لا أحد يشك في جدية أو وطنية أو قدرات أستاذنا الجليل صاحب الاقتراح الذي أثار كل هذا الجدل قبولاً ورفضاً وتعقيباً، من أول التفكير الجاد في أساليب التنفيذ الممكنة، حتى اعتباره "فتنة هيكل"، وحين حاولت أن أشارك في إبداء الرأي، رجعت إلى صاحب الفضل "جوجل" أتذكر من خلاله بعض ما كان من مثل ذلك وعايشته بوعي كامل وأنا بعد طالب في كلية الطب (1954)، فلاحَ لي وجه شبه، جعلني أتصور أن الأستاذ القدير هيكل يعيد نصاي قديماً (سكريبت) عمره أكثر من نصف قرن، وكتبت في ذلك تعتعة الأسبوع الماضي بتصور خيالي لتكرار نفس السكريبت، وقد بدت تلك التعتعة للبعض أقرب إلى السخرية، وأنا أعترف وأعتذر لأن هذا ليس وقت أو مجال السخرية، أنا فعلاً تبينت الشبه بين ما عشته وتابعته من أحاديث وتفاسير واقتراحات هذا الأستاذ المعلم القدير حوالي نصف قرن، وبين ما جاء في حديثه مؤخراً، فقد كنت –أو كنا- نستنتج توجهات الدولة من خلال تلميحاته وتصريحاته واقتراحاته وتبريراته، وهاهو يعود –أطال الله عمره– يقول ويقترح ويأمل بما تيسر، فهل من جديد؟.
بصراحة، اكتشفت، مثل غيري (الأستاذ صلاح مننتصر مثلاً)، ثبات طريقة التفكير التي أفرزت مقترحاته مؤخراً، وكأنها هي هي التي صبغت خطوات وتحركات ومبادرات وتراجعات مجلس قيادة الثورة، خاصة في السنوات الأولى، فكانت تعتعة الأسبوع الماضي.
من أهم ما نوقش في هذا الجدل المحتدم كان مراجعة الأسماء المطروحة لهذا المجلس المُقترح، ومدى علاقتها بما هو "سياسة" على وجه التحديد، علماً بأن الأستاذ أقر في حديثه أن مفاهيم وحركية وحقيقة ما هو "سياسة" أصبحت غائبة عن الوعي العام أكثر من أي وقت مضى، وأنا أوافقه تماماً، برغم كل هذا الاحتقان، وكل هذا الكلام الكثير العالي النبرة، من الجانبين(المؤايدة، والمعارضة) الذي يستعمل ألفاظاً سياسية جداً لا تتناسب مع همود وضيق فرص ما هو فعل سياسي ماثل قادر.
تصورت أن على الأستاذ أن يشرح لنا مدى علاقة الأسماء التي اقترحها بما هو سياسة، فأنا أعرف بعضهم، وأتابع آخرين، وأحترمهم جميعاً، ومع ذلك فقد بدت لي المهمة غامضة، والمسؤولية عائمة، والنتيجة غائمة، والتأجيل وارد، وعموم الناس الحقيقيين أصحاب المصلحة مهمشين، مع أن الحديث كله باسمهم، ومن أجلهم (من فضلك: دع جانباً مسألة الاستفتاء الآن!).
أقر وأعترف أنني شخصياً لا أفهم كثيراً في السياسة، ولم أمارس منها إلا حقي في الانتخاب الذي لم أستعمله إلا نادراً، وكان أغلب استعمالي له لأسباب غير سياسية!!..(مثلاً: انتخبت قريباً لي، لأنه قريبي، وهو –مثلي- ليس له في السياسة، ولم ينجح والحمد لله)، خشيتُ أن يكون اختيار الأستاذ لأعضاء مجلس الأمناء مثل اختيار السلطة للوزراء، بناء عن تميزهم في تخصصهم الأكاديمي، أو سماتهم الخلقية، أو اتصالاتهم الشللية، دون النظر لحنكتهم السياسية ومدى استيعابهم لوعي عموم الناس، أو امتزاجهم –فعلاً وواقعاً- بنبض آلامهم وغياب حقوقهم ومساحة أحلامهم ودلالة آمالهم.
ليكن، ولنحترم كل ما كان ونحن نقر بحسن النية بداهة، وليدلِ كل بدلوه، فتلفتُّ حولي وداخلي، فخيل إليّ أن هناك من يمكنه أن يمثل وعي ناسنا أقرب، وأبسط، وأهم، دون أن يرد اسمه على ألسنة عامة الناس، أو الصحافة، كمرشح للرئاسة، ودون أن يحصل على جوائز عالمية أو ينجز عمليات جراحية، وقلت أدعو من يهمه الأمر أن يرشح أسماء أخرى بديلة، أو مضافة.
وبدأت بنفسي، وهأنذا أقترح "مجلس ظل"، يمثل عندي المرحلة الراهنة للوعي المصري، كبديل عن مجلس أمناء الأستاذ، تماماً مثلما يحدث في الحكومات العريقة في الديمقراطية، حينما يشكل الحزب المعارض (خاصة إذا كان منافساً حقيقياً) ما يسمى "حكومة الظل"، تقوم بدراسة تفصيلية لكل مهام الدولة، وتجهز لها الحلول والاقتراحات البديلة أولاً بأول.. إلخ، وفيما يلي أسماء "مجلس ظل" أمناء الدولة والدستور كما خطر لي:
1- د. بطرس بطرس غالي (عمنا الكبير).
2- أ. محمد حسنين هيكل.
3- م. نجيب ساويرس.
4- أ. محمود سعد.
5- أ. فهمي هويدي.
6- د. لميس جابر.
7- أ. سعد هجرس.
8- أ. علاء حسني مبارك.
9- أ. شعبان عبد الرّحيم.
10- د. عصام العريان.
11- أ. حسين فهمي.
12- د.يحيى الرخاوي
وبعد
أنا لست ملزماً –بدوري- بتقديم مبررات اختياراتي هذه، ثم إني أضفت اسمي في آخر لحظة رغماً عني! لسببٍ ما.
نشرت في الدستور بتاريخ 11-11-2009
اقرأ أيضا:
أخيراً السماح بتكوين الأحزاب، وإلغاء الأحكام العرفية! / اقتراح: إلغاء المدارس، ومنح بدل نقدي للتعليم!!! / هل أنت سياسي؟ يعني ماذا؟