يبدو أن النساء لا تنفك الغيرة عنهن! فها أنا ذا أغار وإن كانت هذه ليست عادة لي!!...
قد تسألونني: ممن أغار؟
وبكل بساطة: أغار من أصحاب المشكلات الذين يسألون فيجدون من يجيبهم...! أو على الأقل من يفهم عليهم!
أما أنا فمشكلتي لا جواب لها حالياً... ونادراً ما أجد من يفهم علي....
ما هي مشكلتي؟ أين ستصنَّف؟ من سيجيب عليها؟ الله أعلم..
سأبدأ –وأمري لله- وأسرد هذه المشكلة العويصة:
[السلام عليكم ورحمة الله، حضرة الدكتور وائل أبو هندي المحترم:
لا أدري من أين أبدأ مشكلتي! فقد بدأت معي منذ طفولتي... حينما كنت أسير وراء أمي وهي تقوم بأعمال المنزل لأسمع منها القصص الجميلة التي كانت تقصها عليّ أثناء عملها...
كانت تقص لي قصة الوجود وخلق سيدنا آدم عليه السلام، وعداوة إبليس -لعنه الله- لنا...
كانت تقص لي قصة الإيمان والكفر... وتسير بي في رياض سير الأنبياء ومعاناتهم مع قومهم... ثم تعود بي إلى الحاضر فأشعر وكأني أعيش مع هؤلاء الأنبياء...، ثم تنطلق بي إلى الجزاء والمصير، إلى أحداث يوم القيامة، وإلى افتراق المؤمنين والكافرين، ففريق في الجنة وفريق في السعير...
تخبرني عن لقاء الله عز وجل.. ورؤية المؤمنين له وسعادتهم العظيمة بذلك.... وعن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعن حبه وشفاعته لنا... وعن مقامه عند الله عز وجل... ثم تنهي ما تقصه لتدعني أسرح مع أفكاري وأقول في نفسي:
أنا أحبك يا الله، وأريد أن أكون مثل المؤمنين الذين أطاعوا الأنبياء! أنا أكره الكفر والنكران ولا أحب أن أفعل مثل الكافرين...
يا ترى... إذا قامت القيامة أين سأكون؟ هل سأرى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟ والصحابة الذين أسمع عنهم؟ ماذا ستكون درجتي عند الله؟ ماذا لو كانت درجتي غير جيدة؟ مستحيل!! أنا لا أحب أن أكون في الأسفل، ولا أحب أن أندم وأحزن عندما أرى الصالحين أرفع درجة وقدراً مني!!
كان عقلي حينها لا يتصور كيف أن جميع من في الجنة سعداء مع أن بعضهم أعلى درجة من الآخر، فأنا لا أكون سعيدة إذا كان هناك من يسبقني في المدرسة!!
وكان لا يشغل بالي إلا أنني إذا دخلت غداً الجنة –أسأل الله تعالى أن يكرمنا بها جميعاً- إذا دخلت الجنة ووجدت نفسي لست قريبة من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سأموت حزناً وكمداً وسيبقى حزني هذا ما دامت الجنة والنار!! وحينها ستكون النهاية بالنسبة لي!
هكذا كنت أفكر وهذا ما كان يحزنني... وأذكر كم كنت أختبئ تحت الكرسي أو تحت السرير، وآخذ أحلم بيوم سيأتي فيه عام 2000م حينها سأكون في الخامسة والعشرين من عمري... وسأصبح إنسانة صالحة، مطيعة لربها ولوالديها، بارة بأمتها... وحينها إذا مت سأكون في الفردوس الأعلى!!
ولكن حصل ما لم يكن في الحسبان يا دكتور... جاءت سنة 2000م وصرت في الخامسة والعشرين... لكني وجدت نفسي ما زلت عادية جداً! لست من الأولياء، ولا ممن يستحق أن يكرمه الله عز وجل بدوام رؤيته ومصاحبة نبيه..
وهنا كانت الطامة! أرى الأيام تسير بل تجري وأنا أسير كالسلحفاة!
أؤدي فرائضي وأنا غافلة!
ما زال قلبي معلقاً بالدنيا وإن ادعت النفس الزهد ... والاعتراف يا نفس بالذنب فضيلة...
