بعد كل هذا الجمال كيف لي أن أتعامل مع القبح.. أقف الآن على شاطئ المحيط الهندي، أقف على رمال ناعمة وخلفي جبال خضراء عليها بيوت خشبية متناثرة، أخبرني مرشدي أن سعر الواحد منها يبلغ 2مليون دولار (يا بلاش).. وأشار على وحدات متنوعة يعرضها أصحابها للبيع نتيجة للأزمة المالية العالمية وحالة الركود التي تعصف بالعالم..
بالأمس دخلنا في جدل بيزنطي! كنا نتناقش في محاولة للوصول إلى رأي موحد حول أجمل مكان في العالم (مناقشة إجازات بقى وسط ناس عايشة في أستراليا).. البعض يقول نيوزيلند ففيها ترى في نفس الوقت الجبال والخضرة والرمال والنهر والثلوج.. ولكني أنظر فأتساءل, ألست أقف الآن في أحد أجمل الأمكنة في العالم؟ ما الذي يمكن أن ينقص هذا المشهد؟ أخذت أفكر فقفزت إلى ذهني الإجابة: "ربما الشلالات" وها نحن ندخل بالمصادفة إلى منطقة غابات ثم تتبدى لنا بحيرة من وراء الأشجار.ونمشي على الأقدام حوالي خمسين دقيقة لنصل إلى الشلالات.. إنه ليس أجمل مكان بالعالم فحسب, بل هو الجنة بالنسبة لي.. وأدلف باب أحد المنتجعات البسيطة لشراء القهوة فيسحرني مشهد الأشجار حول البحيرة فنقرر المبيت وفي الصباح ألمح ببغاء على شباك البلكونة المطلة على البحيرة.. ونلتقط الصور (سواح بقي).. وننتقل من جنة إلى أخرى وهانحن متوجهون إلى مزار يسمى الشجر العملاق العالي.. لا يوجد إرسال للهواتف النقالة والملاح الإلكتروني الملحق بالسيارة عمال يخرف ويدخل بنا في غيطان وسط رمال وأشجار وحد يقولك ده إحنا في الساحل الشمالي والآخر يعلق بأننا في العجمي وزوج أختي الملاح البشري وقائد رحلتنا يقول ضاحكا إن المكان بالضبط زي بلده هورين بمحافظة المنوفية ثم نواجه شجرة تقطع الطريق وتحذير من أن ذلك الطريق هو منطقة معرضة للفيضان وننزل من السيارة لنتعرف على المكان فنرى بحيرة ومقياسا للمياه ونكتشف أنها ليست بحيرة بل تجمعا لمياه الأمطار.. فنعود أدراجنا لنتوه مرات ومرات وفي كل توهة نكتشف بقعة خلابة فتلك أرض منثورة بورود وردية وبنفسجية.. توهان في قلب السحر وعين الجمال!
غدا أعود إلى مصر وأتساءل هي مصر وحشتني؟ وتصدح فيروز بأغنيتها الخلابة "من اليوم اللي اتكون يا وطني الموج كنا سوا, لليوم اللي بيعتق يا وطني الغيم راح نبقي سوا" لا أفسر الكلمات كلها بدقة, لكني أستدعي مع الشجن المبثوث في الأغنية كل شجوني فأحن وأتساءل لمَ أوطاننا تستدعي الحزن؟ وتنهي فيروز الأغنية بكلمات تستلهم من الفقراء والصيادين والشهداء الهمة والأمل فتقول عن بكرة إنه "جايب نصر وجايب حرية".
اقرأ أيضاً:
الأخوات الثلاثة والطبيعة الساحرة/ قوة الأذان