لا ينبغي ولا يمكن أن أكون متمها بالتعميم وأنا الذي أمقته وأحاربه وأحذر منه ومن كل تفاصيل وملامح وألوان وأطياف التعصب والأفكار المسبقة والكليشيهات الفكرية والقوالب والأنماط، كلها مكونات بائسة لتفكير معوج نعيشه ونمارسه إلا من رحم ربي وأنا أحارب هذا التفكير وأدفع ثمن هذه الحرب راضيا وإذا كان لكل إنسان معاركه في الحياة فهذه هي معاركي وهذا هو جهادي الذي وقفت عليه حياتي ولو كنت وحدي أسير أو أنتقد أو أتكلم أو أكتب ولا يقرأ أحد وربما يقرأ أحد ما يوما ما وربما لا يقرأ حسبي أن أقول ما أظنه حقا ينفع وأجري على الله.
لست متمردا على المرأة كما قالت لي إحداهن مؤخرا ولا راقت لي لعبة نساء/رجال هذه أبدا وأراها مبتذلة ومصطنعة وتبدد طاقاتنا دون أن تصل بنا إلى شيء وأراه إغراقا في الفشل أو السذاجة أن نختصر مشكلة ما أو قضية أو حتى نزاعا أو تفضيل أو إجابة لتتعلق فقط بأنوثة أو ذكورة المخطئ أو الخطأ بل هذه الأفكار والقوالب أضاعت منا الكثير وما زلنا نغرق في المزيد من أوحالها بحسن نية وأحيانا بغير ذلك.
كنت في كندا محاورا ومتأملا تتبلور أمام عقلي فكرة أن الأسرة في حالتنا كانت تستقر على وضع وفى إطار أن الرجل مسئول وقوام وراعٍ في بيته مقابل أن المرأة هي أيضا راعية وأن زوجته هذه له وحده فلا يشاركه فيها أحد وأنه لو لم يطق صبرا أو ضاقت به الحياة مع هذه الزوجة فمن الاختيارات التي أمامه أن يطلقها ويستريح ولكن ربما يعانى أطفاله وأطفالها بهذا الفراق ومن الاختيارات أن يبقى عليها فلا يضعها في مصيبة الطلاق ولا يفصم عرى الأسرة ولكن بدلا من وجود مشكلة محققة يستاء منها أو بدلا من الخلاص منها من الطلاق يمكنه أن يجلب مشكلة أخرى محتملة بزواج آخر ويهلل الحمقى وضعاف العقول من السفهاء وبعض المغرضين مصورين أو متصورين أن تعدد الزوجات ميزة للرجل وتمييز ضد المرأة ولأن الجهل ليس سوى نقمة ولأن الحمق داء لا دواء له فإنني لا أعتزم مناقشة هذا الهراء الشائع للأسف ولكنني أقول أن مسألة إمكانية التعدد أمام الرجل إضافة إلى أن تكون زوجته التي ربما تكون مجرد مصيبة أو بلوى تضغط على أعصابة وحياته حلال عليه وحده وحرام على سواه وبالهنا والشفا.
