لا زلت أتعجب من الصدقة...
وأذكر لكم هذه القصة نقلاً عن الشيخ عبد الهادي بدلة إمام جامع الرضوان في حلب, وهو من العلماء القلائل الذين يخاطبون العقل والقلب معاً, قال:
في بداية زواجي منّ الله علينا بطفلنا الأول.. ففرحنا به فرحاً شديداً. لكن شاء الله -سبحانه- أن يُصاب هذا الطفل بمرض شديد، عجز عنه الطب حينها، وبدأت تسوء حالة الطفل وت سوء حالنا نحن أكثر حزناً على فلذة كبدنا ونور عيوننا.
كلكم يعلم ماذا يعني الطفل لوالديه وخاصة أنه طفلنا الأول!!
الشعور الأسوأ هو شعورنا بالعجز لأن نقدم له العلاج لمعاناته!!
سلمنا أمرنا لله وقضائه، لكن كان علينا الأخذ ب الأسباب وعدم ترك أي فرصة أو سبيل لعلاجه.
دلنا أهل الخير على طبيب ذو خبرة وشهرة فذهبت إليه بالطفل, والطفل يشكو من الحمى (التي تأكل جسدي وجسد أمه وقلبها وقلبي) فقال لنا:
إذا لم تنزل حرارة الطفل هذه الليلة فسيفارق الحياة غدا!
عدت بالطفل حزينا كئيباً، يقض الألم قلبي.. وفارق النوم جفني، فقمت لأصلي ثم ذهبت هائماُ على وجهي، تاركاٌ زوجتي عند رأس بني با كيةً حزينةً.. مشيت في الشوارع، لا أعرف ماذا اعمل لبني؟. تذكرت الصدقة وحديث حبيبي رسول الله حينما قال: (داووا مرضاكم بالصدقة)، ولكن من سأجد في هذا الوقت المتأخر لأطرق بابه وأتصدق عليه!؟
وماذا سيقول عني إن فعلت ذلك؟!
وأنا كذلك إذ بهرة جائعة تموء في الليل الأسود.. تذكرت قول رسول الله:
وفي كل كبد رطب صدقة، فدخلت منزلي وأخذت قطعةً من اللحم فأطعمتها للهرة... أغلقت الباب خلفي واختلط صوت الباب بصوت زوجتي:
هل عدت؟ إلي ّ.. إليّ.. سريعاً!!
فهرعت إليها..
وجدت وجه زوجتي قد تغير..! وعلى صفحة وجهها تهليلة بشر!
فقلت: لتوي
قالت: بعدما ذهبت، أغفيت قليلاً وأنا جالسة.. فرأيت رؤيا عجيبة..
رأيت نفسي محتضنةً بنيّ.. وإذ بطيرٍ أسودٍ كبيرٍ يهوي من السماء لينقض على طفلنا ليأخذه مني وأنا خائفة أضم بني بش دة لا أعرف ما أفعل..! وإذ بي بقط يدفع الطير دفعاً ش ديداً ويعاركه عراكاً ما رأيت أقوى منه، مع أن الطير كان ضخماً, وظل يدفعه ويعاركه حتى دفع الصقر بعيداً, واستيقظت على صوتك تأتي..
يقول الشيخ: فتبسمت واستبشرت خيراً. نظرت إلي زوجتي مندهشة من تبسمي !؟
قلت لها: عسى أن يكون خيراً..
هرعنا إلى طفلنا.. لا نعرف من يصل أولا وإذ بالحمى تزول عنه ويفتح الطفل عيناه...
وصباح اليوم التالي والذي لا إله إلا هو كان الطفل يلهو مع الأطفال في الحي والحمد لله...
انتهى كلام الشيخ..
بعدها ألقى هذا الطفل الذي بات شاباً عمره الآن حوالي 17سنة وقد أكمل حفظ القرآن ويتابع تعليمه الشرعي.. ألقى موعظةً بليغة بالمسلمين في مسجد والده، مسجد الرضوان في حلب، في ليلة القدر من رمضان..
والحمد لله رب العالمين...
أوردت لكم إخواني هذه القصة لما لها من روعة إلهية ومعنى واضح جليّ للصدقة التي تدفع سبعين باب من أبواب البلاء...
هذا كنز من كنوز الرحمن أحضكم ونفسي على الأخذ به.
النص الأصلي للأخ طارق شفيق حقي، الذي نشره في منتدى أسواق المربد، وقمت بالتعديل اللغوي و القصصي وفق ما سمعته شخصياً من الشيخ عبد الهادي نفسه ولأكثر من مرة.
*اقرأ أيضاً:
رسالة من مُتَحَرِّش!! / الصخرة، بيروت، التوحد، الوحدة وأنا / أحلام طبيب نفسي2 !!