لبنان الجميلة مرة أخرى 2008 (1)
بعد سويعة من وصولي بيروت كان علي أن أقابل أختا إيرانية حملني ابن عبد الله أمانة لها..... وهي تقيم في سكن للطالبات قريب من الفندق، وعندما قابلتها رأيت فتاة إيرانية في العشرينات الأوائل من عمرها تدرس الأدب العربي.... وكان حديثها شيقاً ونظرتها للحال متعمقة وناضجة..... وحكت لي عن رغبتها الشديدة في زيارة مصر... وأنها حاولت أن تجري دراستها في مصر لكنهم لدواعٍ سياسية لم يقبلوا..... وهي ما تزال تحاول زيارة مصر......
قلت لها احد أحلامي يا عزيزتي هو زيارة إيران وليس هناك ما يمنعني حتى الآن اللهم إلا الانشغال وعلامة الاستفهام الحمراء الغريبة التي لابد ستضعها الجهات الأمنية في مصر أمامي....... وفي نهاية حديثنا حملتني سلاما إلى أحمد ابن عبد الله.... وحملتها سلاما إلى كل إيراني تعرفه.... وافترقنا على وعد بلقاء في الغد......
في المساء انتظرت أخي قاسم كسروان... الذي لم يتمكن بسبب زيادة مفاجئة في عدد مرضاه أرجعها هو إلى أنني كنت سعدا عليه.... فقلت له في الهاتف وكذلك كان أحمد عبد الله حين اصطحبته إلى عيادتك في بيروت. فكان رده.... لا أنت أكثر الآن.... قلت له الحمد لله واتفقنا على لقاء في الغد إما في الصباح أو المساء وكانت المشكلة أنني لا أعرف متى سيكون تسجيل برنامج (ولكن نلتقي) لقناة العالم وهو ما جئت بيروت من أجله.....
ولم أكد أغلق الهاتف مع الدكتور قاسم.... إلا وهاتفني فيصل عبد الساتر مدير قناة العالم..... رحب بي وأبلغني بأن سيارة ستأخذني إلى مكان التسجيل في السادسة والربع من مساء الخميس، لأن التسجيل سيبدأ في السابعة مساءً..... وللمرة الثانية تكون لي فرصة الحوار مع واحدة من مذيعات البرامج في لبنان.... ومرة أخرى تقع المقارنة..... المستوى الثقافي لأي منهن يملئ المرء بالحزن حين يتذكر معظم مقدمات البرامج المصريات..... فنادرا ما تحدثت مقدمة برامج مصرية بما يبين إدراكها لما ستناقشني فيه مع الأسف _باستثناء الإعلامية اللامعة بثينة كامل_ ، أغلبهن لا تعرف في أي موضوع ستحدثني إلا بعد استكمال الماكياج والجلوس أمام الكاميرا... اسمعها تسأل عن الاسكريبت Script قائلة: آه والله موضوع كويس.... وبعضهن يسألني عندما يتأخر المعد أو المعدة في إعطاء الاسكريبت لها فتقول الواحدة منهن: ما هو موضوعنا اليوم يا دكتور؟؟.... الحقيقة أني في المرات الأولى لحصول هذا ظننت أن المذيعة تسألني ما إذا كنت أعرف الموضوع أو أذكره أو لا؟؟؟ لكنني بعد ذلك عرفت أنهن يسألنني لأنهن لا يعرفن أصلاً ما هو الموضوع... أمر مخزي... لكن ماذا في مصر ليس مخزياً؟؟!!
كانت جيهان مقدمة البرنامج.. تصورها وعمق تفكيرها ذكرني بسوزان مقدمة برنامج نافذة على المجتمع بقناة المنار..... وأخرجني المخرج من تأملاتي وقمت لأخذ مكاني في حقل التصوير.... وكان الحوار رائعاَ... أترك تفاصيله لتشاهدوا الحلقة بأنفسكم.
