رد على "د.أحمد عبد الله" في مدونته "زمن الرفيق الالكتروني"؛
صديقي وأستاذي العزيز د.أحمد عبد الله، سلام عليكم....
وكل التحية والتقدير لإبداعاتك الثرية المتنوعة، دعني أستعلم منك عن بعض النقاط، وسأختلف معك في تعليقي على مقالك (زمن الرفيق الإليكتروني)، وصفت الموقف بأنه ظاهرة، وأنت تعرف كعالم وأستاذ في الجامعة أن الظاهرة هي مشكلة أو حدث أو موقف يقع بصورة متكررة بكثرة ولفترة زمنية طويلة، هذا هو التعريف العلمي للظاهرة.
فهل تحقق هذان الشرطان فيما أسميته "ظاهرة الرفيق الالكتروني"؟
وفي نفس خيط الحديث عممت ارتباط المرأة بهذا "الرفيق الالكتروني" بقولك (المرأة العربية) في نفس الوقت الذي تقول فيه أنه ليس لديك أرقام عن النساء العربيات.
فكيف يجتمع عدم وجود أرقام مع التعميم؟
وهل لديك دراسة خرجت نتائجها بأن المرأة العربية لديها رفيق الكتروني؟
وهل هذه الدراسة مطبقة في الدول العربية شرقاً وغربا وشمالا وجنوباً باعتبارك تتحدث عن المرأة العربية؟
هذه استفساراتي، أما اختلافي معك فهو عن قولك:
والفتاة غير المتزوجة تراه حلا ذهبيا وسطا بين ممارسة العادة السرية وحدها دون أي طيف رجل غير خيال، وبين مقابلة رجل من لحم ودم مع ما يكتنف هذا من مخاطر، ومن تحريم أكثر وضوحا مما يصعب مسألة الاجتهاد هنا!!!
وأنت هنا لا تزال تتحدث عن هذا الرفيق الإلكتروني، وتقول: (وأعلم أن الاجتناب أولى)، وأنا أرى أن الاجتناب فرض وليس في مجال منافسة مع اختيار آخر يكون له الأولوية فيه، وفي نفس السياق ربما لن تقتنع لو أخبرتك بفتوى لداعية موثوق به وبفتواه التي تحرم الشات "الدردشة" بين الجنسين من الأصل باعتبارها خلوة!
وهذا ليس رأيي بل رأى الداعية المستند لحجج وأدلة شرعية ليس مكانها هذا المقال.
وإن كانت خبرتك مع الفتاة غير المتزوجة التي وصفتها بالعربية تكشف أن الرفيق الإلكتروني حلٌ ذهبيٌّ لإشباع رغباتها العاطفية والجنسية فدعني أخبرك أنا عن خبرات فتيات أخريات غير متزوجات لديهن نفس الاحتياجات (التي هي طبيعية وفطرية بالأصل) وتجدن الحل الذهبي الذي تتحدث عنه في بدائل أخرى عديدة لا شك أنك تعرفها ولكن دعني أذكرك بها وأعرف القراء المجانين الأعزاء بها.
أعرف فتاة ثلاثينية تجتاح جسدها رغبة جنسية مشتعلة ولأن الجنس في غير إطار الزواج مرفوض لديها ولأنها امتلكت من الشجاعة والصراحة ما حملها على البوح بأنها لا تمارس العادة السرية، فهي تحول طاقتها الجنسية هذه لأنشطة وممارسات أخرى، بأن تمشي يومياً أطول وقت ممكن بمتوسط ساعة، وتشغل كل ثانية في وقتها ما بين عملها واهتمامها بأعمال المنزل وحياتها وتفاعلاتها الاجتماعية، فلا يتبقى لديها في اليوم ثانية لتفكر فيه في احتياجات لا تملك لها إشباعاً!
وفتاة ثلاثينية أخرى لها منطق مختلف في التعامل مع نفس الموقف فتقول: نعم لدي جوع جنسي، ولكن لو ظللت أفكر وأحلم فيما ينقصني فأنا بهذا أعذب نفسي بلا طائل وقد يستمر عذابي إلى الأبد فقد لا أتزوج ما حييت فهل أظل طول عمري أعذب ذاتي بالتفكير فيما أفتقد؟
أعرف فتاة ثالثة تعدت الثلاثين بدورها انخرطت في أنشطة رياضية مختلفة على مدار 7 سنوات حتى الآن بصبر ودأب مع أنشطة فنية وأدبية واجتماعية وتطوعية متنوعة وهو ما يطلق عليه التسامي، ومع هذا كله تمارس يوميا أعمالا مرهقة كفيلة بأن تجعلها تستلقي في فراشها آخر الليل منهكة القوى والفكر، والإرهاق وسيلة فعالة لإخماد نيران الرغبة الجنسية.
