قرر "مجلس أمناء الدولة والدستور" بتاريخ 5 مارس سنة 2011 ما يلي:
أولاً: "..إلغاء الفترة الانتقالية التي حددت من قبل"،
ثانياً: اتخاذ الإجراءات فوراً لعقد جمعية تأسيسية تُـنتخب بالاقتراع العام المباشر على أن تجتمع في يوليو 2011 وتقوم بمناقشة مشروع الدستور الجديد وإقراره، والقيام بمهمة البرلمان إلى الوقت الذي يتم فيه عقد البرلمان الجديد وفقاً لأحكام الدستور الذي ستقره الجمعية التأسيسية. وفي نفس الوقت تقرر إلغاء الأحكام العرفية والرقابة على الصحافة والنشر.
وكان محمد محمد أبو محمد -بعد أن اتسعت الخلافات بينه وبين أعضاء "مجلس أمناء الدولة والدستور"- قد قدم استقالته قبل ذلك، وعين أحمد أحمد أبو أحمد رئيساً للمجلس، ورئيساً لمجلس الوزراء. وهو الذي قال في خطاب قبول استقالته أن الرئيس المستقيل كان ديكتاتوراً، وأنه طلب لنفسه سلطات استثنائية تجبّ آراء كل أو أغلبية مجلس أمناء الدولة والدستور، بمعنى أنه كان يريد أن يختص وحده بحق الفيتو، وحق تسمية الوزراء... إلخ، وفسر أحمد أحمد أبو أحمد ذلك بحالة الرئيس محمد محمد النفسية، حيث أنه لم يكن من الأمناء الأحرار المؤسسين، ولم ينضم إليهم إلا بعد نجاحهم الفعلي، فشعر أنه دخيل عليهم، فتعقّد نفسياً! وراح يعوّض هذه العقدة بطلباته الاستثنائية وسلوكه الدكتاتوري(!!!)، فقبلت الاستقالة.
لكن حركة شعبية جيشية قامت على الفور، وهددت هذا الإجراء، فتراجع المجلس، وعاد محمد محمد أبو محمد إلى منصبه واتخذت قرارات الحرية السالفة الذكر بحل المجلس وتكوين الأحزاب... إلخ.
وفي يوم ٢٥ مارس 2011 قرر "مجلس أمناء الدولة والدستور" تعيين محمد محمد أبو محمد رئيساً للمجلس بعد أن تنحى أحمد أحمد أبو أحمد عن الرئاسة،... وعاد نائباً لرئيس المجلس، كما قرر المجلس "السماح بقيام الأحزاب وحل" مجلس أمناء الدولة والدستور يوم ٢٤ يوليه 2011 أي في يوم انتخاب الجمعية التأسيسية، كما ذكرنا.
لكن ما حدث بعد ذلك غيّر المسار:
بعد مظاهرات مرتبة من الناحية الثانية، بقيادة عمال نقابة الميكروباسات الطائرة والمدونات القومية المتينة، وموصلي طلبات الحاجات السريعة للمنازل، وعمال النظافة في المنتجعات الجديدة والشاطئ الشمالي، وفي ٢٩ مارس 2011 قرر "مجلس أمناء الدولة والدستور إرجاء تنفيذ كل القرارات السالفة الذكر الصادرة في مارس 2011".
وقد انعكس هذا الاضطراب على الجيش، كما حاول السياسيون استغلاله وخاصة الإخوان المسلمين وأنصار الأحزاب الجديدة الذين كانوا في صف الرئيس محمد محمد أبو محمد وعلى اتصال به.
وفي ١٧ أبريل 2011 تولى أحمد أحمد أبو أحمد رئاسة مجلس الوزراء واقتصر محمد محمد أبو محمد على رئاسة الجمهورية، إلى أن جرت محاولة لاغتيال أحمد أحمد أبو أحمد وهو يخطب في ميدان جامعة الدول العربية، بيد عملاء لحزب الله بالتعاون مع الإخوان المسلمين وتمويل إيران، وقد ثبت من التحقيقات مع المقبوض عليهم أن محمد محمد أبو محمد كان على اتصال بهم وأنه كان معتزماً تأييدهم إذا ما نجحوا في قلب نظام الحكم. وهنا قرر مجلس أمناء الدولة والدستور في ١٤ نوفمبر 2011 إعفاء محمد محمد أبو محمد من جميع مناصبه على أن يبقى منصب رئيس الجمهورية شاغراً وأن يستمر مجلس أمناء الدولة والدستور في ممارسة كافة سلطاته بقيادة أحمد أحمد أبو أحمد (لاحظ وجود "احمد" زائدة – الاحتياط واجب)... إلخ.
وبعد،
لمن يعرف الطريق إلى سيدنا جوجل، جزاه الله عنّا خيراً، أن يبحث عن التواريخ الأصلية، ويعيد قراءة حديث الأستاذ هيكل الأخير، فهو المعلم والأستاذ بحق، أطال الله عمره، ومتّعه بالصحة والذاكرة المتينة والمثيرة، أما من ليس له علاقة بالنت فمن السهل أن يحصل على النص الأصلي (تقريباً قبل التعديل وتغيير الأسماء) بإبدال سنة 1954 بـ سنة 2011، وإبدال "مجلس قيادة الثورة" بـ "مجلس أمناء الدولة والدستور"، وسيحصل على النص الأصلي دون مسؤولية على الكاتب إلا تغيير التواريخ، والأسماء.
تحذير:
أتحفّظ دائماً ضد التفسير النفسي للسياسة، وللتاريخ، مع أن الرئيس جمال عبد الناصر- في خطاب قبول استقالة الرئيس محمد نجيب قد فسر سلوك الأخير بحالته النفسية، كذلك ما زلت أذكر سلسلة مقالات الأستاذ القدير هيكل في الستينيات بعنوان: "العقد النفسية التي تحكم الشرق الأوسط"، ثم جاء الرئيس السادات ليفسر استمرار الصراع بيننا وبين إسرائيل بأنه صراع نفسي في المقام الأول!.
لماذا هذا الاختزال من هواة التفسير النفسي (أو حتى مختصين) مسؤولين ومهمين هكذا؟
وبالتالي: فمن قرأ هذه التعتعة من "منطلق نفسي"، فالعهدة عليه.
نشرت في الدستور بتاريخ 28-10-2009
اقرأ أيضا:
متى نتعلم كيف نكسب لنثابر، وكيف نخسر لنبدأ؟ / تحالف قوى الانقراض... ولكننا نحن البشر سننتصر! / اقتراح: إلغاء المدارس، ومنح بدل نقدي للتعليم!!!