مؤتمر دمشق لأطباء النفس العرب (2)
سأل البروفيسور أديب العسالي أين تفضلون العشاء في جبل قاسيون المطل على دمشق أم هناك مكان معين تفضلون الذهاب إليه، ترك الجميع الخيار له، فاقترحت الذهاب إلى دمشق القديمة والعشاء في أحد بيوتها القديمة الذي تحول إلى مطعم، وهي فرصة ليتعرف الأصدقاء والزملاء على البيوت الدمشقية القديمة.. وفعلا توجهنا إلى دمشق القديمة.. انطلق معظم الزملاء في سيارات طلبها البروفيسور العسالي وكنت في سيارتي برفقة الصديق العزيز البروفيسور وائل أبو هندي ونجله أحمد والصديق البروفيسور مهدي القحطاني، مرافقا لسيارة البروفيسور أديب العسالي أسير وراءها خوفا من أن أضل الطريق لأن الطرق والشوارع والأحياء في دمشق تغيرت كثيرا فهناك الكثير من المناطق تغيرت ملامحها علي وحقيقة لا أعرفها. عدا عن الخشية من أي خرق لقوانين السير الجديدة التي طبقت مؤخرا وهي قوانين صارمة جدا لكنها مفيدة وآمنة للتخفيف قدر المستطاع من حوادث السير في البلاد.. وهناك مشكلة أخرى شبه دائمة يحدثني عنها الزملاء والأصدقاء وتعاني منها كافة المدن السورية تقريبا، وهي أن بعض الطرقات تكون في اتجاه ما ثم بعد فترة وجيزة تصبح باتجاه آخر.. فلكي لا أقع في أي من كل هذه المحاذير فضلت التقيد بالمسير خلف سيارة البروفيسور العسالي.
مررنا بمواجهة مدخل سوق الحميدية الشهير وانحرفنا يسارا حتى أصبحنا أمام مدخل بوابة قلعة دمشق توقف البروفيسور العسالي لتصعد السيدة الدكتورة عقيلته، ثم مقابل سوق الخجا، (هذا السوق الشهير المخصصة لكافة أنواع الحقائب.. سنعود إليه برفقة أحمد نجل البروفيسور أبو هندي في مساء آخر أيام المؤتمر) ثم إلى شارع بغداد وباتجاه دوار باب توما ومن ثم إلى منطقة باب شرقي حيث مطعم قصر الخير..
كانت إحدى الزميلات الضيوف وهي صديقة لأسرة البروفيسور العسالي، تبدو عليها الملامح الأنكلو سكسونية.. وهي صبية تبدو عليها ملامح الوقار والاحترام، في مطلع العقد... الخـامـ.... ربما أواخر العقد الرابع... من العمر وربما أصغر أو أكبر (على كل النساء لا يحبذن التحدث عن أعمارهن في معظم أصقاع المعمورة... وخاصة الانكليزيات.. فالحادثة الشهيرة أثناء إحدى الحروب وما رافقها من ضيق وأزمات مالية واقتصادية وغير ذلك... وانتشار السطو والسرقات خاصة سرقة حلي النساء في الطرقات والشوارع... على أثر ذلك أصدرت الملكة آنذاك فرمانا يمنع النساء من ارتداء الحلي في الطرقات والشوارع... واستنفرت نساء المملكة على هذا الفرمان احتجاجا واستنكارا... ومن المعلوم صعوبة تراجع الملوك عن فرمان أقروه... فما كان من أحد مستشاري الملكة إلا أن اقترح عليها أن ترفق ملحقا بالفرمان جاء فيه.. يستثنى من الفرمان النساء العجائز.. وبذلك أصبحت كل النساء حتى اللواتي في العقد التاسع من العمر لا يضعن الحلي أثناء التجول في الشوارع) على كل هذه الصبية بالصدفة لم يبق سواها وحيدة لترافق البروفيسور العسالي في سيارته..
وهنا كانت أولى التعليقات... مين دي اللي مع البروفيسور أديب... أين السيدة الدكتورة عقيلته؟...
عندما توقف البروفيسور أديب جوار مدخل قلعة دمشق كانت السيدة عقيلته بانتظاره ليقلها معه.. وهنا حصل عناق بين الصبية الانكلو سكسونية والسيدة عقيلة البروفيسور أديب،... وتبين للجميع ظلمنا للبروفيسور العسالي.
