتفي المتحرك:
صباح الخير على روحي.. الوردة الزينت نيسان
صباح الخير على جروحي على دواي من الأحزان..
صباح الخير... شوق معطر بالربيع، وبأزاهير نيسان.
وعمان كانت بعد هذا العناء مدينة رائعة العطر والنسائم والمساحات المبهجة وأنا متوجه إلى المطار بعد فطور فلسطيني خاص في بيت صديقي الذي قلبه دائماً هناك.. هناك في فلسطين مع كل حجر مقاوم.. ومع كل أم تفجع بابنها الإستشهادي.
لكنها أيضا كانت بقلبي حين ودعتني هناك في مدينة حماه بعد أن تناولنا الغداء في مكان رائع مطل على النواعير.. ثم ركبت سيارتي متجهاً إلى بعيد.. إلى الخليج حيث سأعبر عدة دول.. ولكن المشاكل التي حدثت معي في السيارة لم تكن بالحسبان.. ورغم وجعي فقد كانت معي في كل لحظة حيث تأتيني رسائلها ساخنة على هاتفي المتحرك.
ليست هي بالتأكيد التي تعيش معي الآن.. تلك التي كتبت لها وأنا قادم إلى موعدنا في حماه وأنا أقود السيارة:
أتعلمين أن اليوم سفر
وأن العيون سحاب مطر
وأن القلوب تكاد تذوب
وحر لظاها يذيب الحجر
رغم العراقيل والمشاكل والحواجز التي كان المجتمع قد رسمها بيننا، فقد كانت معي ضدهم جميعاً.. وكم شعرت يومها أنني قوي بها.. حتى وإن صارت حياتي على كف عفريت..
قالت سأعطيك فرصة أعتباراً من هذا التاريخ عاماً كاملاً، ثم أمسكت دفتراً مزخرفاً وضمته إلى صدرها وقالت هذا الكنز لا أستطيع أن أفرط فيه وسأعطيك فرصة.. سنة كاملة من هذا التاريخ لإنجاز وعدنا وهو أن نلتقي ونعيش سوياً إلى الأبد في حياة ستكون أجمل حتى من هذه القصائد.
ثم فتحت الكنز الذي كانت تتحدث عنه، وراحت تقرأ في دفترها الذي لم يكن سوى توثيق للرسائل التي أرسلتها لها من هاتفي إلى هاتفها الذي أهديته لها بعلم أهلها حين بدأت خطوبتنا.... وكانت أول رسالة تقول صباح الخير، والرسالة الثانية صباح الخير بنسمة فراتية، يومها كانت مسافراً إلى منطقة الفرات، وكان صباحاً رائعاً بفطور بدوي غني..
أما الرسالة الثالثة فكانت قصيدة مختلة الوزن تقول
صباح عصفور على شباكي
آذته من حرصي ذرى أشواكي
فقد كان يطيب لها أن تسمى بالزهرة، والعصفور، وأن يقال لها الكلام شعراً..
أما الآن فهي إنسان مختلف.. وعبثاً أكتب لها حتى لو أعدت دواوين جميل وقيس، ونزار..
أصبحت إنساناً لا شعرياً.. وأصبحت أنا جسداً بدون روح.. وكلانا يحترق خيبة..!
واقرأ أيضاً:
أنا وجمال وجنون السكري / أفكار سوداء مشاركة / أتمنى لو كنت ماليزياً