نوم،، تلاتة حروف فيهم السحر.. أما إذا ألحقنا بالنوم كلمة (خم –بضم الخاء-) أكسبنا صاحب اللقب معنى أراه جداً رائع.
بحثت في النت وسألت الآخرين عن معنى كلمة (خم نوم) فلم أستطع الوصول لشيء أكثر من أن معناها الذي يوحي بكثرة النوم صار لقباً لي وبدون منازع، حصلت عليه بعد جهد وتعب على مر سنين عمري الكتير اللي راحوا، لقب بالفعل استحقه وعن جدارة، حتى أشعرني بابا أني أريد الوصول للعالمية بضرب الرقم القياسي في عدد ساعات النوم المتواصل.
في كل يوم أعود فيه من عملي أنظر لمن حولي وأنا جالسة في المترو (وسيلة المواصلات اللي أطلق عليها واحد قريبنا آلة تعذيب متنقلة، وإن كنت لا أوافق على هذا المسمى إلا أيام الصيف ومش هقولكو ليه)،، تتمايل رؤوس الركاب يميناً ويساراً، تتأرجح أجسادهم، تروح وتجيء كما بندول الساعة، استجابة طبيعية لأجسادهم المتعبة طوال اليوم لحركة المترو التي جعلتهم وكأنهم في استعراض راقص منظم،، فأستجيب أنا الأخرى لحركاتهم كأنني في جلسة تنويم مغناطيسي فيلاعب النوم عيني وأبدأ في الاستسلاااااااام ........ "وصلنا حلوان يا آنسة"!! أفيق مذعورة لأجد سيدة رأت في نفسها البطولة إذ أنقذتني في اللحظات الأخيرة، تنظر لي بوجه باسم ويد عايزة القطع من قوة الحركة (اللي هي الزغدة) فأبتسم لها وأقول: "شكراً".
أكمل طريقي، أصل للبيت، ألقي التحية "سلامو عليكو" بصوت صعيف وطاقة قد لا توصلني لغرفتي إذ تنتهي عند أقرب كنبة "طيب يا جماعة عايزين حاجة؟" وأميل بجذعي إيذاناً بالنوم فتركض مرام مطلقة صرخة رعب لأنها تعلم أن نهاية يومي قد حانت: "لأاااااااااااااااه، يا مها حرام عليكي عايزة أكلمك بقالي يومين ومش عارفة ألحقك!"، إذ صارت اللغة بيننا هي رسائل المحمول والورق المتروك الملزوق على الدولاب: (سيبيلي الفلوس اللي خدتيها مني امبارح) (ما تلبسيش الإيشارب الأخضر النهارده) (ماما مش موافقة نروح الحفلة) (خدي بالك المكواه بتحرق الهدوم) وهكذا.
أستيقظ صباح اليوم التالي أكاد أبكي: "مالحقتش انااااااام"، يسمعني بابا: "ناااااااااعاااااااااام!!" ويهم بالبحث عن لوح خشب يجيب بيه راسي نصين فأركض من أمامه مستنجدة بترابيزة المكواه وبوجه يكسوه البراءة أقول: "أسيبلك المكواه مفتوحة بعد ما أخلص كوي يا بابا؟"
أسير في الطرقات ذاهبة لعملي أنظر للمارة فأراهم مخدات متحركة، بطاطين تمشي على الأرض، ملايات سرير تطير من حولي، أجلس في المترو، أتجنب النظر للناس، ما أنا أصلي عارفة اللي هشوفه.
أشكال توحي بالنعاس، وجوه بعيون نصف مفتوحة، أطفال بعيون جمراء، التثاؤب يملأ المكان، ففففففففففف!! أخرج كتاباً من حقيبتي، أقرأ صفحة، اتنين، تلاتة، ثم يحدث ما كنت أخافه، لقد حضر السلطان،، النوم، أعيد كتابي لمكانه وأريح رأسي على مسند المقعد و....... يحدث تاني حاجة اخاف منها.
يقطع استسلامي للنوم صوت محادثة بين سيدتين عن الكرنب اللي ارتفع ثمنه، وأخرى تحكي إسفينا تعرضت له في عملها، وتلك تلاعب صغير لها عايز قطم رقبته على شقاوته، وحوارات لا تنتهي (هو انا ما قلتلكوش؟ إنها عربية السيدات): "شفتي مسلسل نور امبارح؟"،، "مش حازم خطيبي جابلي فطير م البلد؟"،، "بابا منع عني المصروف وقالي اصرفي انتي على نفسك"،، "أنا مش قلتلك كده كخ؟ -صوت ضرب مصاحب-".
أنظر للناس بعصبية وأفرك في يدي من الغيظ وأنا أتمنى ظهور بطل إعلانات (ميلودي تتحدى الملل) ويأمر سائق المترو انه يطلع صحراااااااوي!!
أصل شغلي، أجلس على مكتبي، لا أتحدث، أفتح الكمبيوتر، أغلقه ثانية، أقف، أجلس، أسند رأسي على يدي اليسرى وباليمنى أمسك سماعة التليفون: "حسااااااام هو مفيش شاي بلبن النهارده ولا ايه؟ عايزة افووووووق".
طبعاً لست في حاجة لأحكي لكم عن أيام الجمعة أو الأجازات كيف أقضيها، أو أن أحكي عن مآسي أصدقائي في البحث عني ومحاولاتهم المستميتة لإيقاظي ليكلموني شوية ويسألوني عن آخر أخباري.
لا أحد يعلم مدى استسلامي العجيب للنوم حتى أنني أسقط نائمة في أي مكان في بيتنا بمجرد إحساسي إن النوم قد حضر،، فيجدوني في الصباح على الأرض، على الكنبة، تحت السفرة...... حتى أيام المذاكرة،، لا أذكر أني كنت أغسل وجهي إذا شعرت بالنعاس لأستطيع استكمال مذاكرتي، وإنما بمجرد أن أتثاءب أرمي رأسي على الورق واروح في سابع نومه.. بالمناسبه هي سابع نومه ليه؟؟ ليه مش تاسع مثلاً!! ومين اللي سمى النوم سلطان؟ حقيقي له تقديري وتحياتي
ماما: أرجو أن تكوني قد رأيتي بعينيك نتيجة أغنيتك لنا زمان ونحن صغار: "آه يا نوم يا نوم يا نوم الله الله".
نداء عاجل: أنقذوا أسرتي قبل ما تلاقوا بابا نازل في عربية نص نقل ومعاه مكبر صوت (زي حسن حسني في فيلم ميدو مشاكل) وبيقول: حد ياخد مها بنتي ويديني بدالها مروحة؟!.
واقرأ أيضاً:
الضحـايـا / خيبة أمل / سحر اللحظة