شكرا سوريا: مؤتمر مختلف3
في الصباح صباح الأحد 25/8/2008 ولأنني لم أسجل اسمي ومكان إقامتي بالأمس.... لم أتمكن من حضور الرحلة التابعة لمنظمي المؤتمر والتي انطلقت لزيارة القنيطرة... لأن أحدا من المقيمين في شيراتون لم يسجل اسمه فيها أغلب الناس سافروا مساء السبت.... وعرفت أني هناك كنت سأرى الحدود مع الكيان الصهيوني المحتل (وهو مشهد أخمن أنه سيكون شبيها بحدودنا مع فلسطين المحتلة عند رفح)... وكذلك كنت سأرى المستوطنة التي دمرها الصهاينة قبل تسليمها إلى السوريين (وهو مشهد لا أظن سيختلف كثيرا عن مشهد مستعمرة "ياميت" في سيناء التي كانت قد سلمت إلى المصريين)..... صحيحٌ أنني سأحرم من رؤية طبيعةٍ أكثر جمالا هي طبيعة التضاريس في تلك المنطقة ولكن ليس لنا في ذلك نصيب ولله الحمد على ما أصبنا من طيب المقام في سوريا، بإمكاني إذن أن أتابع قراءة البحث الذي يفترضُ أني سأناقش صاحبه فيه في الغد، وصاحبه ابن نجيب من أبنائنا نواب الطب النفسي في القسم بكلية الطب جامعة الزقازيق هو الدكتور محمد عبد الغني.. وأمضيت في ذلك ساعتين كاملتين.
وفي حوالي الثانية عشرة ظهرا كنت قد انتهيت من إعداد الحقائب للسفر وخرجت إلى استقبال الفندق لإنهاء فترة الإقامة... وبعد أن أنهيت الإجراء رأيت وجه الزميل نديم المشمش جالسا في أحد أركان البهو فمشيت إليه وسلمت عليه ولم أنتبه إلى أن الجالس على يميني وأنا أسلم على نديم هو الدكتور أديب عسالي الذي فوجئت به يقوم ليسلم علي قائلا أسعدتنا مشاركتك في المؤتمر وسألني عن موعد سفري ووسيلة الانتقال إلى المطار فقلت له لقد اتفقت مع الفندق فطلب مني إلغاء ذلك الحجز لأن سيارة خاصة ستوصلني ومن معي من المصريين الباقين إلى المطار.... فشكرته وألغيت الحجز وقلت بالباقي معنا من النقد السوري نشتري بعض المكسرات من المطار.
جلست إذن أكثر من ساعتين في بهو ذلك الفندق وكانت الفرصة الأولى التي أبقى فيها فترة طويلا وأنا أتأمل الناس في سوريا... الواضح أن لا وسط فيما يبدو ربما في الشرائح التي تتعامل مع شيراتون فإما منتهى التبرج وإما منتهى الالتزام في الملبس لكنهم في كل الأحوال مرتبين وجيدي المظهر... بدا لي أن سوريا كلها أقبلت على شيراتون بعد أن رحل عنه المشاركون في المؤتمر... وفكرت في أن الأستاذة لمى هي الوحيدة ممن أعرف في سوريا التي لم أرها وحقيقة لا أعرف ما إذا كانت من سكان دمشق أو غيرها وفي كل الأحوال لابد عندها عذرها....