رجل يتحمل المسئولية وامرأة تطيعه وتعيش في كنفه وحلاله وحده وعنده إمكانية وربما عليه تكليف ألا يعجل فيكسر رباط الزواج إن كرهها أو كره منها خلقا أو طبعا أو مسلكا بل يمكن أن يتحملها أو يستعين على هذا بزواج آخر محتمل جدا أن يفشل هو الآخر فتكون الخسارة مزدوجة لكنه كان احتمالا وأفاد الكثير من النساء قبل الرجال؛
أما الصور الحياتية والاجتماعية الحالية فهي مختلفة عن هذا الإطار الذي استقرت عليه الأسرة عندنا سابقا ونحن من هواة الكلام بالقطاعي وتفتيت المشكلات والقضايا كما أننا من هواة الكلام في العموميات أحيانا أخرى وبين الضحك والبكاء على هذه الحالة السريالية يمكن أن ترى بسهولة أن تناولنا لقضية ما بالتفكير والتحليل إما أن يكون عاما وسطحيا لا يوصل إلى شيء أو يكون جزئيا منفصلا عن بقية الخريطة وبالتالي لا يصل بنا إلى شيء أيضا، والمثال هنا أن تشتهر نقاشات حول سؤال:
لماذا لم يعد الرجل مثل زمان في تحمله للمسؤولية؟
أو ينبري جهبذ – والجهابذة في زماننا يملئون الأفاق – فيقول:
أين نساء زمان؟
والحقيقة أن المعادلة كلها تغيرت وأركز اليوم على خريطة وضع المرأة في المجتمع وفي الزواج
لا المرأة بقيت تلك المحتاجة إلى الرجل اقتصاديا أو التي تنعم في كنفه وربما تتحمل طباعه الصعبة لتستمر المسيرة وتبقى رابطة الأسرة ولم تعد المرأة تقبل مهما كانت عيوبها أو نقائصها بأن يتزوج زوجها من أخرى بل تمادينا في هذا وصار جريمة بحكم القانون في بلدان مثل تونس ومحاصرا بنصوص أخف من التجريم في مصر وبالتالي لم تعد ركيزة وجود اختيارات أمام الرجل موجودة بل صار أمامه إما أن يتحمل أو يطلق (ثم نتساءل لماذا زادت معدلات الطلاق؟؟؟!!!!!).
والأدهى من هذا أنه حتى فكرة أو ركيزة أن الزوجة هي لزوجها فقط صارت معرضة لاختراقات ووجهات نظر وأطراف لها وجودها وأدوارها وشرعية مشاركتها له في زوجته!!!!!!
وأنا أكتشف بلاهتنا وخيبتنا الثقيلة كمجتمع يوما بعد يوم فمثلا قيل لنا: أن الرجل تعددي بطبعه وبالتالي تكوينه العقلي والعاطفي يسمح له وربما يدفعه إلى الارتباط بأكثر من امرأة وأنه لا يشعر بالأمان والحب والتحقق إلا هكذا.. وتستكمل الأسطورة فتقول: أن المرأة أحادية بطبعها يعني عندها استعداد وتكوين فطري وتشريحي مخي كي تكون مخلصة لرجل واحد ومرتبطة برجل واحد!! ولا بأس أن يرتكز هذا الهراء الشائع على كتاب هنا أو بحث هناك وأن يجد له أنصارا من ذوي الخلفيات الدينية أو أصحاب النوايا الطيبة أو الخبيثة بينما الحقيقة أبسط من هذا الخبل بكثير فممن النساء من لا تشبع عاطفيا إلا بجوقة من رجال حولها يصبون في أذنيها الثناء والمديح على مثل قول شوقي
خدعوها بقولهم حسناء والغانيات يغرهن الثناء
وهى مقابل هذا المديح والتواصل متعدد الأشكال والدرجات لابد أن تقسم وتوزع هدية هنا ابتسامة هناك مجاملة لهذا وزهورا لذاك!!
طيب.. ما هي الحدود الفاصلة إذن بين مشاركة المرأة وتفاعلها في مجتمعها وبين أن يكون فيها شركاء متشاكسون؟!!!!
أتحدى أن تجد إجابة واضحة لا عند ربات الخدور ومناديل الرأس ولا عند النساء المودرن من القائلات: عادي.. ده زميلي أو صديقي...الخ!!
إنما ستسمع هذيانا ولخبطة غالبا ثم ينقطع الاتصال!!
أصل الآن إلى نهاية الخط ومربط الفرس وجوهرة العقد أو ثالثة الأسافي لمن يعرف معناها
لم يكن صديق الشاب الساخط مجرد حزين وهو يبحث عن العلة في هذه الزيجة المعلة كما قال لي مؤخرا فهو يعرف وأنا أيضا أنه قد اندفع إلى تلك الزيجة في ظروف استثنائية ساهمت فيها زوجته هذه بنصيب موفور ثم هي حين أصبحت في بيته وصارت في كنفه(!!) إذا بها تغادر هذا الكنف يوميا فلا تعود إلا منتصف الليل!!!