مات والدي ولم أبلغ مبلغ الشباب بعد، وكنت أحلم أن أكسب بره، فأغلق أحد أبواب الرضا... وأنا مقصرة في حق أمي أيما تقصير، وأنا التي طالما حلمت أن أوفر لها سبل النعيم كله عندما أكبر!... ولكني مع هذا لا يمكنني أن أتحمل فكرة البعد عن الله ورسوله!
ويغلبني الرجاء والأمل برحمة الله تعالى فيسرح فكري في يوم سيتحقق فيه حلمي وأحط رحالي في الجنة عند أكرم الأكرمين... وأقبّل يدَ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأجلس بجواره... ثم أستيقظ وأعود إلى نفسي... يا نفس ما أشد حمقك! من أنت حتى تحلمين بهذا؟! فتجيبني نفسي مصطنعة المسكنة والتواضع: أنا أحلم بكرم الله! هو يعلم أني أحبه، وما في يدي حيلة، فهذا كل ما أحسنه...!
أهدأ لهذا الجواب وأسكن لأنه يداعب أحلامي... ولكن... حذار أيتها النفس أن تكوني إنما قلت هذا لتجدي لنفسك مسوغاً للتقصير في العمل!
وتأخذني الدنيا بمشاغلها، فألهو عن أحلامي... ولكني سرعان ما أعود فأحلم... وأتشوق... وأخاف أن لا يصبح الحلم حقيقة...
دائماً أسأل نفسي: ماذا أفعل؟ وكيف أحقق حلمي؟ ولكني أخيراً بعد محاولات أيأس من حولي وقوتي وأرى تقصيري، وأوقن أني لو عشت إلى عام 4000م لن أصبح أهلاً لما أحلم!
لكني يا رب أحبك! وأحب نبيك! فالمشكلة إذن قائمة، ولن تزال قائمة إلى يوم الدين... لا أنا أتخلى عن طلبي... ولا أنا أستحقه!
يا رب.. أنت تعلم أنه ليس لي غيرك.. وأنت تعلم ما أريد... وأنا أطمع بكرمك فلا تخيبني... أطيعك لأنك تأمرني، ولكني أعلم أني جئتك ببضاعة مزجاة أخجل من عرضها عليك... وهذه حسناتي يا رب.. فماذا عن السيئات!
والأدهى والأمرّ أني كثيراً ما أنسى وأعود أحلم وكأني أستحق ما أحلم به...
ولكني يا رب أحلم بكرمك! وأنظم معاناتي بأبيات أنفس بها كربتي...
فأنا يا رب أريد أمراً أنت تعلمه...
أُريدُ اللهَ يَحدونِي اشْتياقِي فَلا أَدري أَيوصِلُنِي مَسيري؟ أَهُمُّ بِأنْ أَبُثَّ همومَ قَلْبِي ولكنِّي أُخَبئُها بصَمتٍ لمنْ أَشكُو وما في الخلقِ حَوْلٌ وما فيهِم سوى عَبْدٍ فَقِيرٍ لمنْ أَشْكُو؟ إِلَى الرَّحمنِ أَشْكُو فَيُحْيي القلبَ مِنهمْ بَعدَ جَدْبٍ إِلهِي لستُ أَدْرِي غَيرَ أَنِّي وَلكنْ كيفَ يا رَبَّاهُ أَمْضِي؟ بِكمْ أَمْضِي، إِليكمْ لَيسَ إِلا، أَذِيقونِي شرابَ الوُدِّ إِنِّي أَتيتُ وَحِيلَتِي فَقْرِيْ، أَتيتُ بِأَحْمَدَ المُخْتَارِ أَدْعُو بِأَكْملِ خَلْقِ رَبِّ النَّاسِ طُرّاً، رَحِيمِ القَلْبِ، ذِي الخُلُقِ العَظِيمِ إِلهيْ أَبْلِغَنْ مِنّيْ سَلاماً وَهَبْنِي حُبَّهُم مَعْ حُسْنِ سَيرٍ وَأَكْرِمْنِي بِصُحبَتِهمْ جَميعاً | وَلكِنْ لَيْسَ تُسعِفُني نِياقِي وَلا أَدْرِي أَأَحْظَى بالتَّلاقِي؟ وَأَحْكِي مَا أُعَانِي لِلرِّفَاقِ وَكَمْ أُخْفِيْ دُمُوعاً في المآقِي وَكُلُّ النَّاسِ مِثْلِي في السِّباقِ؟ يُلاقِي في المَسيرِ كَمَا أُلاقِي إِلى مَنْ يُنْجِدُ العَطْشَى بِسَاقِي وَيَرْويْهِم مِنْ الكَأْسِ الدِّهَاقِ أُحِبُّكُمُ وَأَرْجُو أَنْ أُلاقِي وَكَيْفَ أَطِيرُ مِنْ غَيرِ البُرَاقِ؟ أَعينُوني، وَفُكُّوا مِنْ وَثَاقِي سَئِمْتُ الشُّرْبَ مِنْ مَاءٍ زُعَاقِ وَحُبٌّ أَهَلَّ هِلالُهُ بَعْدَ المُحَاقِ وَأَرْجُو نَفْحَةً فِيهَا عِتَاقِي بمنْ قَدْ سَارَ في السَّبْعِ الطِّبَاقِ شَفِيعِ النَّاسِ في يَومِ المَسَاقِ لَهُ، لِلآلِ، لِلصَّحْبِ الرِّفَاقِ عَلى النَّهْجِ المُبَاعِدِ لِلنِّفَاقِ وَرُؤْيَةِ وَجْهِكُمْ يَوْمَ التَّلاقِي |
آسفة للاستطراد والإطالة يا دكتور...!
سأعود لِأَلُمَّ شعث كلامي المبعثر فألخص أسئلتي ومشكلتي التي أرّقتني فأنستني كل مشكلة سواها:
1- كيف أعلم يا دكتور ما مصيري؟ هل هناك أحد يعلم فأسأله؟
2- هل هناك أدوية تعالج المشكلة وتحقق الأحلام؟ أو علاج نفسي يفعل ذلك؟ أو طبيب يعالج قلقي؟ أو مستشار يشير علي بقول فصل، ويبين لي أين أنا غداً؟
3- هل من مشكلتي مفرّ؟ وهل يمكن أن أتجاهلها؟ وهل تجاهلها أو الجهل بها يصلح حلاً لها؟ وهل هناك ما هو أهم منها فأشغل نفسي به؟
4- كيف أحقق حلمي؟ كم أدفع من المال؟ وهل يمكن لشهادة الدكتوراه أن تنفعني؟ أم هذه الأثمان لا تروج عند رب العزة؟
5- هل أنا وحيدة في مشكلتي هذه؟ أم هناك من له نفس المشكلة؟ هل هناك من يقلق مثلي؟ هل هناك من يشاركني همي؟
6- كيف يعرض عملي غداً على الله عز وجل؟ هل من ستر أستتر به؟ وهل من ملجأ ألجأ إليه فلا يراني؟ هل سأتحمل العتاب على التقصير؟ (ولا أريد أن أفكر فيما هو أشد من ذلك)
7- إذا لم تعجبني نتيجتي غداً... هل هناك امتحان استثنائي من أجل الراسبين؟ وبالمناسبة! متى ينتهي وقت امتحاننا الآن يا دكتور فأنا لم أجب عن الأسئلة بعد؟
8- هناك أسئلة أخرى... لكني لا أريد أن أثقل عليكم، إن عرفت حل هذه الأسئلة سأتابعكم بما بعدها إن لم يكن لديكم مانع!
أرجوكم يا دكتور أريد الإجابة سريعاً... فأخاف أن يخترمني الأجل قبل أن أعلم وأعمل بما أعلم...
وأرجو أن ترسلوا الإجابة على بريدي الخاص، فأنا أخجل من سوء حالي وافتضاحي أمام رواد الموقع! وإن أبيتم إلا نشر هذه المشكلة فأرجو تجهيل بياناتي، وأن تكتبوا في خانة الاسم: أمة لله تقف على بابه، عمرها: قصير، وفعلها قليل! تسكن الأرض وتحلم بالسماء، ومشكلتها أن كل داء لها داء!
وجزاكم الله خيراً...].
واقرأ أيضاً:
ليتكم تدرون..../ غزة / الجاهل الأخير مشاركة / خرافة العصر الحديث