دائما ما كان يشغلني خاطر التحول في حياة كل منا هل دخول أشخاص بأعينهم في حياتنا، قد يكون حافزا ودافعا لنا لكي نرى جوانب جديدة في الحياة لم نكن نعرفها وأحيانا مشاعر إنسانية كنا نراها نوعا من أنواع الضعف كالرحمة والتسامح وتقبل الآخر.
أحيانا ما يضيئون لنا الطريق بأفكارهم التي قد نراها شاذة ومختلفة وربما مجنونة أحيانا. هناك أشخاص لا يتركون أي بصمات في حياتنا فهم كالماء لا لون ولا طعم لهم، وهناك أشخاص قد يتسببون في حدوث انقلاب في حياتنا.
هكذا كنت أحدث نفسي وأنا أشاهد أحداث هذا الفيلم (sweet November) أو نوفمبر الحلو الذي يحكي عن شاب أمريكي تقليدي فهو هذا الرجل العملي الذي لا تشغل المشاعر الإنسانية أدنى اهتمام في حياته بل هو لا يرى مبررا للاستمتاع بالهوايات، لا يعبأ بمشاعر الآخرين، ولا يهتم بأي نوع من أنواع المجاملات الاجتماعية التي يراها تافهة وعديمة الجدوى.
يتعرف بفتاة بطريق الصدفة يرى فيها النموذج الكامل للجنون، حتى أنها تطلب منه أن يمنحها شهرا من وقته وأنها قادرة على أن تغير نظرته لتلك الحياة لتريه جوانب من الحياة لم يكن يدري عنها شيئا....... إلا أنه يرفض بإصرار ويتهمها بالجنون، وفي اليوم التالي للقائه بها يفقد عمله نتيجة طريقته المستفزه في معاملة عملاء الوكالة التي يعمل بها وتتركه الفتاة التي أحبها للسبب نفسه.
ثم يجد فتاته المجنونة تلاحقه فلا يجد مفرا إلا أن يجرب أن يحيا بطريقتها ولو من باب التغيير، لتأخذه إلى الشاطئ وتلهو مع كلابها وهو ينظر لها متعجبا وسائلا إياها:
لماذا حين نقوم بأعمال ليس لها قيمة في جوهرها يكون ذلك أفضل من حياة ملتزمة مليئة بالمسؤليات؟
لتسأله هي ما هو أكثر أحلامك جنونا، فيحكي لها أنه ولد لأب يعمل بائعا متجولا كان يدور طوال اليوم يبيع كل شيء، كان يتعرض للسخرية من سكان الحي ثم في نهاية اليوم كان يدخل إلى غرفته فيسمع الأغاني، حينها تمنيت أن أكون مطربا.
فردت عليه حتى تسعده؛
فقال لا ولكن لأني شعرت أن هؤلاء الناس عكس أبي في كل شيء فهم محققون لذواتهم مسيطرون على حياتهم فأعجبني ذلك كثيرا.
ثم تعرفه في اليوم التالي على طفل صغير من أبناء الحي الذي يقيم فيه يحيا مع والدته، لأنه لا يعرف مكان والده، ويذهب معه في مسابقة للقوارب الشراعية التي تعمل بالريموت كنترول، وحين يجد الأولاد الأكبر منه سنا يستهزؤون به فيقرر مساعدته فيقوم برشوة المسؤول عن السباق حتى يجعله يفوز ويدخل البهجة على قلبه.
وبعد أن ينتهي اليوم تخبره أنه لا يساعده بهذه الطريقة فالحياة مليئة بالمصاعب ويجب أن يتعلم كيف يواجهها، فيرد عليها هل تعرضت للاستهزاء قبلا؟؟ أعلم أن الغش ليس أمرا جيدا ولكن الاستهزاء بمشاعر الصغار شيء قاسي أيضا.
دائما ما أسأل نفسي هل حقا بإمكاننا أن نتغير؟؟ إن ثوابت الإنسان ومبادئه يصعب تغييرها، ولكن أن أتحدث عن تلك الأشياء الصغيرة التي قد تدخل إلى حياتنا فتجعلنا نتحول من الخوف إلى المواجهة من التبلد واللامبالاة إلى الشعور بالآخر والاهتمام به وأحيانا من السلبية إلى المشاركة الفعالة من العيش بلا هدف إلى رؤيا جديدة للحياة والبحث عن قيمة حقيقية وهدف نحيا من أجله.
واقرأ أيضًا:
النداهة / من يوميات مهندسة مدني / حين نخشى الاقتراب من الآخرين