أيام قليلة ويقترب ما اتفق العالم على تسميته عيد الحب أو valentine's day ، ولن أكرر الكلام القائل بأن الحب لا يكفي يوم واحد في العام للاحتفال به والمفروض أن تكون أيامنا كلها حب، ولن أكتفي بما يثيره بعض المتدينين بأن الاحتفال به حرام لأنه بدعة آتية من الغرب إذا أن فالنتيان هذا قديس مسيحي ضحى بحياته من أجل تزويج الشباب المتحاب وقت أن لاحظ الإمبراطور الروماني كلاديوس الثاني في أواخر القرن الثالث الميلادي، أنَّ العزاب أشد صبرًا في الحرب من المتزوجين الذين يرفضون الذهاب إلى المعركة، فأصدر أمرًا بمنع عقد أي قران، غير أنَّ القس فالنتين عارض ذلك، واستمر في عقد الزواج بالكنيسة سرًّا حتى اكتشف أمره،وقد حاول الإمبراطور بعد ذلك إقناعه بالخروج من إيمانه المسيحي وعبادة آلهة الرومان، ليعفو عنه، ولكن القديس فالنتين رفض ذلك بشدة وآثر التمسك بدينه، فنُفِّذ فيه حُكم الإعدام يوم 14 فبراير، وأصبح من يومها هذا القديس فالنتاين رمزا للحب (وهذه هي سبب الاحتفال بعيد الحب في هذا اليوم تحديداً)، وأصبح العالم الغربي يحتفل بذكري موته بما يسمى عيد الحب، وأن كانت وجهة نظر وجيهة ومحترمة وصحيحة دينياً كون اعتبار عيد الحب (بدعة وحرام) إلا أن الأمر أكبر من هذا.
فاعتراضي على هذا الاحتفال في هذا اليوم تحديدا ليس من منطلق أنه لا يكف يوم واحد للاحتفال بالحب، وليس لكونه بدعة وفقاً للمتدينين، وإنما لأنه سلوك يحمل الثقافة الغربية بشكل أعمى وكأننا مجرد قطيع يسير في إثر الغرب بلا تفكير، هو نفس اعتراضي على أن نرتدي في مصر الزى الأمريكي أو الفرنسي أو الإيطالي، وأن نأكل الطعام الأمريكي، هو نفس اعتراضي على تنميط العالم ونشر ثقافة واحدة في أركان العالم، ما معنى أن آكل في مصر الشطيرة الأمريكية والهامبرجر وأخواته؟!
تنميط وقولبة وتوحيد غبي للعالم
مالنا نحن بالقس فالنتاين؟
قصة تضحيته "على عيني وراسي" ولكنها ليست في معتقدنا ولا ثقافتنا ولا تحمل ملامح حياتنا وهويتنا.
ومن ناحية أخرى أن الاحتفال بما يطلقون عليه حباً ما هو إلا خداع وكذب على الذات!
فعن أي حب يتحدثون ؟!
عن الحب المجنون القاتل الذي دفع بأب مثقف ميسور أن يقتل زوجته المحترمة وابنته الفنانة الرقيقة وابنه المهندس اليافع؟!
أم عن ما نراه من سلوكيات فوضوية منحدرة وعنيفة في الشارع كل يوم؟!
أم عن علاقاتنا الاجتماعية المتفسخة؟!
أم عن سوء أخلاقنا وسوء معاملتنا لبعضنا البعض؟
أم عن إهمالنا في عملنا وتراجع إنتاجيتنا؟
أم عن قتل المواهب والإبداع في شتى المجالات؟
أم عن الفساد ؟!
أم...أم....أم....
عشرات السلوكيات الفاسدة التي تطغى على حياتنا التي تخلو من أي ذرة من الحب.
حينما ندعي أننا نحتفي بالحب ونحن أبعد ما نكون عنه ألا يكون هذا خداعاً وكذباً على الذات؟
واقرأ أيضًا:
للرفيق الإلكتروني وجوه كثيرة / زى النهاردة.... سينما مختلفة / يوميات ولاء في الماراااثون!