في المطعم كان جواري من اليمين البروفيسور مهدي القحطاني، ومواجهتي البروفيسور وائل أبو هندي ونجله أحمد والى يساره الدكتور خليل فاضل في حين الدكتورة دعاء هويدي والسيدة والدتها على يمينه.. والى يمين الدكتورة دعاء السيدة عقيلة الدكتور الفرغلي والدكتور علاء فرغلي..
إلى يساري تعمدت كرسيا فارغا ثم الصبية الانكلو سكسونية... والسيدة عقيلة البروفيسور العسالي والبروفيسور العسالي وباقي الزملاء...
قال البروفيسور العسالي تكفل يا عبد.. بحسن سير الأمور في جهتك، وعلي التكفل بحسن سير الأمور في جهتي..
أجبته: حاضر...
سأل الدكتور خليل فاضل "إحنا فين..." أقول لقرايبي - هم معايا على المحمول (Mobile) - إيه اسم المكان اللحنا فيه، هم جايين لينا عاوزين ياخدوني معاهم.."..
أجابه البروفيسور العسالي قل لهم أننا في مطعم قصر الخير في باب شرقي.. وكونهم من أبناء الشام سيعرفون كيف يصلون إلينا..
البروفيسور مهدي القحطاني (مهدي سعيد أبو مدييني) أستاذ مشارك واستشاري الطب النفسي.. رئيس قسم الطب النفسي في كلية الطب بالدمام جامعة الملك فيصل.. نائب رئيس المجلس العربي للطب النفسي.. رئيس الجمعية السعودية للطب النفسي. "ولقب القحطاني هو اسم القبيلة أو العشيرة على ما أظن"..
وهذه مشكلة الأسماء على جواز السفر (passport) واختلافه عن الاسم المشهور والمعروف.. فالبروفيسور وائل أبو هندي (وائل محمد أحمد إبراهيم) أستاذ الطب النفسي في كلية الطب بجامعة الزقازيق.. جهزت له بطاقتان إحداها باسم الأستاذ الدكتور وائل إبراهيم والثانية باسم الأستاذ الدكتور وائل أبو هندي.. وهذا ما حير وأربك موظفو الشركة المنظمة.
سألني البروفيسور مهدي القحطاني: "انتووا ليش هيك يا خوي... ما تاخذون قرار.. الحق وإياكم والقانون صريح وكل شي معاكم ولصالحكم... من شنو خايفين؟.. ما ادري ليش تسوون هيك..".
قلت: بخصوص ما حدث في مؤتمر القاهرة في مصر؟.
قال: نعم... من شان الاتحاد واللي صار في مؤتمر القاهرة... واللي ساواه البروفيسور أحمد عكاشة... والبروفيسور عبد الرزاق الحمد و... وانتوا... هنا.. ما تعرفون شنو صار وإيانا بالسعودية....
رجوته تأجيل الحديث في هذا الموضوع إلى وقت لاحق.. فما يهمنا الآن هو نجاح المؤتمر وتأمين راحة ضيوف المؤتمر..
وأنقذني من هذا الحوار مع البروفيسور مهدي القحطاني... سؤال البروفيسور وائل أبو هندي:... اااايه... يا دكتور عبد الرحمن.. أنت خايف من إيه.. أنت اللي كاتبوا عن الفيتيشية وتحول الجنس والجنوسة (الجنسية المثلية) يخبل.. وهو موضوعي وعلمي وبأسلوبك المميز.. اللي ما حدش يجاريك فيه... وأهم حاجة انو منسجم مع تعاليم الدين... ولا يخالف الشرع.... أنا مش عارف أنت خايف من ااااااااااايه بالضبط..... وبعدين يا خويا... ما الاستشارات ليها عندك حوالي سنة... ما تفكها وهي مأسورة عندك... وتدينا الإجابات عليها... إحنا حقيقي محتاجين للي يفهم ويقدر يكتب بالحاجات دي... وأنت.. بسم الله.. ما شاء الله....
