أتذكر محمد هنيدي وشريف منير في مسرحية "حزمني يا..." وشريف يردد كلمة عادي بعد استبدال التاء بالدال "عاتي"، كانا يتخفيان (بقبح) في ملابس حريم. كان شريف (الأخف دماً) يعلّق على تفاعله(ـها) لاحتمالات تصرفات"الواد" الحبّيب بأنه إن يفعل كذا،"عاتي"، أو لا يفعل كيت"عاتي"، مقلداً البنات الدلوعة اللاتي يتظاهرن بالدلال أمام حركات العيال ممن يتمنظرون عليهن. هكذا يفعل الفن وهو يدعونا لإعادة النظر في لفظ شديد الشيوع هو لفظ "عادي"، حيث تشير سخرية شريف منير إلى كيف يمكن أن يدل ما هو "عادي" على البلادة!!!، من ثَمَّ: وجبت المراجعة كالتالي:
(1) إنه –حتى الطبيب النفسي– لا يستطيع بسهولة أن يحدد الحد الفاصل بين الـ"عادي" و"المريض".
(2) إنه يوجد فرق علمي بين من هو "عادي" normal، ومن هو "عاقل" sane ومن هو "صحيح" healthy. فإذا كان العادي يمثل السواء الإحصائي (مثله مثل أغلب الناس)، فالعاقل –طبنفسياً– هو غير المجنون، أما الصحيح فهو الذي يعيش فطرته كما خلقه الله، بغض النظر عن النمط الغالب، محافظاً على نبض نموه (حتى نهاية عمره) دون أن يتألم حتى الإعاقة، أو يُشلّ حتى التوقف، أو يتفسخ فيؤذي نفسه أو غيره أو يبخسهم حقوقهم... أين هو؟.
(3) من هذا المنطلق لم يعد فخراً كبيراً أن يظل الواحد منا "عاتي" على رأي شريف منير طوال العمر.
وضعتُ فرضاً (أكاديمياً: نشر في حينه) يقول:
إن العادية هي حالة مؤقتة لكل الناس، وليست تصنيفاً لبعض الناس دون غيرهم، وهي حالة تتبادل مع حالة التعتعة (الفسيولجية النفسية =الحلم الذي هو الجنون الإيجابي الضامّ) كما يمكن أن تتآلف معها إبداعاً (عند كل الناس). وهذا ما سوف أشرحه في تعتعات نفسية قادمة، ومن ثم ننتقل– واحدة واحدة– إلى مفهوم تشخيص "فرط العادية" (وليس انفراط النهدين الرمانتين- فرط الرمان- ، عيب كذا!!).
نشرت في الدستور بتاريخ 22-6-2005
اقرأ أيضا:
اختبارات الكادر، وانهيار القيم، وجدوى التعليم / رمضان والموت والثروة والجنس / تعتعة نفسية: البحث عن الذات أم إثباتها أم تشكيلها؟