الشك نوعان سلبي وإيجابي، الشك السلبي هو الذي لا يؤدي إلى أي نتيجة نشك في الوجود وفي الخالق -أستغفر الله- وكل شيء وهو ما يقول به المعاندون والرافضون والملحدون... أما الشك الإيجابي فهو البنّاء العقلي الذي أتى به المفكر الفرنسي رينيه ديكارت الذي بدأ به اصطحاب الشاك السلبي إلى أبعد مدى... نعم سيدي سأشك في كل شيء حتى في وجودي ذاته.. فبما أنى أشك إذن فأنا أفكر لأن العقل الخاوي لا يشك ولا يدرى شيئاً وبما أنى موجود فلابد لي من واجد حيث لا يعقل أن أكون موجوداً من العدم وحسب مبدأ السببية (causality), الذي يقول إن لكل معلول علة أي لكل سبب مسبب حيث لا تتحرك الكرة الثابتة إلا بقوة دفعتها أو رفعتها أو أسقطتها..
ولابد أن تكون للمسبب قوة أكبر من موضوع السبب، وبما أني سبب فلابد لي من مسبب، ولابد أن تكون له قوة أكبر من قوتي، فمن أنا؟؟
أنا كائن لأني أنمو وأكبر وآكل وأمشي وأفكر ووو... هل أنا كامل؟ بالطبع لا لأني لا أستطيع أن أحقق ما أريد فلا أملك أن أكون طويلاً أو جميلاً أو عبقرياً... هل أنا خالد لا.. متناهي؟ لا لأني سأموت كما مات غيري من البشر.. إذن لا بد أن يكون مسببي أو علة وجودي أقوى مني وله صفات فوق صفاتي فهو كامل لأن الكمال الذي يريده يحققه بإرادته فيجعل هذا طويلاً وذاك قصيراً وتلك جميلة والأخرى غير ذلك وهكذا.
هل هو متناهي؟؟ كلا فإنه خلق منذ الأزل وما زال يخلق وسيخلق لأننا نرى هذا كل حين.. إذن النتيجة النهائية للشك الديكارتي أنني موجود وأن علة وجودي أو مسببي وغيري من البشر خالق كامل لا متناهي... نحن نسميه الله وقد يسميه غيرنا أي شيء آخر.... وهكذا انتقل بنا ديكارت من الشك إلى اليقين ومن الإلحاد إلى وجود الخالق. أما شك أبى حامد الغزالي في الوجود فله حديث آخر إن شاء الله.
واقرأ أيضاً:
سر الرقم 19 في القرآن الكريم / أفلا يتدبرون القرآن؟!