تاراباتاتووه (15): سكر بنات!
وكأني عروس أنتظر موعد زفافي الذي طالما حلمت به منذ سنوات بمن أحببت! فحبي لفلسطين حب قديم عميق يملأ قلبي منذ نعومة أظافري، وبعد أيام قليلة سيكون اللقاء، وأتحرق شوقاَ ليوم وصولي لغزة ولا أصدق نفسي أني سأطأ بقدمي ترابها النبيل، فهي أرض الرباط والأحرار والصمود والعزة وكذلك القدس والأقصى –رغم الاحتلال- ورغم أني أكره الألفاظ الإنشائية القوية إلا أني أقولها من كل قلبي وأنا استشعرها بصدق بعد ما عايشت فلسطينيين كُثُر بعد عبورهم لنا من جحيم غزة، فلقد رأيت بعيني رأسي هؤلاء الأبطال ولم يكونوا من هذا الصنف الذي تتصوره في خيالك وتصطدم به عند احتكاكك بهم على أرض الواقع؛
فهم بشر مختلفون يثبّتون في رأسك المفهوم ويدلّّلون على الصمود بأجسادهم المتهتكة ونفوسهم الأبية فلا زيف ولا حنق ولا ضعف، وإنما بسالة في التصرف قبل المواجهة ووضوح فكر وأخلاق رفيعة وإيمان عميق، وكنت كل يوم أعود فيه لمنزلي لا أكاد أصدق أني كنت مع أحدهم منذ دقائق وأراهم وأسمعهم، وأنظر للناس من حولي فأتحسر تارة على حالنا وشبابنا وأحنق تارة على عجزي وأموت ألف مرة أمام من لا يفهم ولا يعي، وأعود لعقلي فأقول هيا يا أميرة لا تيأسي فالعمل والعمل والعمل هو الحل، فلنقم بالتوعية والتوضيح بالإعلام الشعبي والدبلوماسية الشعبية ليفيق الناس، ولندعم أهلنا بالأفعال والإعمار الحقيقي هناك ولأزيد جهدي في الدعم النفسي لأبطالنا هنا وللناس العاديين منهم.
وجاءت اللحظة حين بشرني د.وائل بأني سأسافر إلى غزة بعد طول إلحاح مني ومتابعة لإمكانية سفري وكأني أحلم أو أكاد أطير فوق السحاب حين حدثني، فحياتنا هنا تجعل الإنسان على أحسن تقدير يحتفظ بأحلامه، أما أن يحققها على صعوبتها فهو تدبير رباني يحتاج مني للسجود كل لحظة، وسألت نفسي أسبوع في غزة هل يفيد من يحتاج لمساندة نفسية مقابل ما لاقاه من قهر وظلم وخيانة وفقد للأحباب والديار؟!
ووجدتني أعترف لنفسي أنني سأذهب لأني أنا من يحتاج لغزة! نعم أنا من يحتاج الذهاب لأرض الشرفاء والمقاومة وأرض الرباط، احتاج أن أشعر بأني إنسان حقيقي يفعل شيئا حقيقيا وأشعر أن مازال هناك على وجه الكرة الأرضية من يرفض الموت المقنع حين يحيا حياة البهائم أو يحيا بلا روح ولا هدف ولا قضية.. فيفضل الموت مرفوع الرأس صامد على أن يحيا حياة الخنوع.
غزة.. سأعيش على أمل اللقاء فانتظريني.
ويتبع >>>>: تاراباتاتوووه.... ومدخلتش غزة!!(1)
واقرأ أيضًا:
تاراباتاتوووو / يوميات مجنونة صايمة / من أنت؟