"... حقيقة.. خلال الأسابيع الأخيرة كانت هناك عدة حوارات الكترونية وهاتفية بيني وبين الصديق العزيز البروفيسور وائل أبو هندي حول الشذوذات الجنسية.. والكمية الهائلة من الاستشارات التي تأتي حول هذه المواضيع... والمعانات التي يتكبدها في شبكة الصحة النفسية الاجتماعية (مجانين دوت كوم) من حجم وكمية بريد الاستشارات.. وهذا مرهق جدا.. فاتفقت معه أن أكتب عن الشذوذات الجنسية للمساهمة قدر المستطاع في توضيح وفهم هذه الحالات.. وفعلا أرسلت ما يتعلق بمراحل الطفولة وكيفية فهم التطورات الطبيعية للسلوك الجنسي فيها وهي تنشر تباعا حتى الآن... وكذلك أرسلت ما يتعلق بالفيتيشية وتحول الجنس وتحول الزي ومن ثم الجنوسة (الجنسية المثلية) التي أرسلت منها قسمين وبقي قسمين احدهما جاهز ولكن القسم الأخير هو ما دعاني للتردد كثيرا بعد خوض الغمار في كتابته..
فهذا القسم الأخير يتحدث عن آيات قرآنية تحدثت عن طبيعة العلاقة الزوجية وما حرم فيها وما حلل وآيات أخرى تتناول موضوع الشذوذ الجنسي... والتفسير اللغوي لكلمات في هذه الآيات الكريمة... وموقف الأديان عموما من الشذوذات الجنسية.. وهنا عبرت عن خوفي وخشيتي في الكتابة في هذا الموضوع... وهو ما أشار إليه الصديق العزيز البروفيسور وائل أبو هندي في سؤاله.."..
أجبته: أخي العزيز... نعم.. أخاف... بصدق أخاف من الكتابة في هذا الأمر.. لأن الأمر هنا مختلف تماما عن الكتابة في الأمور العلمية... صحيح إن الكتابة مهما كان نوعها علمية أو أدبية أو غير ذلك...، في أي أمر مهما كان.. هي أمانة ورسالة ومسؤولية كبيرة... ولكن عندما أحاول الكتابة بأمر يتعلق بآيات من القرآن الكريم... عندها الأمور تأخذ أبعادا كبيرة وكثيرة وباتجاهات متعددة.. هذا في الحالات العادية.. فكيف إن كان هناك من سبقك وكتب في هذه الأمور من زملائنا أهل الاختصاص وزرع نوع من القناعة وهي قناعة رغم أنها خاطئة إلا أنها أخذت حيزا وأبعادا عند البعض هذا من جهة... ومن جهة أخرى أن بعض الفقهاء ومن مختلف المذاهب لم يتفقوا على رأي موحد أيضا من خلال تفسيرهم لآيات كريمة تتعلق بتحليل أو تحريم بعض الشذوذات الجنسية...
مع الأسف.. تورط البعض من الاختصاصيين العرب كالعادة بالمفاهيم الغربية أكثر مما ينبغي، وأكثر من ذلك تورط البعض بمحاولة خلق مبررات متعددة للشذوذات الجنسية بما فيها الجنسية المثلية (الجنوسة)، وكانت الطامة الكبرى أن بعض الاختصاصيين النفسيين في عالمنا العربي قام بمحاولات لتفسير أيات كريمة من الذكر الحكيم بما يتناسب مع المعتقدات الغربية وإطفاء نوع ما من الشرعية الدينية عليها..
ولا ينكر أن بعض الاختصاصيين في عالمنا العربي وقف بوجه هذه المحاولات وأذكر منهم سيادتكم الكريمة والأستاذ الدكتور محمد المهدي والأستاذ الدكتور مصطفى السعدني وقبلهم أستاذ الأجيال البروفيسور يحيى الرخاوي أمد الله في عمره وغيركم آخرون...
سأل البروفيسور مهدي القحطاني مثل ايش..
قلت: أورد بعض الزملاء في كتبهم ومن بينهم (...) في كتابه (...) فصلا كاملا حول هذه المواضيع.. مثلا ما ورد في الفقرة التالية: "ولم يدن القرآن الكريم بتوسع وتفصيل مختلف الانحرافات الجنسية، غير أن مما وردت الإشارة إليه هو انحراف اللواطية. ومع أن القرآن لم يدن هذه الممارسة مباشرة، إلا أنه لابد من الاستنتاج بأن ما حل بقوم لوط من عقاب فيه التنويه الكافي بإدانة اللواطية بين الذكور. ومثلها من الانحراف بين الإناث (السحاقية). ولم يدن القرآن كما أنه لم يجز (الغلمانية)، ولعل الوعد بمكانة الغلمان في الجنة، ما يمكن تفسيره بأنه دعوة للانصراف عن هذه الممارسة في الحياة الدنيا. ومع أن القرآن لم يتخذ موقفا واضحا من العلائق الجنسية بين الرجل والمرأة إلا أنه أجاز للرجل أن يأتي حرثه كيفما يشاء"...
