الخنازير نجوم هذه الأيام، شغل الناس بالخنازير عن كل شيء آخر ولم يعد من حديث إلا حديث الخنازير.. الخنازير خطر! الخنازير تقتل! والحقيقة أني لا أستطيع أن أعترض على الفكرة العامة فالخنازير فعلا خطر ولكنني لو تكلمت عن خطورتها فسوف أخرج عن الموضوع. فالموضوع ليس هو الخنازير ولكن أنفلونزا الخنازير التي تنتقل الآن من إنسان لإنسان وبالتالي فإن المعركة مع الفيروس ذاته وليس مع الخنازير فإذا اخترنا ترك الفيروس وقتل الخنزير فإن هذا يشبه علاج السعال الديكي بقتل الديوك! ومع ذلك وليس دفاعا عن الخنازير ولكن حرصا على التعامل مع الحيوان الأبكم بإنسانية ورحمة فإن الصورة الفوتوغرافية التي طالعتني على صدر الصفحة الأولى من جريدة المصري اليوم لرجل يسحل خنزيرا حيا بسحبه من أحد رجليه ورأسه مقلوبا إلى أعلى تعكس حالة الوحشية غير المبررة والتي لا يقبلها شرع أو دين، فالخنازير نفسها ليست حراما ولكن أكلها فقط هو المحرم.
وتذكرت ما تعلمته في سنوات عمري الأولى عن المرأة التي حبست قطة إلى أن ماتت من الجوع فدخلت فيها النار رغم أننا لا نأكل أيضا لحم القطط وذلك الرجل الذي ملأ حذائه بماء البئر ليسقي كلبا يكاد يموت عطشا ودخل فيه الجنة ونحن أيضا لا نأكل لحم الكلاب ولكننا لا نريد أن نتعلم أن الوحشية حتى مع الحيوان حتى ولو كان خنزيرا ليست من ديننا.
إن أسلوب الوقاية من أنفلونزا الخنازير حددته منظمة الصحة العالمية في إجراءات علمية ملخصها عدم الوجود في أماكن مزدحمة مغلقة وعدم تناول أطعمة من الخارج بقدر الإمكان لعدم إمكان التأكد تماما من نظافتها الأمر الذي يصدق أيضا على تدخين الشيشة في الأماكن العامة وما إلى ذلك إضافة إلى اتقاء تبادل القبل كأسلوب من أساليب التحية واللقاء والسلام وأخيرا المسارعة إلى طلب المشورة الطبية حال ظهور الأعراض في مراحلها الأولي كارتفاع درجة الحرارة والميل إلى القيء والشعور بالدوخة وما إلى ذلك.
هذه هي الأساليب العلمية للوقاية من أنفلونزا الخنازير أما ما يفعله الناس بالخنازير بعيدا عن تلك الأساليب فهو لا يعكس مجرد حالة من الوحشية في السحل والتعذيب قبل القتل وإنما يعكس فوق كل ذلك حالة مرعبة من الجهل والتخلف العقلي الذي لا يصدق.. لا أستطيع إزاءها إلا أن أدعو الله ألا ينتشر وباء الحصبة الألماني في يوم من الأيام وإلا ساعتها قول على إخواننا الألمان يا رحمن يا رحيم..
اقرأ أيضاً:
الحياة لونها مش بمبي خالص/ الشخص المصري