يقولون إن الصدق منجاة وهذا الأسبوع أثبت لنا العم عبد العزيز أن الصدق منجة.. عم عبد العزيز فلاح من قرية المريس بالأقصر.. مصري بكل ما في كلمة مصري من معنى، بنظارته الذهبية وجلبابه الصوفي وذكائه ولماحيته وبلاغته. ليواجه الرجل مع باقي أهل قرية المريس القرار الجائر الظالم الذي أصدره رئيس وزراء مصر بنزع ملكية أراضي قريتهم بحجة المنفعة العامة التي لا تعدو أن تكون مشروعا سياحيا لا يخدم إلا مصالح هذه القلة التي رمانا بها هذا الزمان، الذين يستحلون كل خيرات هذا البلد فقط لكي تزداد جيوبهم انتفاخا.
فكانت المناظرة بين عم عبد العزيز ورجال الحكومة الذين يريدون الاستيلاء على أرضه وعلى أكثر من خمسمائة فدان من الأرض الزراعية الخصبة على نيل الأقصر مباشرة من أجل بيعها للمستثمرين الأجانب وأصحاب براميل الجاز كما سبق وأن باعوا خليج سيدي عبد الرحمن بالساحل الشمالي وأراضي الأقصر التي غنينا لها يوما "الأقصر بلدنا".. ونغني لها غدا "الأقصر بلدهم"!.
لا شك أن تزييف الحقائق واللعب بالألفاظ يحتاج لكلام كثير وجهد كبير وخبرة طويلة مارسها على رأس عم عبد العزيز كل هؤلاء الذين يريدون الأرض لمشاريعهم الاستثمارية، فالمشاريع السياحية لا تكون على حساب تشريد البشر وتحويلهم إلى لاجئين في الصحراء وحرمانهم من أرض عاشوا عليها وولدوا بها هم وآباؤهم وأجدادهم، وهل يعقل ألا تتحقق التنمية والتي عنها يتكلمون إلا على أم رأس ساكني الأرض وأصحاب الحق فيها والتي منها يأكلون ويشربون ويعيشون.
بالغوا وأطنبوا في تصوير أن هذه الأرض لا فائدة من ورائها وأن تركها لزارعيها هو أم الشرور لأن الأرض بور ولا خصوبة فيها وأنه من الأفضل استغلالها لصالح أصحاب رؤوس الأموال الذين يتصادف أنهم أيضا أصحاب البلد كلها بأرضها وناسها وعيالها وما عليها. وما أبلغ ردك يا عم عبد العزيز، كيس صغير أتيت به معك، به ثلاث حبات مانجو من حقلك، زي العسل وأحلي هي ثمار أرض المريس في عز الشتا. ثلاث حبات مانجو من الأرض التي يريدون تبويرها وضعتها بذكائك الفطري ونقائك العبقري أمام أعين هؤلاء المتحذلقين وأمام كاميرا القناة الفضائية لتفحم بها الكل.
الحقيقة لا تحتاج حقا لجهد أما تزييفها فهو الذي يحتاج للملايين -كما جاء على لسان المسئول الكبير- التي أنفقت على لجان وخبراء أجانب لتبرير اغتصاب أراضي الغير. ولحسن الحظ أنه لا يزال في هذا البلد من يدافع عن الحق وسوف يقفون للدفاع عن أرض المريس بكل قوة. فالجهد المبذول لتزييف الحقيقة على ضخامته سيكون هو الجهد الأقل، أما الجهد الأكبر فسيقابل هؤلاء إذا ما تجرؤا بالفعل على حقوق أهل هذه الأرض.. أرض المريس، فسنقف كدروع بشرية بأجسادنا. ربنا يبارك لك يا عم عبد العزيز لأنك علمتنا أن الصدق مش منجة وبس.. لأ وتين وبلح كمان.
اقرأ أيضاً:
المايلة لسه نقدر نعدلها/ شجرة بثينة