عندما كتبت مدونة البحث عن خديجة كنت أحاول وصف مخيلة بعض الرجال وطموحهم، ولم أسلم طبعا ممن تقول: ونحن نبحث عن الرسول، ونحن نجيد لعبة "اشمعنى"، أو تبسيط الرد ومنطق التفكير واختصاره إلى: "أهو إنت"، ويا دار ما دخلك شر!!
ولا أحب أن تخضع كلماتي اليوم لنفس التبسيط أو التعميم والتسطيح/ إنما هي لقطة أرجو أن تنفع أو تكشف، ويكون لها ما بعدها عند من يهتم ويفهم!!
أرسلت صاحبتنا رسالة بالموبايل إلى عباس تحاول فتح باب التعارف، ولم يكن عباس سوى شخص من نوعية تحبها النساء، وبخاصة في هذا الزمان!!
شاب دونجوان يجيد معاملة النساء، ويرتدي ما ينتقيه بعناية من أحدث خطوط الأناقة، ويضع عطرا نفاذا مستوردا طبعا، ونظارة شمسية فخمة تصنع مع المحمول، أحدث ماركة: وعلبة السجائر الأجنبية مركبا لا يمكن مقاومته، وبخاصة حين يضع في مقدمة سيارته الهامر هذه الأشياء إضافة إلى اسطوانة مضغوطة لأحدث أغاني فلان أو فلانة، ولا بأس بكتاب في السياسة أو غيرها، وحبذا لو كان الكتاب بلغة أجنبية يجيدها عباس أو لا يجيدها، ولابد أن عباس يحب السفر والمغامرات في الداخل والخارج، وتتمناه النساء زوجا أو عشيقا، ويفخرن بالمشي إلى جواره أو ركوب الهامر، ويا سلام لو تجمعهن به جلسة في كافيه أولاد الذوات، أو على بلاج في مارينا عامة، أو بورتو خاصة، أو ما شابه، والملتزمات يحملن بنفس العباس، ولكن ملتزما يضع لحية مهذبة، وتحيته السلام عليكم، وشكره جزاك الله خيرا!!!
تحب المرأة "عباس" ذلك الذي يخطف الأبصار، وتهواه النفوس، ويحبس الأنفاس حين ينال الإعجاب، ويلمع بالبريق!!
واسأل امرأة تضمن أن تصدقك عن رجلها المفضل لتجد إجابات تتراوح بين رشدي أباظة، ولا تنتهي عند جورج كلوني، أو بطل فيلم القلب الشجاع، ومعذرة إن أخطأت أو نسيت، ودائما ستجد الرجال المختارين من عينة "عباس"، ولا تصدق غير ذلك!!
وكنت أنا قد كتبت عن أيزو الزواج أليسا وكاظم الساهر محاولا تحطيم هذا الصنم الذي هو صورة النجم / الرمز / الأيقونة لأن هذه الطريقة في التصور والتفكير مسئولة عن آلام كثيرة وفشل عريض في حياتنا الاجتماعية والنفسية والزوجية!
تصور تلك التي تعشق عباس وتحلم به ثم ينتهي بها المطاف أن تتزوج موظف أصلع الرأس، وله كرش كبير أو صغير، وربما تتزوج صورة أقرب إلى عباس، ولكن يتحول على يدها وبفضل طبخها أو طبخ أمه، وندرة ممارسة الرياضة والمرح إلى شيء يشبه الكرة نصف المنفوخة، وحيث تتحول هي إلى كرة منفوخة جدا، وغير كاملة الاستدارة!!
أيه حياة تلك، وهي تستيقظ كل يوم فلا تجد "عباس" إلى جوارها ولكن بسلامته جوزها أبو كرش ومنفوخ نصف نفخة، ومما يزيد الطين بلة أنه يعايرها كل شوية بما انتفخ أو انخسف، بما تضخم أو ضمر في تضاريس جسدها هي!!
