جالسة على المقهى الذي يحتل ناصية بشارع لوزان... تصنع بخيالك صورا عن المدن.."سويسرا"بلد الساعات الفخمة والبنوك والأموال.. لكن قيمة السفر أن ترى المدن بعيونك أنت... جنيف بلد هادئة وبسيطة ونظيفة... من الممكن لو عشت فيها أن تجدها مملة ولكن أعتقد أن هذا صعبا بالنسبة لي.
تركت القاهرة بحثا عن بضعة أيام إجازة... مشيت ومشيت ومشيت مستغلة الشمس الدافئة التي جلبتها معي من بلادي... درت حول بحيرة "لومو" وفي كل لحظة أستدعي من بلادي ما يشبه ما أعيشه. فأقول: كأني في الإسكندرية. وفي الليل أقطع بأن هذا المشهد من نيل أسوان ولكن أين الحناطير وروائحها النفاذة... أرقب الإعلانات في الشوارع وأقرأ الدعايات السياسية فأجد صورة لمرشح مكتوب تحتها شعار "العدالة للجميع" وأرقب صلبانا معقوفة مضافة بالفلوماستر إلى الصورة (يقاطعني نادل المقهى وأنا أكتب: سيدتي أتكتبين بالعربية فأجيبه، نعم أنا من مصر فيبتسم، وأنا من أصول جزائرية.. وعند مغادرتي المقهى يعطيني رقم هاتفه كي يدعوني إلى فنجان قهوة يوم إجازته فلديه ما يود إخباري به.. أحتفظ برقم الهاتف وأنا على يقين من أني لن أهاتفه..) مرسومة على صورة أخرى للمرشح شنب "هتلر"؛ فأتلخبط كيف يكون من يطالب بالعدالة للجميع عنصريا ويراه المعترضون عليه شبيها بهتلر النازي.
وأنا أعلم مسبقا أن اليمين المتطرف قد ربح الانتخابات الأخيرة... وبجانب صورة المرشح رسم كاريكاتوري لشخص يمسك بيده كشافا وحوله شخوص متنوعة وسيارات غارقة في الماء وعبارة تقول "الدمج في خدمة جنيف" (عصير البرتقال كالذي أشربه صباحا في بلادي.. مما يعطيني إحساسا بالألفة إضافة إلى الوجوه متنوعة الجذور فلا أشعر بالغربة. العالم مختلط رغم أنف الرافضين.. السود والآسيويون والشقر وحتى الحجاب).
جمال الربيع رغم تقلباته الجوية، في زهوره وتنوع ملبوساته، السويترات يجانب التي شيرتات والشورتات. وأنا نفسي أنزل من الفندق بالجاكيت ثم أخلعها على المقهى كي تستمتع ذراعاي بأشعة الشمس...
إعلان آخر "قل لي إنك تحبني حتى لو لم يكن ذلك حقيقيا" سأعود إلى الفندق لأرتدي حذاء بلا كعب وأندمج في الشوارع. فاليوم أحد والجو خالف توقعات خبراء الأرصاد الجوية ولم تظهر به غيوم. بالأمس بعت دبابيس "ضد الفساد" بعشرة فرنكات وجلست مع مصريين مهتمين بفهم ما يحدث في مصر ويسألونني كيف نساعد؟... هذه هي إجازتي.
واقرأ أيضاً:
ليس اليوم كالبارحة/ راجل جدع وست بتحب الجدعنة