أذناي تؤلماني...
زعيقهم يسبب ألماً يضايقني، يزعجني كغثيان قد يرافقك بعد وجبة دسمة تسبقها ليلة ساهدة ولفحة برد، تصفعك بها ريح شرقية لم تعرف إلا الصحراء. جلبة وضجيج، وجهد جهيد، والكثير الكثير من الوعد والوعيد... كلام كبير؛ عبارات جزلة، كلمات فخمة، جمل مسجوعة، وفراغ يتسع ويكتسح كل الأشياء بدءاً من زعيقنا.
ما يجري إلى الغرب هو ما جرى شمالاً وشرقاً، هو ما يجري في بيوتنا كل يوم، هو تحصيل لما هو حاصل في بنيتنا العقلية التي تشكلها منهجية تربوية خبيثة نحرص فيها على أن يبقى العقل مغلقاً في وجه التساؤل والفكر المستقل، فيجتمع في المنتَج -الفرد العربي- ما عزّ اجتماعه في غيره ممن يشاركونه الإنسانية، من خصائص نفسية تجعله يأنس نظام قيم لا دور له فيه: العجز، اللاعقلانية، الاتكالية، الكذب والنفاق، الخنوع، الأنانية، والركود... أي تلوث بيولوجي نحن!
"قلوبنا معكم، سيوفنا معكم..." عن أي سيوف يتحدث ذاك الرجل في أحد الفواصل التي تبثها قناة الجزيرة؟ ألا يخجل أن يكذب على الملأ فيَعِدُ بما لا ينوي به وفاءً؟ "لبيك يا غزة" كم تذكرني بهدير تلبية الحجيج في مكة المحتلة جعجعة لا تري طحناً، وكذب في بيت الله يورث غضب الله وسخطه. "بالروح بالدم نفديك يا غزة، يا فلسطين" آه، كم يتعاظم بها يقيني أنهم قد تركوا وحدهم هناك وأننا هنا قاعدون. سيول بشرية تتدفق في الشوارع ثم تصيح "تكبير: الله أكبر" ووالله الأكبر ما عقلناها؛ فالسلطة أكبر، والرزق أكبر، والولد أكبر... "نريد فتح باب الجهاد... الحرية لفلسطين" أيحرر العبد عبداً؟ أجبني أرجوك، فزعيقهم يؤلمني، والألم يطحنني.
1203 قتلوا عن بُعد، كأنها لعبة إلكترونية، لم ينظر القاتل في عين أيٍّ منهم، لم نعرف أسماءهم، أخذوا معهم قصصاً لم تكتمل وأسراراً لن يعرف بها أحد، آمالاً وآلاماً وحياة لن تعود كما ألفها من تبقوا.5320 جرحوا؛ وبعض الجراح تحلّ بأصحابها لتبقى، لئيمة تطرد النسيان... 1.5 مليون أو يزيد تهشمت أرواحهم وأوذوا في ذويهم وأموالهم وممتلكاتهم... أيتام وثكالى وأرامل، فقدوا الأم والأب والولد والزوج والزوجة والصديق، والأمل... لم لا يبني العربي ملجأً تحت بيته؟.
أمريكا لم تجد في إفريقيا التي يسحقها المرض والفقر والصراعات التي لا تنتهي مقراً لقاعدتها العسكرية "أفريكوم"، فجعلته في ألمانيا!
مطايا نبحث عمن يمتطينا، وظهورنا اليوم لا تشكو الفراغ.
اقرأ أيضاً:
في العتمة! / التقرير