وفي الطريق إلى المطار قص علي الشاب الذي تطوع لإيصالنا بسيارته كثيرا من القصص التي تبين ضيق الحال بالنسبة للشباب وصعوبة الإقبال على الزواج إلى حد خانق... فرغم أن سوريا هي البلد العربي الوحيد –غير النفطي- والذي لا يعيش على المساعدات كغيره من البلدان ورغم وجود نشاط ممتاز للشركات الوطنية رغم ذلك فإن الوضع الاقتصادي صعب... كان يقول أن أكثر من نصف الشباب السوري يعمل في الخليج قلت له وأكثر منهم من المصريين ولكن هناك فرقا بين 25 مليونا على الأكثر هم سكان سوريا و80 مليونا على الأقل هم سكان مصر...... فقال لي دكتور أي شاب يحتاج قبل أن يفكر في الإقدام على الزواج أتدري لكم قلت كم ؟ فقال مليون ليرة سورية على الأقل يا دكتور ليقدم على الخطوة الأولى فمليون ليرة تعني أن بإمكانه تدبير شقة وربنا المعين في تأثيثها... وكنت قد عرفت من أخي عبد الرحمن أن الغالبية العظمى من الناس في سوريا لا يزيد راتب الواحد عن 14 ألف ليرة وهو ما أصبحت أعرف أنه قليل فرغم أن الأسعار منخفضة مقارنة بغيرها من الدول إلا أن الدخل في سوريا منخفض بالنسبة لمتوسط الدخل الشهري.... تماما كالحال في مصر أيام عبد الناصر وأوائل أيام السادات.... وطبعا مصر الآن أسوأ بمراحل مع شديد الأسى.
أعطاني بعد ذلك معلومة عن المكان الذي دفن سيدُنا قابيل فيه سيدَنا هابيل عليهما السلام وعرفت أنني لم أتمكن من زيارة ذلك المكان ثم تساءلت ألا يعني ذلك أن أول نزولٍ لأبينا آدم عليه السلام وأمنا حواء كان في سوريا؟ هل ذلك أثبت تاريخيا أم لا؟ لا أعرف!... وبعدها أشار إلى طريق جانبي وقال من هذا الطريق يمكننا الوصول إلى أكبر مطعم في العالم قلت ماذا تعني بأكبر مطعم قال فعلا لقد دخل الموسوعة العالمية بوصفه أكبر مطعم في العالم كان صاحبه سوريا لكن أحد العراقيين اشتراه وأجرى عدة توسعات له حتى حصل على لقب أكبر مطعم في العالم.. قلت له إن شاء الله نزوره في المرة القادمة.
دارت بنا الساعات والأحداث منذ النزول في مطار دمشق الدولي وحتى النزول في مطار القاهرة الدولي أيضًا وهناك فرق حقيقة بين المطارين فالمطار في سوريا أصغر حجما وأقل بهرجة بشكل واضح وليس بعيد الاختلاف من ناحية النظام والنظافة عن مطار القاهرة.... أخيرا وصلنا وبعد انتظار طويل للحقائب يجعلني دائما أندم على البكور في التواجد في المطار لأن المتاع الذي يوزن أولاً يدخل صندوق الحقائب في الطائرة أولا وبالتالي يخرج آخرا.... انتهزت فرصة وجودي في مطار القاهرة بين المغرب والعشاء وتركت أحمد ابني واقفا في انتظار الحقيبتين وصليت المغرب والعشاء جمع تقديم وقصرت العشاء... دائما ما أعتبر رخص الله محببة للنفس إلا في الصوم... وأن تصوموا خيرٌ لكم....
استقبلتنا القاهرة بازدحامها المعهود وغبارها المشهود من لحظة الخروج من المطار اللهم هذه بلدنا ولك الحمد على كل حال..... وفي الطريق اتصلت بالدكتور محمد عبد الغني الذي حملت أطروحته للماجستير معي من مصر إلى سوريا لأقرأها في شكلها الأخير لأنني سأكون ضمن لجنة الحكم عليها غدا... وكانت المفاجأة أنه قال لي حمدا لله على سلامتك يا أستاذي موعد المناقشة هو الأحد 31 أغسطس واليوم هو الأحد 24 ... يبدو أن حضرتك نسيت لقد أخذت موافقتك على هذا الموعد يوم الأحد 17 أغسطس.... قبل سفركم إلى سوريا... قلت له فعلا نسيت بالتوفيق يا ولدي بالتوفيق... وشكرا على النسيان الذي جعلني ألهي نفسي عن فقدان الرحلة إلى الجولان... أسأل الله أن أزورها وقد تحررت كلها... وأخش منها فلسطين محررة... ما على الله مستحيل.
واقرأ أيضاً:
الإنسان السعودي بين الأمس واليوم مشاركة / شذراتٌ في الحال والأحوال1