نلاحظ في هذا النص أخطاء كثيرة وكبيرة وفهم خاطئ للدين وللقران وللإنسان.. ولا أبالغ إن قلت إن النص كاملا هو خطأ ولم أجد فيه جملة واحدة تدل على أدنى استيعاب لتعاليم القران الكريم.. أو حتى احترام إنسانية الإنسان.
هناك أخطاء في غير هذه الفقرة من نفس الكتاب أيضا تتعلق بتفسير آيات قرآنية وهي دون أدنى شك بعيدة كل البعد عن تعاليم وقيم ومبادئ القرآن والرسالة المحمدية. وكما ذكرت فهذا الفصل من هذا الكتاب يحتوي على أخطاء ليس من السهولة انتزاعها من فكر وذاكرة من قرأه خاصة من غير أهل الاختصاص.
قال البروفيسور أبو هندي: حقيقي... تأتينا استشارات عجائبية تحاول أن تقنعنا بأن هذا الأمر محلل..
قلت: يجب أن ننتبه إلى أن الجنسانية المثلية (الجنوسة) تعتبر محرمة في كل الديانات السماوية من يهودية ومسيحية وإسلامية وفي معظم العقائد الأخرى، لذلك فإن المؤمنين بهذه المعتقدات يعتبرون النشاط الجنسي المثلي (الجنوسة) خاطئاً كبيرا وغير مقبول بأي شكل من الأشكال.
وبعد طلبك أخي العزيز دكتور وائل: وجدت نفسي مضطرا إلى البحث في أمهات الكتب في اللغة العربية وتفاسيرها، ولم أكتف بالمنجد، والوسيط، ومختار الصحاح، فعدت إلى المراجع الكبرى (لسان العرب، وكتاب العين، ...)..
ووضعت نصب عيني حقيقة لا يمكن تجاهلها وهي محدودية فهم وإدراك الإنسان أيّا كان... وأتذكر المثال الشهيرة التي يتفق عليه معظم الناس والمسلمون في العالم وهي أن معرفة الإنسان وعلومه هي بالكاد تعادل حجم قطرة الماء التي يتناولها طائر صغير بمنقاره من مياه البحار والمحيطات..
بتقديري جزء من كارثتنا في عالمنا العربي والإسلامي أولا عدم القراءة... فأمة اقرأ هي أمة لا تقرأ... فكيف يمكنها الكتابة بدون القراءة... والجزء الأخر من كارثتنا هي في فهم الأمور مجزأة، وبالأصح اقتطاع جزء من كل، ومن ثم محاولة الاجتهاد في ترجمة معنى هذا الجزء أو تفسيره، وهذا خطأ كبير غير مقبول لدى أدنى مقومات البحث العلمي وعند أي باحث أو دارس أو حتى قارئ عادي..
وفي هذا السياق أعطي مثال لفظ لا إله، فقط هي نفي لوجود إله... أما مع تتمتها، إلا الله.. هكذا اختلف المعنى جذريا وأصبحت بالمعنى المراد بها حقيقة.. وهذا جانب مما وقع فيه الكثير ممن فسر آيات كريمة، أما الجانب الآخر يلاحظ قلة الخبرة والمعرفة في مكنونات اللغة العربية ومعاني ألفاظها وكلماتها عند الكثير من الاختصاصيين النفسيين في عالمنا العربي، بالطبع ليس المطلوب أن يكون الاختصاصي النفسي عالما في اللغة العربية ونحوها وتصريفها وغير ذلك، ولكن على الأقل يجب عدم الكتابة عن أمر إن لم أحاول الإحاطة به قدر المستطاع وإعطائه حقه كي لا أقع في الخطأ، فالخطأ هنا كارثة، خاصة في أمور لها حساسيتها الشرعية والاجتماعية والقانونية والطبية والإنسانية كالأمور الجنسية وحالات الشذوذ الجنسي.
وهنا لا استثني من هكذا أخطاء ما وقع فيه بعض رجال الدين والفقهاء والمفسرون.
سأحاول في كتابتي حول هذا الموضوع صديقي العزيز وقدر استطاعتي من منظور اختصاصنا أن أعرض بعض الإشكالات التي فهمت بشكل خاطئ في مجال العلاقة الزوجية الجنسية، والشذوذات الجنسية.. وكذلك محاولة إدراك وفهم مدلولات كل من الغرائز والشهوات..
سألت والدة الدكتورة دعاء هويدي.. يعني إيه غريزة وإيه شهوة..
الغرائز: من غريزة والغريزة لغويا هي الطبيعة والقريحة والسجية من خير أو شر. والغرائز بشكل عام هي رغبات لكنها رغبات غير واعية، وهي ذات أساس وأصل من منشأ فيزيولوجي (وظيفي)، وهي موجودة عند كل الكائنات الحية بما فيها الإنسان، فهي مغروزة في الطبيعة البشرية للإنسان (كغريزة الطعام والشراب والجنس وغريزة حب البقاء) وتعتبر غريزة حب البقاء من أهم الغرائز الموجودة لدى الكائنات الحية بما فيها الإنسان.
الشهوات: جمع شهوة ويقال شهي الشيء وشهاه ويشهاه شهوة واشتهاه وتشهاه: وتعني أحبه ورغب فيه. والتشهي: اقتراح شهوة بعد شهوة، قوله تعالى: وحِيلَ بينهم وبين ما يشتهون أي يرغبون فيه... والشهوات بشكل عام هي رغبات، لكنها رغبات تكاد تكون كلها واعية، ويعتقد الكثير من العلماء بأنها ذات أساس وأصل من منشأ معرفي واجتماعي وموجودة عند الإنسان فقط. وهي غير متوفرة لدى باقي الكائنات الحية. والشهوات الإنسانية مقبولة ضمن أطر محددة ومنضبطة، أما الإسراف في الشهوات مرفوض.. وبشكل عام... كثيرا ما يخلط بين الغريزة والشهوة.. وهذه تحتاج إلى دراسات وأبحاث معمقه.
سأل البروفيسور مهدي القحطاني عن الآيات الكريمة..
الآية الكريمة قوله تعالى: (نِساؤُكُم حَرثُ لكم فأتُوا حَرثُكم أنَّى شئتُم وقدِّموا لأنفُسِكُم واتَّقُوا الله وأعلَموا أنكم ملاقوه وبَشِّر المؤمنين) (البقرة 223) مع الأسف اعتبرها البعض بأنها تحلل وتبيح للرجل معاشرة زوجته بما يخالف الطبيعة.. أي اعتبرها البعض تحليل واستباحة للمنطقة الشرجية عند الزوجة في العلاقة الجنسية مع الزوج، وهذا خطأ كبير.
لقد نسي هؤلاء الآية التي قبلها من نفس السورة، قوله تعالى: (ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) (البقرة 222)
الخوض في التفسير اللغوي لهذه الآيات ومثيلاتها... وحده يشكل لي خوفا شديدا... عدا عن المجالات والجوانب الأخرى... إذ يجب أن أعلم ما هو معاني الكثير من الكلمات.. (الحرث، أنى، النساء، التقوى، الفواحش...الخ). بالطبع المعنى اللغوي... هذا من جهة...
ومن جهة أخرى إن أصبت فتلك لوحدها تخيفني... أم إن أخطأت.. فالمصيبة أكبر وأعظم.. لأنني أكون وقعت في محظورات... إن أصبت أكون ربما وكأنني أفتيت... ومن أنا حتى أفتي؟. حكما لا يحق لي ذلك.. وان أخطأت من يتحمل وزر ذلك أمام الخالق من جهة ووزر من اعتمد على خطأي.
لمجمل هذه الأمور... ولحرصي الشديد أن أكون موفقا في إجاباتي وعلميا بشكل دقيق... تريثت في الإجابة على الاستشارات الخمس التي وصلتني منكم صديقي العزيز أبو هندي منذ قرابة العام... ولهذا أخاف.. وفضلت أن أكتب عن مراحل تطور الطفل من الجانب النفسي والجنسي والإدراكي... وأيضا عن الشذوذات الجنسية... وبعدها أرسل الإجابات على الاستشارات التي بحوزتي بحيث يستطيع صاحب الاستشارة أن يستوعب أكثر قدر ممكن من فهم حالته.
