كدتُ أتميزُ غيظا اليوم وأنا أسمع حديث السيدة الفاضلة (المرأة الريفية العاملة) وزوجة ذلك الرجل الميسور الحال مالا ومنصبا وهيبة في البلد.... ابنها ذي السنوات السبع يبدو ذكيا اجتماعيا منطلقا رغم صغر حجمه.... سألته عن اسمه فرد بصوت الواثق المبتهج.... لكنه بسرعة بدا مشوها نفسيا بشكل أو بآخر بمجرد أن بدأت الأم الحديث عن أنه يمارس اللواط مع أولادٍ أكبر منه... وأنا يسعى لذلك ولا يكف عنه! ومن لحظة شكوى الأم صمت ولم أسمع له صوتا بعد ذلك رغم أنه لم يبدِ شيئا من الخجل... متفائلا في البداية رأيت الأمر لعبا جنسيا بين جماعة أطفال ... قلت لها لعب عيال يا سيدتي .. ولكن كيف عرفتِ به فقالت أنا يا دكتور "بافتش في عيالي وثيابهم.. لو واحدة غيري لا تفتش لما كانت اكتشفت" أنا الآن في مصيبتي...
حاولت أن يحكي لي الولد ما حكته أمه من أنه إثرَ حدثً مماثل منذ سنتين (أي وهو في سن الخامسة أي دون سن التمييز حسب ابن القيم رحمه الله) وسن التمييز هذا هو سنه الآن أي السابعة وإن كان لا يبدو مميزا لمشاعر الناس ضده حسب تقييمي... فهذا المشوه المسكين لم يخبر أمه الموسوسة -إلى حد ربما لا أراه مرضيا ...ولم أختبرها- بما حدث له وإنما أعجب بالموضوع وصار يذهب بنفسه إليهم سألتها يذهب هو ويطلب فقالت نعم قلت لها ألا يعرف أنه رجل ألم تعرفيه يا سيدتي؟؟ فبهتني سؤالها لي أعرفه كيف أعرفه؟؟ يا دكتور قل لي كيف أعرفه ؟؟
قلت لها ما علينا ولكن كل هذا يحدث مع من هم أكبر منه بعام أو عامين قالت أو أكبر... هو يطلب أو هم يطلبون أنا أكاد أكون كظله... ودائما أكشف عليه وأفتش ملابسه فإن وجدت آثار برازه هددته بالضرب وغالبا ما لا يستجيب لغير العقاب فيحكي لي أنه حصل... أنا ألازمه وألزمه بالبقاء معي في كل مكان ورغم ذلك.... حصل بالأمس عند الفرن لأنني سهيت عنه وهو قاعدٌ يأكل في البيت فطلب منه أبوه شراء عيش من الفرن..... ووجد الولد الأول الذي اغتصبه في الحقل وذهب معه،..... قلت لها المفروض أن ما يحدث لا يتضمن الإيقاب (أي إدخال القضيب في فتحة الشرج) فوجدتها تقول لا يا دكتور هم يستعملونه من الخلف يا دكتور أنا فاهمة، وهو لا يرفض ذلك وأنا حتى أجد فتحة الشرج عنده محمرة وأحيانا ملتهبة...... هامت بي التصورات حتى تخيلت أنه يقوم بإدخال أشياء في نفسه فأكدت أن لا وأنه يكون عملية جنسية يا دكتور ولذلك أجد برازا في ملابسه!
قلت لها ليس من الممكن أن نحبس طفلا في السابعة من عمره... ثم ماذا عن مستواه الدراسي قالت ممتاز ومتفوق ولكنني معه من حصة مدرس لحصة مدرس وبعضهم يعطيه الدروس الخصوصية في البيت، ولكن لا أسهو عنه مرة إلا وتكون النتيجة ممارسة جديدة! أبوه لا يدري ولا يمكن أن أخبره، إنه ابننا الوحيد والأصغر بعد بنتين متزوجتين.... أنا احترت وعندما سمعت في إحدى الفضائيات من يقول أن لهذا الشذوذ علاج عند الطبيب النفسي جئتك طالبة من الله توفيقك في العلاج ماذا أفعل؟
سلوك الطفل في غير ذلك معقول ولا يوجد ما يكفي في رأيي لتشخيص اضطراب التصرف، فهو لا يكذب ولا يسرق ولا يهرب من البيت ويبيت خارجه... وفقط فيما يتعلق بالانشغال بالممارسة بعيدا هو لا يكذب، ولكن أمه تعبت من الملاحقة والضرب المتكرر ليعترف بممارسة تبدو متكررة كل أسبوعين على الأكثر!
