لفت انتباهي من الأخبار التي أطالعها يومياً خبراً يصرح فيه وزير الأوقاف المصري الدكتور زقزوق بدعوة المسلمين من جميع أنحاء العالم بزيارة القدس، والصلاة بالمسجد الأقصى وعدم ترك القدس للإسرائيليين للاستئثار بها.
وللوهلة الأولى أزعجني الخبر الذي يأتي من مسئول رسمي بالحكومة المصرية وشخصية لها اعتبارها المحسوب على القيادات الدينية، واختلفنا حول الشخص أو اتفقنا معه إلا أن درجة تأثيره وتأثير آرائه داخل المجتمع المصري أمر لا يمكن إنكاره أو فصله عن سياق الخبر المذكور.
أزعجني الخبر في البداية لأن زيارة القدس في الوضع الراهن والأحداث المشتعلة بالأراضي المحتلة يعني الحصول على تأشيرة المحتل الإسرائيلي وهو ما يمثل موافقة ضمنية على حق الكيان المغتصب في التواجد واعتباره "الدولة" المسئولة عن القدس. وعارضته الكثير من الأصوات المصرية على رأسها شيخ الأزهر الدكتور طنطاوي وبعض رجال الأزهر الشريف.
وتصادف بعد تصريح وزير الأوقاف المصري خبر آخر لفت انتباهي واستوقفني وهو أن المدارس الإسرائيلية تفرض على تلاميذها زيارة القدس باعتبارها جزءاً أصيلاً من الدراسة بها والحصول على شهادتها!
مما جعلني أعيد النظر في تصريح الدكتور زقزوق، فإذا كان هذا هو حال المغتصب الذي يصر دائماً على وضع قدمه (بل قدميه) في كل شبر فلسطيني، فلم لا يسارع العرب والمسلمون بالتواجد على الأرضي الفلسطينية لوقف هذا الزحف الاستيطاني المسيطر على الأراضي المحتلة خاصة المقدس منها؟
إن الكيان الصهيوني تعمد منذ تاريخه على اعتماد سياسة وضع اليد للحصول على ما يشاء من أراض عربية مسلمة وفرض نفسه على أرض الواقع، ولو تركناه يرتع في أرض فلسطين بهذا الشكل فلن تجد العرب ولا المسلمون موضع شبر هناك بعد ذلك.
أما القول بأن زيارة القدس بتأشيرة إسرائيلية أمر مرفوض فهذا أمر لا بديل له، فلا يمكن زيارة القدس بتأشيرة فلسطينية في الوقت الراهن، والمنطق يقول عدم ترك المدينة المقدسة في أيد العصابة الإسرائيلية كفريسة سهل لا يوجد من يدافع عنها.
ما المانع في التفكير في الأمر من هذا المنطق؟ التواجد المستمر للعرب والمسلمين بالمدينة يعني حقهم فيها وانتماءهم لها... فلم لا نفعل؟ فإن انفراد الإسرائيليين بها يعني ضياعها بلا نصير، وإلا فكيف تتحرر القدس ونحن هاهنا قاعدون؟
اقرأ أيضاً:
حينما توصلنا الفلسفة إلى العبث! / غزة صمود وأمل / يوميات مفرووووسة جدا... غزة! / مع غزة ومن غزة / الطريق إلى غزة / حكايات من غزة / عصا الأمن المركزي... على راسي!