ما أضعف هذا الإنسان.... أسألك يا رب أن تخففَ عني وأن تعافيني آمين... آمينْ...... هكذا بدأت أدعو الله من صباح أو ظهر الثلاثاء الماضي 6 نوفمبر 2008.... كان من الواضحِ أن جيوب أنفي ليست على ما يرام أعراض الاحتقان ظاهرة ومزعجة عافا الله الجميع... لماذا هذه المرة لم أنتبه في المراحل الأولى لاحتمال العدوى فأستعيذُ بالله منها وأسأله أن يحفظني... ودائما إن دعوته حفظني... لكن يبدو أنني هذه المرة أصابني مصدرٌ لم أنتبه له لسببٍ أو لآخر.... كان عليَّ أن أستعدَّ لتعبٍ كبير فأنا على ذمة السفر إلى الإسكندرية لحضور مؤتمر الطب النفسي العالمي الخامس الإسكندرية من 5 إلى 7 نوفمبر 2008... حيث أستمع لأساتذتي وأسمِعُهم وبعض تلاميذي وزملائي....
وكنت مضطرا لاسترجاع مداخلتي الصغيرة في المؤتمر عن وسواس الشذوذ الجنسي ووضعيته التشخيصية الضائعة في حالة استخدام تعريف الوسواس كما في التقسيم الأمريكي الرابع والعالمي العاشر ولابد أن أكون مستعدا أولا للدفاع عن اعتباري للشذوذ الجنسي أو الجنسية المثلية مرضا نفسيا اجتماعيا من الأساس بينما هو حسب التصنيف العالمي والأمريكي ليس مرضا... ثم أكون جاهزا للدفاع عن اقتراحي بتغيير تعريف الحدث العقلي التسلطي أو الوسواس لتشمل أنواع الوساوس فيه مشاعر الجسد؟ (مثل الشعور الخلفي التسلطي؟؟)؟ إلى جانب الأحداث العقلية التسلطية (الوساوس) المذكورة في تعريف الطب النفسي للفكرة التسلطية فتصبح أنواع الوساوس هي أفكار Thoughts و/أو صور عقلية Images و/أو مشاعر جسدية Body Feelings و/أو اندفاعات Impulses؟؟؟ فهذا التحوير يجعلنا نفهم ظاهرة وسواس الشذوذ التي زادت إكلينيكيا وعلى مجانين في مجتمعاتنا العربية وأيضًا في غيرها فيما يبدو أحد ردود الفعل النفس اجتماعية لمحاولة عولمة الشذوذ الجنسي...... لابد أن أكون مستعدا للكثير من الجدل والاعتراضات... اللهم قونا وبارك لنا في عقَّاقيرنا التي نتناول درءًا لالتهاب الجيوب الأنفية و/أو الحلق و/أو الشعب الهوائية.......
في مساء الأربعاء وصلت الإسكندرية ولم أتمكن من النوم واستعنت على الوجع الجسدي ببعض المسكنات ومضادات الالتهاب التي لا تتعب معدتي.... وقابلت ابن عبد الله وكان رفيقي في الغرفة وكم أزعجته بشخيري –عندي برد مش عادة أني أشخر واسألوا زوجتي!!! وربنا يستر- لكننا صلينا الفجر معا للمرة الثانية... قابلت أخي محمد المهدي ولم أتمكن من النقاش معه طويلا وقابلت د. طارق ملوخية الذي كان نائب رئيس المؤتمر أ.د. هدى سلامة... والحمد لله الذي مكنني من كل هذا فقط لم أعانق إلا من قال لي لا عدوى وهو أخي الأكبر د.محمد شريف سالم.. وأهدانا ترجمة قام بها لبرنامج علاج ذاتي لمرضى الوسواس القهري من أربع خطوات حيث ترجمها عن: جيفري شوارتز Jeffry Schwatz ... وكذلك صورة حديثة له طلب أن نبدلها محل القديمة.
وبفضل الدعاء ولا أظن غيره استطعت اجتياز يوم الثلاثاء الكبيس بالمرضى وأعباء مجانين -وكأن المرضى يتهامسون الحق الدكتور سيسافر يومين- وأما يوم الأربعاء فقد مكنني الله منه أيضًا بفضل الدعاء كل حين... خاصة وأنني في الظهر أو العصر فقط انتبهت لضرورة إضافة مضاد حيوي آخر لأن الاختيار الأول يبدو لم يكن صائبا تماما... تكلمت كثيرا مع ابن عبد الله واستشرته في أمور المال والعيال واستعدنا كثيرا من ذكرياتنا وكل ذلك في ومضات تتبعها ومضات من حين لآخر...
صباح وظهيرة الخميس تصفحت النسخة الورقية من مشاركتي والتي كانت ضمن جلسة الطب النفسي والثقافة وفي الموعد كنت حاضرا ومعي ابن عبد الله ولم يكن من أساتذتي إلا أ.د.فاروق لطيف أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس وأ.د. إسماعيل يوسف أستاذ الطب النفسي بجامعة قناة السويس، وبعد مشاركة عن دور الروحانية في العلاج النفسي قدمها أ.د. إسماعيل يوسف فاجأتنا الزميلة د.غادة الخولي بمشاركة عن هوية الشذوذ الجنسي (الجنسية المثلية) جاءت عميقة وجادة ومتحدية بشكل فاجأ الحاضرين... عندها شعرت أنني ولله الحمد لن أكون الوحيد الذي سيهاجم لأنه يقول ما يخالف التوجه السائد في الطب النفسي!
كانت محاضرتي عن مشكلة تشخيصية وعلاجية هي ما أشرت إليه في مقالين ظهرا على مجانين عن وسواس الشذوذ الجنسي وبينت كيف أن اتباع التصنيفات السائدة الآن في الطب النفسي غالبا ما سيؤدي بالطبيب النفسي -الملتزم بالنهج الغربي السائد في التفكير والتشخيص ورؤية الشذوذ الجنسي كانحراف طبيعي للوظيفة الجنسية- إلى إغفال تشخيص اضطراب وسواس قهري يدور محتوى الأحداث العقلية التسلطية والأفعال القهرية فيه حول الشك في أن الشخص شاذ أو يتحول إلى شاذ مثلما تجدون مفسرا في مقالين على مجانين..... قاطعني أستاذي د.فاروق لطيف منذ البداية معترضا على ترجمتي لكلمة Homosexuality بكلمة شذوذ لا مثلية ورغبتي على تأكيد هوية الشذوذ عن فطرة الله في تلك الممارسة ورددت قائلا ترجمت هذه الكلمة ترجماتٍ شتى منها المثلية ومنها الجنوسة ومنها الشذوذ الجنسي وأنا أفضل الترجمة بالشذوذ... بعد ذلك لم تطل المقاطعات ولا المناقشة معي لأن الجلسة كانت قد تجاوزت الوقت المحدد لها بالفعل....... لكن أخي د.طارق ملوخية أرسل لي على المحمول يقول أنه Really Impressed ... وقابلني أستاذي د. فاروق لطيف فمازحته قائلا حضرتك لم تقسُ عليَّ ربما لأنني كنت آخر من ألقى فقال لي حظك حلو!!....... وفي اليوم التالي قال لي طارق في حديث على المحمول أنت مدعو لتلقي محاضرتك هذه مرة أخرى في الإسكندرية أنت ود.غادة الخولي... قلت على الرحب والسعة..... لكننا حتى الآن لم نتفق متى؟؟؟
واقرأ أيضًا:
شذراتٌ في الحال والأحوال2 / حذاء منتظر الزيدي ووجه بوش