وعلى طرف لسانها دائما أن تقول له: يا راجل انظر في المرآة، وتستدير تحلم بالسيد عباس، وتتصور نفسها إلى جواره، وتتخيل ملمس أحضانه، رغم أن عباس لن ينظر لكرة منفوخة في صورة امرأة أو امرأة على هيئة كرة!!
والمصيبة الأكبر تحدث لمن تظن أن الحظ حالفها لأنها بالفعل تزوجت عباس.
وتنسى المدام أن من يخطف الأبصار، وتتعلق به الأفئدة سيكون ويظل مطمعا للأخريات، فالكل يحلم بالأستاذ "عباس"، وأن البعض منهن سيتقدم خطوة وتعرض نفسها عليه زوجة ثانية أو ثالثة، أو حتى عشيقة، وهي وشطارتها، وهو وضميره!!
وزوجة عباس إما أنها تريح دماغها، وتعمل "مش واخدة بالها" أو تعيش في جحيم الشك تحاول التقاط كلمة يقولها هامسا، أو فك كلمة السر لاختراق بريده الإليكتروني أو التجسس على هاتفه النقال والرسائل التي تصله من هنا أو هناك!!
وعباس المستقيم يتعذب بالشك والملاحقة، وعباس المنحرف أو شبه المنحرف هو وشطارته، وليس المهم عندنا أن تستقيم بقدر أن تجيد إخفاء رائحة وألوان وأصباغ وأثار عشيقاتك!!
المرأة ـ عزيزي الرجل ـ تريدك عباسا، ولكن لها وحدها، تطمح إليك النساء، ويحسدنها عليك، وتحمد هي ربها كل لحظة أنها فازت بك دونهن، تريدك دائما بكامل هيئتك وزينتك وتألقك وأسلحتك الفتاكة، ولكن مثل أسلحتنا المخصصة لمواكب الاستعراض والاحتفالات، لا تطلق إلا في اتجاه الداخل فقط!!!
إذا كنت "عباس" فأنت متهم ومراقب محسوبة عليك الأنفاس والخطوات، وإذا لم تكن عباس فغالبا أنت مدين بالشكر لتلك الزوجة المسكينة المنفوخة أو نصف المنفوخة التي تبتسم في وجهك وتقول لك أحبك رغم أنك لست عباس، ولا نصف عباس!!
وبطلة حقيقية تلك المرأة التي تستطيع أن تغالب حظها العاثر، وتشعر بالسعادة رغم أنها لم تتزوج كلوني أو ميل جيبسون (تذكرت الاسم)!!
وخرقاء بلهاء متخلفة ومجرمة تلك التطلعات والأوهام التي تحشو أدمغتنا وتسمم حياتنا، وقد ننساق وراءها فتتزوج المرأة أحدهم لأن هذا آخرها، والمتاح أمامها بينما تظل تحلم بالسيد عباس، وقد تتصل به أو تواعده على طريقة: هذا زوجي، وأعشق عباس حبيبي، أو زوجي يدفع، وعباس يحصد!!
ولولا بقية حياء يتآكل لرأينا أعجب مما نسمع كل يوم، والمناخ السائد مسموم ضد استقرار العلاقات الزوجية، وضد مستقبل فكرة الأسرة عموما.
وبالمناسبة هذه مشكلة عالمية يدركها البعض ويتهامسون حولها، وتتورط الأغلبية في نتائج عدم حسم التفكير والاختيارات فيها، وخلط الخيال بالممارسات، والأحلام والأمنيات بالتصرفات والعلاقات، وتضارب المعايير والقيم والمواصفات والتوقعات، وأقول لصاحبتنا هذا، فتقول: البقاء لعباس!!
ويتبع >>>>>>>: البحث عن عباس مشاركة
واقرأ أيضًا:
على باب الله: الليلة وكل ليلة/ على باب الله: في ذم السكوت