كانت معجزة هيلن كيلر أنها صماء وعمياء إلا أنها تعلمت أن تتكلم؛ وفي هذا منتهى العبقرية. فعلى الرغم من أنها لم تفعل سوى ما يفعله الملايين من الأطفال الأصغر منها بالكثير؛ إلا أنه في ظروفها غير العادية كانت هيلن كيلر عبقرية لن ينساها التاريخ. لهذا لا أتوقع وفقا للطبيعي من الأمور أن يسمع الأصم أو أن يرى الأعمى، فلماذا إذن أتخيل أن هذا الأصم الأعمى يمكن له أن يتكلم ليأتي بالمعجزة. لا يجوز الغضب فلن يحدث المستحيل، قد يكون هذا حلماً ولكن ليست الأحلام إلا أماني، المجنون هو الذي يصرّ على الأعمى أن يرى وعلى الأصم أن يسمع.
لا أحلم بمن يفقه قولي؛ فأنا نفسي لا أعي ما أقول من كثرة ما يملئ حديثي من تأتأة؛ وقد أكون مصاباً بالبكم، فلتكن أقصى الطموحات إذن أن نلتقي كأنصاف عاهات في منتصف الطريق.
لقد أثارت فينا أحداث مباراة مصر والجزائر سؤالاً "لماذا يكرهوننا؟!!" تماما مثلما أثارت أحداث الحادي عشر من سبتمبر داخل الأمريكيين نفس التساؤل. وعندما طرح الأمريكيون تساؤلهم أجبناهم في دهشة تعادل دهشتهم أحقاً لا تعرفون؟!!!!، فقد كنا نرى أن إجابة هذا السؤال من البساطة والبديهية بالدرجة التي لا تحتاج إلى طرح مثل هذا السؤال الغبي. لقد جاءت إجاباتنا بمنتهى البساطة "لا ننكر ما أعطيتمونا ولكن أيضاً نكرهكم؛ فقط أنظروا ماذا فعلتم بنا وماذا أنتم تفعلون".
إننا الآن نطرح نفس السؤال وبنفس مستوى الحمق والغباء مثلما فعل أصدقاؤنا الأمريكيون. فهل سنجد نفس الإجابات العفوية البسيطة مثلما أجبنا نحن من قبل عليهم، لنجد من يقول لنا لا ننكر ما أعطيتم ولكن نكره ما أخذتم. لقد نزعتم عنا ورقة التوت التي كانت تستر عوراتنا... نعم نزعتم ورقة التوت التي طالما بنينا حول ما تخفيه الأساطير بأنها... وأنها... وفجأة وبدون مقدمات سقطت ورقة التوت لينفضح أمرنا وأنه ليس خلفها إلا قضيب مشوه لا يعرف معنى الانتصاب. وكما يقول المثل العامي لديكم "القرعة تتباهى بشعر بنت أختها" فهل لكم أن تتصوروا غضب هذه المسكينة إذ تنصلت منها بنت الأخت وقالت لا صلة لي بك. هل لكم أن تتصوروا مدى انكسارها واحتقارها لنفسها يوم طالعت المرآة فلم يعد لديها ما تتجمل أو تتباهى به. هذه هي الإجابة بمنتهى العفوية والبساطة.
لقد خانتنا الأخت يوم قبلت أن تضاجع خيبر في مخدع الشهداء؛ يوم حملته لمنتجع الكامب في اقل من طرفة عين. فمهما كانت المبررات من أننا أصابنا الكبر ولم نعد قادرين على إشباع شهواتها، فإن الخيانة هي الخيانة لا تشفع لها المبررات. ووفقاً لقوانين العرب لا يغسلها إلا القتل، ووفقاً لقوانين الغرب فإن كلٌ له طريق. فكيف يكون حالنا حين لا نستطيع قتلاً ولا نطيق فراق. حتما لا نملك إلا الكره والرفض بقدر ما نكره ونحتقر ضعفنا. الأشد ألماً لنا أنك بمنتهى تبجح العاهرات أخذت تمارسين خطاياك مرات ومرات أمام البوابات وأمام الشهود والعلن؛ متبجحة بأننا ورغم كل ذلك لن نقدر على الفراق وأننا بدونك خواء، وأنك لنا الدواء من كل داء والبلسم عند لملمة شمل الفرقاء. حين نزعت عنّا ورقة التوت أنكشف البعض فلا شيء تحتها، ولأنه ليس هناك من هو أكثر حقدا على البغي سوى الشواذ؛ فقد فظن هؤلاء أن الفرصة مواتية فجاهروا بشذوذهم وهللوا فقد حان الحين أخيرا لأن يتفوقوا في شيء، ولما أدرك هؤلاء أنه هيهات فلن يستوي أمام الرب الشذوذ والبغاء؛ أمتلئت قلوبهم حقدا وكرها وبغضاء.
قد يكون حديثي هذا ليس أكثر من هُراء؛ أو هُذاء ليس فيه معنى إلا لمن يعرف فك رموز الهُذاء، واحسرتاه حين يصير الوطن وكراً للبغاء حين يصير مكروهاً من الشواذ والشرفاء على حد سواء.
واقرأ أيضاً:
الممارسات الإسرائيلية من منظور علم النفس / فساد السلطة / الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها