الريس عمر حرب.... حينما توصلنا الفلسفة إلى العبث!
الريس عمر حرب هو أسوأ أفلام خالد يوسف بلا منافسة. الفيلم يحمل فكراً فلسفياً واضحاً وساذجا في نفس الوقت. تدخل بنا أحداث الفيلم عالم صالات القمار الغريب على غالبنا، فلا شك أن قليل جداً من المشاهدين من رواد صالات القمار.
وبداية لا أدري السبب الدرامي الذي اختار على أساسه المؤلف (هاني فوزي) نادي للقمار تحديداً، ولا يجوز في الفن أن نسأل لماذا قدم هذا تحديداً ولا يجب أن نفرض على الفنان شيئاً بعينه كي يقدمه خاصة في مضمون الفيلم أو قصته إلا أنني أجد المؤلف مطالباً بتقديم مبرر لهذا الاختيار، وبالمنطق فإن فكرة تحكم الشيطان في البشر وهي الفكرة الفلسفية التي يعتمد عليها الفيلم لا يعد نادي قمار المكان المناسب أبداً لتقديمها، فمن الطبيعي أن يحكم الشيطان عالم القمار ومرتاديه، في حين أن الفكرة ستكون أكثر قوة وعقلانية لو دخل بنا المؤلف عالماً أكثر شيوعاً مثل مؤسسة تجارية أو حتى مدرسة أو نادي رياضي، فما الجديد في سيطرة الشيطان على عالم القمار؟
وفي إطار الخروج عن المنطق نجد انقياد سمية الخشاب (حبيبة) للريس عمر حرب (والذي قام بدوره خالد صالح باعتباره رمزاً للشيطان) لم أجد مبرراً درامياً لانقياد امرأة محبة لزوجها سوية في الأصل بخلاف جميع شخصيات العمل، فلم نشاهد حتى إنفاق الريس عمر عليها بل كان يأخذ منها! من ناحية أخرى لم تقدم سمية الخشاب جديداً يضاف لرصيدها الفني ولا تزال تقف عند فيلم خيانة مشروعة أفضل ما قدمته على الإطلاق حتى الآن مع التغاضي عن تكرار أدوارها بأنها دائماً على علاقة غير شرعية مع البطل (راجع أفلامها خيانة مشروعة -حين ميسرة- الريس عمر حرب). ونفس القول ينطبق على غادة عبد الرازق التي أثبتت مثل قرينتها سمية الخشاب إلى أن الطريق إلى الانتشار الفني لا يتطلب سوى التخلص من المزيد من الملابس!
المفاجأة السيئة في هذا الفيلم هي أداء خالد صالح وهو الفنان المتميز الذي جاء عادياً بالنسبة لممثل قدير مثله، فكان يمكنه أن يكون أفضل، فلا تزال أفلامه تيتو وعمارة يعقوبيان الأفضل.
ونفس الشيء يمكن قوله على أداء هاني سلامة إلا أن أداء هاني في هذا الفيلم جاء الأفضل منضماً لفيلمه خيانة مشروعة.
أما الديكور والإضاءة فلا نلحظ فيهما أي إبداع، مع العلم أن فيلماً فلسفياًَ مثله يعتمد بدرجة كبيرة على الديكور والإضاءة، فأخفق المخرج في توظيفهما بشكل يخدم الفيلم. وهذا مقارنة بفيلم فلسفي آخر هو جنة الشياطين الأكثر روعة، فلو اعتبرنا فيلم أسامة فوزي البديع جنة الشياطين فلسفياً، فيمكننا القول أن الريس عمر حرب لخالد يوسف ليس سوى مجرد عبث، فهو أسوء أفلام الأخير على الإطلاق ولا تزال أفلام خيانة مشروعة وويجا والعاصفة أفضل ما قدم لنا خالد يوسف.
خالد يوسف مخرج متميز ويمتلك قدرة فائقة في استخراج أفضل ما لدى الممثل، لو أنه فقط تناول قضايانا الكبرى الأكثر إلحاحاً فسيكون من أفضل مخرجي السينما المصرية وسيذكره التاريخ السينمائي بخير.... أقول لو.
واقرأ أيضًا:
عن أي حب يتحدثون؟ / يوميات ولاء في الماراااثون! / القدس... نزور؟ ولا ما نزورش؟