وبعد انتهاء التسجيل هلَّ وجه أخي قاسم كسروان الذي أخذني إلى مطعم الساحة... ذلك المطعم الذي اصطحبني إليه من سنوات أربع معد قناة المنار توفيق سلوم... لكن قاسم بارك الله فيه حكى لي كثيرا عن المكان وأخذني في جولة فيه وهو ما لم يفعله توفيق في المرة السابقة...
عرفت أن فكرة إنشاء المطعم المبني كأنه قلعه تاريخية هي فكرة العلامة محمد حسين فضل الله والذي رأى أن يستثمر أموال كفالة الأيتام بحيث تدرُّ ربحا في نفس الوقت الذي يصبح كون عائد المطعم راجعا للأيتام محفزا لكثيرين ليفضلوه عن غيره.... وأخذ أخي قاسم يريني قطع الأثاث والأدوات المنزلية والأسلحة وغيرها من الموروثات من القرن الماضي وربما قبله... وقال لي آسفاً أن ما أراه ليس إلا قليلا... جزءًا مما كان منذ سنوات ذلك أن أكثر من دولة خليجية طلبت إنشاء مطاعم مماثلة عندهم فكان أن تقاسموا كثيرا من القطع الأثرية تلك وربما كان العزاء هو رجوع كل المال للأيتام..... وطبعا أهل الخليج دفعوا الكثير.
بعد ذلك جلسنا أنا وقاسم وأشرت عليه بأن يختار هو ما سنأكل ووافقني بعد جهد كبير..... ثم بدأنا الحديث حول مجانين وقلت له أنني أريد إنشاء فرع في لبنان لمجانين يتولى هو الإشراف عليه... ففاجأني رده بأن علي أن أبدأ العمل في البحث عن ممولين لمجانين مصر أولاً وبعد ذلك يصح أن أتوسع، فقلت له ماذا يمكنني فعله؟؟!!... فقال أولاً عليك أن تجهز مطوية فيها أنشطة الموقع والخدمات التي يقدمها... وطباعة هذه المطوية لن تكلف الكثير، ثم باستخدامها يمكنك التوجه إلى الشركات الكبيرة .....فقلت له أنا؟؟!! قال يا أخي مندوب.... ووعدته بأن أبدأ العمل في هذه المطوية اللولبية التي ستدر جزءًا من المصاريف، ومن هنا أدعو كل من يستطيع تصميم المطوية (Brochure) من مجانين أن يصمم لنا مقترحاً ويرسله على maganin@maganin.com .
بعد ذلك تكلمت مع قاسمٍ عن الحجامة Cupping وعرفت أنه تعلمها من أخيه د. إبراهيم كسروان الذي بدوره تعلمها في إيران.... وأنه ما يزال يكتشف الكثير من نجاحاتها في العديد من الحالات النفسية والعصبية... ومن بينها بعض حالات الوسواس وبعض حالات الرهاب الاجتماعي والقلق والصداع النصفي... وطلبت منه أولا أن يرسل لنا مقالا بذلك وثانياً أن يسجل الحالات ومتابعاتها من أجل كتابة دراسة عن الموضوع لأن من المخجل أن أكثر دارسي تأثيرات الحجامة العلاجية هم من الألمان!!
إذن علي أن أجهز لتحويل مجانين إلى مؤسسة وعليه أن يكتب لنا عن الحجامة... فادعوا الله أن يسدد ما علينا.
وأوصلني قاسم بعد ذلك إلى "سي روك" لأبيت ليلتي لأن سأسافر في الصباح عائدا لهواء مترب خانق هو هواء مصر المقدر علينا.... وصعد قاسم معي لنكمل حديثنا وليأخذ نسخته من آخر كتبي عن أكذوبة الرجيم وعند باب الغرفة لحق بي أحد العاملين بالفندق ليسلمني ما تركته مهروز لي: مظروف لابن عبد الله، وبعض الكتيبات عن إيران حماها الله لي.... وفي الصباح طرت إلى مصر عائدا إلى مجانين.
واقرأ أيضًا:
الإلحاح في العرض أثره على الإنسان / بين الماشين والسيارات الماشية