الرجل يعمل في الخارج، والمرأة تعمل في الخارج والداخل.. هل هذا التقسيم القديم للمهام، الذي لم يتغير منذ زمن الكهوف في طريقه للتغيير؟ الإحصائيات الأمريكية تقول إن 80% من الذين فقدوا وظائفهم بسبب الأزمة المالية العالمية هم من الإخوة الرجال وهذه الظاهرة تمتد إلى أوربا الآن وربما تصل قريبا إلينا وهذا معناه أن سي السيد في هذه الأيام مرشح لأن يتحول إلى امرأة، تهمس لنفسها وهي ترتدي ملابس العمل كل صباح قائلة "يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم استعنا على الشقا بالله".
يجوز أن أحد أسباب هذه الظاهرة هو طبيعة الأعمال المسندة إلى المرأة مما لا يقبل الاستغناء عنه كالمربيات والعاملات في البيوت والحاضنات ومجالي الصحة والتربية وغيرها من الوظائف الحريمي. وهذا يجعلنا نتوقف أمام احتمالات جديدة، لا أريد أن أقول عظيمة فالرجل قد يجد نفسه في النهاية مضطرا لأن يكون هو ست البيت التي تحرص على إعداد وجبات الطعام قبل عودة الزوجة المنهكة من العمل ومهام أخرى أيضا متعلقة برعاية الأولاد ومذاكرتهم.
لا أري أن الرجال مستعدون بما يكفي لهذا إذا ما فرضته الظروف عليهم. أقول هذا لأن المرأة منذ نزلت إلى سوق العمل وهي تتحمل وحدها عبء المهمتين معا، ويا ما سمعنا كلام كتير يقول إن الست ملزمة بأن توفق ما بين شغلها وبيتها وإلا أصبحت إنسانة فاشلة وأنانية ولا تستحق نعمة الزواج وجنة البيت الذي من المفروض أن يكون عش السعادة والهناء. ولن يكون الرجال ناجحين في إدارة البيوت كما تفعل المرأة فمباراة في كرة القدم بين الأهلي والزمالك أو كاس "أفريكيا" كفيلة بأن تأخذ الرجل من كل شيء.. فيفور اللبن عالنار وتحرق المكواة القميص وينام الولد قبل أن ينهي واجبه المدرسي وستكون إجابته إذا ما سألته الزوجة المنهكة طوال اليوم في العمل خارج المنزل جاهزة، ملخصها أنه متعب نفسيا لأنه لا يحقق ذاته ولأن قدميه قد حفيتا بحثا عن عمل طول النهار وبأنه لا يجد الفرصة للجلوس مع أصدقائه على المقهى ليسهر ويسري عن نفسه بعد كل هذا التعب.
أما المرأة فقد بينت الدراسات أنها عندما تكون في بطالة، فإن الوقت الذي تخصصه كل يوم للبيت والأطفال يتضاعف. بينما الرجل في نفس الموقف لا يغير عاداته. بل غالبا ما يذهب إلى الأسوأ عما لو كان يعمل: فهو يقضي وقته في النوم، والفرجة على التليفزيون، وخصوصا في البحث عن عمل. ونتيجة لذلك، يكون مرهقا لدرجة أنه لا يتبقى له ولو دقيقة يخصصها لإدارة البيت.
أخشى ما أخشاه أن تجد المرأة نفسها في النهاية مكلفة بالعمل للإنفاق على البيت وأيضا رعاية من هم داخل البيت، كل ما في الأمر أن عدد من تتولى رعايتهم سوف يزداد واحدا.. والنتيجة أن الحرب بين الجنسين لن تتوقف قريبا. فعندما تعود المرأة في المساء، مرهقة، خمنوا من يجب عليه بالإضافة إلى ذلك إعداد العشاء؟
اقرأ أيضاً:
الحكم الناجح/ أوباما جاي