وتحاورنا لماذا وكيف؟!! واقترحت عليه خطة يبدو أنها بدأت تؤتي ثمارها إلا من جزئية بقيت لا يستطيع مواجهتها وهي (أنتيم مراته)!!!!
والأنتيم لمن لا يعرفه هو الصديق المقرب وهروبا من وصمة الخيانة –لا سمح الله- يسميه البعض رفيق الروح وهي ترجمة لمعنى إفرنجي يحمل نفس المعنى!!
ويخطئ من يظن أن علاقة المرأة العربية بالرجال من حولها سواء بجوقة المديح أو في حالة الأنتيم يخطئ من يظن أنها بالضرورة علاقة حسية أو جنسية طبعا هذا يحدث ولكن يصبح الأمر يتعلق بالخيانة الكلاسيكية وهذه ليست موضوعنا لأنها معروفة ومحددة وسوداء!!
وأنا أتحدث في المساحات الرمادية التي اتسعت في حياتنا كلها رمادي بعد أن كانت (بمبي) على أيام السندريلا التي لم نعرف بعد أقتيلة هي أم منتحرة، وفي المساحات الرمادية يعيش السيد أنتيم أو السيد رفيق الروح وتقابله الزوجة المصون أون لاين أو تقابله في الحياة لايف أو لا تقابله ولكن يتبادلان الرسائل والمجاملات والمصارحات والإبداعات والحكايات.. عادي!!
وللمعترضين أو على المعترضين جواب جاهز: إحنا مبنعملش حاجة غلط!! والغلط معروف وغيره مقبول فيما يبدو!! والحجج جاهزة من "محتاجة حد يسمعني" إلى "عادي"!!
لذلك قد تفاجئ أن زوجتك تروي لأنتيمها عن حياتكم أو عن مشاعرها ما لا ترويه لك وإنها قد تخصص للتواصل معه أو مع الجوقه أوقات الروقان وأحلى الكلام بينما لا يتبقى لك سوى البوز والتكشيرة ومطالب زيادة المصروف والفسح ومشاكل العيال!! الله؟!! مش أنت جوزها؟!!!
البس يا ريس.. ومبروك للأنتيم سكته خضرا بدون إشارات ولا رادار فهو المستشار المؤتمن وكاتم الأسرار والصديق وقت الضيق وشريك المشاعر "الطاهرة" جدا و"الصافية" جدا ولحظات الضعف أحيانا والصفاء أيضا....
وأما أن تكون محباً ومتفهماً وتقبل بهذا وتعدي الليلة أو تزرجن فتصبح متهما بإفقاد البيت روح السكينة والمودة والرحمة التي كانت ترفرف فوقه بجهود السيد انتيم الشاطر وينهدم اليت ولا ترى الأطفال ثانية إن كان لديك أطفال!! والأجيال الشابة ترى هذا وتسمع به وترى أن من تطالبه الأصوات بالمسؤولية والقوامة وأن يعود شهما ومحتويا وحنونا ورجلا بمعنى الكلمة "مثل زمان" هذا الشهم لن يحصل مقابل ما ينفق من أموال وما يتحمل من مصاعب ومسئوليات وتكاليف ومهام لن يحصد سوى نصف ما يحصل عليه الانتيم مجانا دون أي عناء فيكون له الحصرم وللأنتيم كل الهناء وأمامك اختيار أن تكون صديقا لأنتيم مراتك!!
لم أعد أستغرب من هؤلاء الذين اختاروا نموذج النقاب لزوجاتهن بحيث لا ترى أحد ولا يراها أحد وإن كنت لا أعتقد أنه حل لكل ما تقدم لكنه ربما يريح وربما ينجح مع البعض بعيدا عن الأنتيم ومتاعبه!!!
واقرأ أيضًا
على باب الله: في ذم السكوت/ على باب الله: المنافقون الكبار