في كل الحالات الجنس يحدث في المخ أولاً ، فيكون مجرد فكرة عقلية تنتقل للجسد، وقد لا تستطيع كثيرات إبعاد الفكرة عن عقولهن، ولدي لهذا وسيلة مضمونة النتيجة، استنادا لحقيقة تقول أن الفكرة لا تطردها إلا فكرة أخرى، فأقول لغير المتزوجة التي تفكر في رغباتها العاطفية والجنسية حولي تفكيرك لفكرة أخرى تحبينها وتحقق لكِ السعادة والاستمتاع، أو قومي بالإيحاء الذاتي لنفسك بأنك في موقف سعيد ومبهج وستشعرين وقتها براحة وسعادة نفسية متدفقة، وتنسين وقتها أي احتياجات مفتقدة.
أما بطلة قصصي على الإطلاق فهي صديقة رقيقة متزوجة إلا أنها تعاني من عدم إشباع احتياجاتها الإنسانية في علاقتها الخاصة بزوجها، ويزيد الطين بلة أن زوجها يخونها مع "أخريات"، وزادت معاناتها حدة حين راودها صديق زوجها "الخائن" عن نفسها!
فكل وسائل العلاقات غير الشرعية متاحة أمامها وهذا ما أكدته لي: (ولاء أنا تعبانة، وما حدش حاسس بيا! أنا ممكن أعمل حاجات غلط كتير أوي، بس أنا مش عايزة اغلط، أنا بخاف من ربنا!)، ولأدلل على مدى هذه المعاناة القاتلة دعونا أخبركم أن كلامها هذا جاء في مكالمة تليفونية في الثالثة والنصف صباحا وهي تبكي في انهيار!
والسؤال المنطقي هنا: كيف تعاملت صديقتي هذه مع معاناتها؟
أفرغت كل معاناتها على الورق وشاشة الكمبيوتر في كتابات أدبية دامية، وتصوم كل يوم تقريباً، وتنغمس باستمرار في عملها للنخاع، والأهم أنها تحاول الخلاص من زوجها سبب معاناتها، إلا أن أياماً كثيرة تأتي عليها دون أن تفعل شيئاً إلا البكاء، وفقط!
والبدائل لا تنتهي ولا أستطيع حصرها وحدي وربما يكون منها الاندماج في علاقات صداقة نظيفة مع الجنس الآخر بما يحقق تفريغاً لاحتياجات عاطفية مفتقدة لدى الفتاة غير المتزوجة.
ولا أستخدم كلمة بدائل هنا لأقول أنها تغني عن المصرف الطبيعي لإشباع احتياجات عاطفية فطرية وهو الزواج، ولكنها كلها حلول مؤقتة حتى يغنى الله عباده من فضله إذا تعففوا.
في النهاية لي همسة صغيرة وهو أيضاً رأي معارض لمقالك، فرؤيتك للرفيق الإلكتروني ليست مكتملة فأنت رأيت أحد وجوهها فقط، أما أحد أوجهها الأخرى فقد رأيته أنا، وهو ما أخبرتني به فتاة ثلاثينية (غير متزوجة أيضاً) تهوى الكتابة الأدبية، أخبرتني أنها تؤلف كتاباً الآن مع صديق الكتروني! علاقتها به الكترونية صرفة! واندهشت طبعاً أن ُتخرج الشات مثل هذا العمل الإبداعي الراقي، وزادت من دهشتي بأن أخبرتني أن صديقها الإلكتروني هذا له كتاب سابق كان شريكه فيه صديقاً الكترونياً آخراً لم يره صديقها في حياته يوماً! ووسائل الاتصال الكترونية وحدها هي التي أنتجت هذا الكتاب الذي أضافت لي أنه حقق نجاحاً كبيرا!
واقرأ أيضًا:
يوميات ولاء: أنا والضابط والمرأة العجوز! / يوميات ولاء: حكايتي مع أول سيجارة / زى النهاردة.... سينما مختلفة