أعدك صديقي العزيز أن أنجز ذلك بأسرع ما يمكن.. ولكن بكل الأحوال تحتاج إلى وقت.. لأنني أكتب ببطء.. وأعيد ما كتبت عدة مرات.. قبل الوصول إلى قرار قابليته للنشر.
قالت الدكتورة دعاء هويدي: إحنا مصيبتنا يا دكتور.. انو لحد دي الوقت لسه في مجتمعنا... الرجل بيستعبد المرأة.. وبيتحكم فيها كأنها أداة.. وما بيديهاش حريتها،... وده ظلم والله.. وبيتحجج بكل حاجة بالدين.. وربنا ده ظلم..
تذكرت حديثها في بهو فندق الشيراتون عندما كنت في حوار حول المؤتمر مع العزيز أبو هندي.. إذ قالت: "يا خبر.... أنا لسه مدرس.. وقدامي كمان.. أستاذ مساعد، وبعدين... على محصل أستاذ.. وأنا تلميذة البروفيسور أحمد عكاشة، وأنا معاه.. بنفس القسم والكلية،... ربنا يستر، لو كنت أعرف انو في خلافات ما كنتش جيت من أصلوا.. كان لزمتها إيه... حيحصلي اااايه... ربنا يستر..".
وما زاد من خوف.. وخشية الدكتورة دعاء من ردة فعل البروفيسور أحمد عكاشة على حضورها مؤتمر سوريا، هو الحديث الذي تطرق له الدكتور خليل فاضل... هذا الرجل الفاضل الكبير بعلمه ورفعة أدبه وسمو أخلاقه، اللطيف المعشر، المتوازن، الهادئ... الذي يمتلك من حس اللباقة وأسلوب التعامل مع الآخرين، بطريقة صادقة قل أن تشاهد في هذا الزمن، أشبهه بالنعاس الذي لا يمكن مقاومته.. وعنده من اسمه الكثير... ألم تقل العرب لكل من اسمه نصيب (ويكفيه.. إنه يملك الفضيلة والخِل)...
إذ ذكر اتصال البروفيسور أحمد عكاشة به، وقوله له:
"... أنت يا دكتور خليل مروح سوريا تعمل إيه؟.. ححضر المؤتمر وشوف قريبي.. أصل أنا لي قرايب في الشام... حتعملوا إيه في المؤتمر يادكتور خليل؟.. ما قولتلك، ححضر المؤتمر.. وبعدين الناس بتعمل إيه في المؤتمرات..
طب ياخليل أنت بقالك قد إيه بتشتغل كتير... ولحد دلوقتي ما عندكش......؟..
ايوا...... أنا عارف...انو ما عنديش... بس.. يعني إيه.. ومين قال انو يلزمني... يا خبر.. هو حد اشتكالك... أنا بشتغل والحمد لله والعيادة شغاله والحمد لله... والعيال بسم الله ما شاء الله ذي الفل... والحمد لله كلهم كويسين... وما حدش له عندي حاجة ومش طالب من حد حاجة.. فلزوموا إيه الكلام ده.. وتقصد بيه إيه.. يا أستاذنا..
أنا حقولك حاجة.. أنت متفضل علي.. بحاجة أنت حقيقي ما تتذكرهاش.. (أيام إلي كنا شباب بأول حياتنا.. ويوميها كنا اندفاع الشباب والأفكار....) يوميها كان ليك موقف ساعدنا كتير.. ودي حاجة أنا شلتها لك كبيره عندي ما إنسا هاش..
بس دي جاجة.. ودي حاجة..
والحياة موقف يا أستاذنا.. إحنا مش رايحين نساوي حاجة ضد حد أو مع حد.. وده ما يهمنيش... إحنا رايحين نحضر مؤتمر... وهو بالنهاية حاجة مفيدة.. بغض النظر عن الخلافات اللي حصلت بعد مؤتمر القاهرة.... بعدين ما يصحش يا أستاذنا ... لعاوز يروح مؤتمر سوريا.. ما يروح.. فيها إيه.. أنا مش شايف فيها حاجة وحشه..."...
واقرأ أيضاً:
شكرا سوريا مؤتمر مختلف4 / تكريم دكتور الرخاوي / هذا الحذاء