نصحت بأن يودع مستشفى جامعة الزقازيق الجامعي في كلية الطب التي أعمل أستاذا بها... وعزمت على متابعته وحثِّ النواب من الأطباء والمدرسين المساعدين أن يتابعوه.... ثم والله خفت من بيئة المرضى وتأثير إغواء هذا الطفل لأحد المرضى!!... وعزز خوفي أنها رفضت دخول المستشفى من الأصل لسبب بسيط وصارم في نفس الوقت هو: أبوه لا يعرف يا دكتور
حاولت أن أتواصل مع الطفل محاولا معرفة هويته الجنسية فلم ينبس ببنت شفة بعد أن كان في أول المقابلة كما وصفته من قبل، ونصحتها بأن تستشير الدكتورة دعاء إبراهيم حسن في أفضل السبل لعلاج حالة الولد! ولعلها تكتب لنا عن خبرتها في هذا الموضوع... توريط يعني يا دكتورة!
لكن ما معنى أن هناك أطفالا تصل علاقاتهم الجسدية ببعض مرحلة الإيقاب؟؟ أخاف أن الفضاء المفتوح على الإنترنت والفضائيات يعلم أطفالنا ما لا نتخيل ولا نتصور من الممارسات أرجوكم انتبهوا.... وتخيلوا المجتمع الغافل عن أبنائه والمشدد نوعا على بناته، وكم من الآباء والأمهات ينسون أن التحرش أصبح يمكن أن يحدث للذكور مثلما يمكن أن يحدث للإناث وأن آثاره كثيرا ما تكون مؤلمة ومريرة لمن يريد الخلاص ومن لا يريده... لكن من يريد الخلاص يستطيع كعبد الله الرائع مثلا وغيره على مجانين.
وفي الصفعة الرابعة دخل علي الشاب الذي كبر بين يدي وأنا أتابعه منذ كان في سنوات الإعدادية (المرحلة المتوسطة في التعليم)، وهو الآن خريج جامعي شاب يحمل أوراقه بحثا عن وظيفة تسد مصاريفه الخاصة كرجل عامل!... قلت له تأخرت عن موعدك يا ".........." فقال مع الأسف شهرين أنا آسف يا دكتور الأهم أن النوبة عادت منذ عدة أيام لأنني كنت قد قطعت العلاج... قلت له نعم؟ كيف بعد سنوات الاستقرار الأخيرة التي كان يفترض أننا سنبدأ في تقليل العلاج تدريجيا بهدف إيقافه إذا أذن الله بدوام الاستقرار دون عقاقير... هل أنت تمزح يا ".........." قال وهل عهدتني كذلك لا يا دكتور أنا رحت المعتقل السياسي وحبست شهرين ثم بعدما لم يثبت علي شيء أفرجوا عني طلبت من الضابط علاجي وأخرجت له وصفتك الطبية فقال لي: "أجيب لك دواء جدول يا روح أمك هنا" ... طبعا هذا ضابط مباحث مؤدب جدا ومحترم..... وهم علموه هكذا!
ولكن أنت ليس لك أصلا في السياسة يا ".........." فلماذا.. يا دكتور مثل ما حصل في فيلم: "احنا بتوع الأوتوبيس".... قبض علينا لأننا نزلنا في محطة مترو أنفاق كان في الميدان الذي فوقها مظاهرة لحركة سياسية من الحركات... وكنت كلما حاولت شرح ذلك أتلقى من اللكمات والركلات ما يسكتني! ثم بعد أسبوعين تمكن أهلي من الوصول لي وأعطوني أدويتي.... وبعد اكتمال شهرين وعدة أيام أفرجوا عني!
أسقط في يدي من المسئول عن ضياع سنوات من العلاج؟ وعن تكلفة وتأثير سنوات أخر؟ شعرت أنني شخصيا أختصم هذه الحكومة الفاجرة، سألته: وهل تنوي أخذ حقك قال لي وهو يضحك ضحكة المذبوح من من آخذ حقي من أمن الدولة يا دكتور.... ثم ليس هناك ما يثبت ما حصل لي إلا سجلات المباحث... أنا عرضت الأمر على أحد المحاميين فقال لي أولا أين إثبات أنك اعتقلت وثانيا لا أضمن لك من بعد رفعه الدعوى بساعة أن تعتقل ثانية ربما أنت وكل الذكور في عائلتك!
تذكرت كلمات صلاح عبد الصبور في مسرحيته الشعرية "ليلى والمجنون":
"في بلدٍ لا يحكم فيه القانونْ
يمضي فيه الناسُ إلى السجن بمحض الصدفهْ
لا يوجدُ مستقبلْ
في بلدٍ يتمددُ في جثته الفقرُ كما يتمددُ ثعبانٌ في الرمل
لا يوجدُ مستقبلْ
في بلدٍ تتعرَّى فيه المرأةُ كي تأكلْ
لا يوجدُ مستقبلْ"
ليس المستقبل بعيدا ولا قريبا... فعلا المستقبل في هذا البلد غير موجود! فهل يصح استمرار هذه الأوضاع؟
واقرأ أيضًا :
بين الماشين والسيارات الماشية / التبعية الانتحارية ما بعد التبعية الإدراكية